توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«تسويق الدول»!

  مصر اليوم -

«تسويق الدول»

بقلم: حسين شبكشي

لا يزال الحديث متواصلاً عن حجم التكلفة المالية التي تحمّلتها دولة قطر جراء تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم الأخيرة، وما إذا كانت تلك المبالغ مجدية اقتصادياً. ولعل التعليق اللافت على هذا الاستفسار كان الذي قدمه أحد خبراء التسويق في مقابلة مع إحدى القنوات الإخبارية الفضائية حينما قال، إنه من الممكن اعتبار ما تم صرفه هو لأجل تنفيذ مادة إعلانية استثنائية للترويج لقطر لمدة شهر وبشكل مركز ومكثف لا يفرق بذلك عما تقوم به كبرى الشركات المتعددة الجنسية للترويج عن سلعاتها ومنتجاتها وخدماتها حول العالم وعلى مدار العام. أما بخصوص جدوى التكلفة، فتبقى وحدها دولة قطر الأقدر على الإجابة عن هذا الاستفسار؛ لأنها الوحيدة الأعلم بأهدافها الاستراتيجية من وراء هذه الحملة.
وتسويق الدول ليس بالمسألة الجديدة أبداً، فهناك العديد من الدول التي تلجأ وتتبع أساليب ووسائل تقليدية وغير تقليدية لإبراز اسمها وتسويق نفسها كعلامة فارقة ومميزة على الساحة الدولية، وذلك باستخدام القوى الناعمة في معظم الأحيان والقوى الخشنة لو اضطرها الأمر في أحيان أخرى. وذلك بسبب التنافس المحموم الحاصل بين معظم الدول التي تسعى لأن تكون إحدى أهم نقاط الجذب للشراكات الاستثمارية أو أحد أبرز المقاصد السياحية العالمية.
ولعل أبرز وأهم من كتب بشكل معمّق ورصين هو الكاتب الأميركي المعروف وجهبذ الإدارة والتسويق فيليب كوتلر، وذلك من خلال كتابه المهم الذي يحمل عنواناً ذاتي الشرح هو «تسويق الأمم» الذي ربط فيه بشكل مدهش ومفيد السياسات الاقتصادية الدقيقة للدول بالتصرفات الدقيقة للشركات والمؤسسات والمستهلكين في هذه الدول؛ بداية من التفكير الاستراتيجي وصولاً إلى تحقيق الرخاء والثروة الوطنية.
ويقدم المثال تلو الآخر من تجارب اليابان والنمور الآسيوية والهند والصين وجنوب شرقي آسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية بحيث يظهر فيها كيف أن تنفيذيي الشركات وواضعي استراتيجياتها وصانعي سياسات الحكومات ومخططيها من الممكن أن يحددوا الطرق الأنسب التي ستحقق النمو الاقتصادي في ظل ظروف الأسواق الدولية.
وتسويق الأمم والدول والشعوب يأخذ أشكالاً مختلفة؛ منها أن تكون الدولة المعنية منظّمة لحدث رياضي كبير أو مناسبة فنية أو مؤتمر في غاية الأهمية أو معرض هائل، فتحظى الدولة بتغطية إعلامية للحدث وينتقل الخبر من شخص إلى آخر بسرعة البرق مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي وتقنية المعلومات الحديثة، وتزداد أهمية مع وجود قصص إيجابية جانبية خلال الحدث. وهناك دول تلجأ إلى استغلال كل فرصة ومناسبة لتذكير العالم بتميزها حتى ولو كان على حساب مأساة وزهق أرواح الناس، مثلما فعلت الولايات المتحدة خلال ذروة انتشار وباء «كوفيد - 19»، وذلك من خلال استغلال الفرصة لتذكير العالم بأنها الدولة الأكثر تقدماً علمياً وصحياً بدليل لقاحها الأكثر تأثيراً «فايزر» مقارنة بلقاحات الدول الأخرى مثل الصين، وروسيا، وكوبا، والهند وبريطانيا.
وهناك أمثلة الدول الاستعمارية الكبرى التي وبكل عنجهية تعرض في متاحفها الوطنية الكبرى ما سرقته من آثار قيّمة من مستعمراتها السابقة على أنها «كنوز وطنية لا يمكن التفريط فيها»، وكل ذلك يدخل في ضمن دائرة المبرر والمباح لأجل غاية تسويق الدول، مع عدم إغفال أو إنكار ما تقوم به إسرائيل بالاعتداء على أطباق عربية وفلسطينية ومنسوجات وملبوسات وأزياء ونسبها كذباً وزوراً وبهتاناً إلى إسرائيل لإيجاد مبررات واهية وجديدة للاستمرار في الترويج والتسويق لنفسها أمام العالم.
مع تحسن معدلات النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة والدول النامية يصبح من البديهي والمتوقع أن يزداد الطموح ويرتفع سقف التوقعات المرجوة للحصول على حصة أكبر وفرص أكثر من كعكة العالم الاقتصادي في ظل منافسات أقل ما يمكن أن توصف به هو الساخنة والمحمومة، وعليه سيكون طبيعياً جداً أن نشهد المزيد من الطرق والأساليب، المبتكرة والمذهلة أحياناً والصادمة أحيانا أخرى، لترويج وتسويق الدول سواء لأجل تحسين سمعتها أو تغيير صورتها أو إعادة تموضعها في خانة جديدة لها بعيدة تماما عن الصورة النمطية العالقة في الاذهان لها.
تسويق وترويج الدول أهم وأخطر من عمل الشيء نفسه بالنسبة للمؤسسات والشركات؛ لأن الآثار التراكمية الناتجة تبقى أكبر وأكثر تأثيراً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تسويق الدول» «تسويق الدول»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon