بقلم: حسين شبكشي
هناك بعض الكتاب الذين من الممكن أن يتم وصفهم بالكبار والمختلفين، لأن لديهم القدرة والبصيرة أن يروا ما لا يراه الآخرون، وذلك بأسلوبهم العلمي في استقراء ما هو آت من مؤثرات وتأثيرات مختلفة.
كتاب عمالقة مثل ألفين طوفلر وجون ناسبيت. واليوم هناك كاتب لا يلقى القدر الكافي من الاهتمام والمتابعة إلا في دوائر النخبة، ولكنه حتماً بات اسمه في صدارة الكتاب المؤثرين في قراءة الأوضاع التقنية والطاقة والمناخ والاقتصاد. الكاتب الذي أعنيه هذا هو فاسلاف سميل، وهو كاتب كندي من أصول تشيكية، له أكثر من 40 مؤلفاً في غاية الأهمية، وهو بروفسور شرفي في جامعة ميناتوبا في كندا، وهو الكاتب المفضل لرجل الأعمال الأميركي الأشهر بيل غيتس، ووصفه بقوله لا يوجد كاتب آخر أتطلع لكتبه أكثر من فاسلاف سميل. وله مجموعة شديدة الأهمية المواضيع والعناوين التي تطرق إليها مثل «الطاقة والحضارة» و«الطاقة». وفي عام 2010 اختير من قبل مجلة «فورين بوليسي» الرصينة واحداً من أهم مائة مفكر في العالم. وآخر إصداراته اللافتة، الذي قامت جامعة «إم آي تي» العريقة بنشره هو كتاب «النمو»، إذ يثير الكاتب، وبشكل مبهرٍ، تعلق الجنس البشري بفكرة النمو، سواءً نمو الناتج القومي، أو نمو السكان، أو نمو المدن، أو نمو معدلات الخلايا السرطانية، أو معدلات نمو الأطفال، وغير ذلك من الأسئلة المتنوعة والمختلفة، لتأكيد هوس الناس، بشكل إرادي، وغير إرادي، بفكرة «النمو»، ثم يربط ذلك تاريخياً بنمو الحضارات والثقافات والإمبراطوريات، ويتحدى فاسلاف سميل الأسلوب التقليدي لقياس النمو، وبالتالي التوصل إلى أساليب أكثر فعالية لإدارة الموارد الطبيعية وتكوين اقتصادي أكثر مسؤولية.
الكتاب غير تقليدي في طرحه، وهو يقدم وجهة نظر جدلية هي أن النمو والهوس كان لهما آثار كارثية على البشرية. فالمطاردة المستمرة لتنمية الأصول الحيوانية كالأبقار والخرفان والدجاج، والاهتمام بزيادة ونمو أوزانها، أدى إلى زيادة الضغط على المياه والحبوب الغذائية لتحقيق هذا الهدف المنشود.
النمو مسألة من الطبيعي أن ينشدها الإنسان، ولكن السعي المحموم لإنجاز النمو المضاعف، بلا أي سقف مسؤول، ولا حدود أخلاقية، ويختم الكاتب فكرته باقتراح صادم، وهو أنه لأجل ضمان الاستمرار على حياة مستقرة على الكوكب يجب مغادرة فكرة أولوية «النمو»، أي التخلي عن هذا الطرح تماماً. الأفكار المختلفة مهما كانت صادمة أو مدهشة هي التي تحرك المياه الراكدة، وتدفع إلى التفكير وبدء مرحلة التغيير والتطوير. فاسلاف سميل ينضم إلى سلسلة مهمة من الكتاب «المختلفين» الذين لديهم قدرة التفكير بصورة بعيدة المدى والأثر.