بقلم - حسين شبكشي
انطلقت جولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الآسيوية التي من المتوقع أن تتضمن باكستان والهند والصين.
وهذه الجولة في غاية الأهمية، كما أن لها أبعاداً سياسية واقتصادية تشكل مستقبلاً ليس للقارة فحسب، ولكن للعالم بأسره. المحطة الأولى باكستان، تأتي زيارتها ضمن تكريس علاقة قوية مع دولة لها علاقة تاريخية مع السعودية، وبينهما تنسيق سياسي وعسكري وأمني. وباكستان تواجه تحديات تنموية واقتصادية هائلة، فهناك حكومة جديدة جاءت بطموح كبير لمواجهة نفوذ القبائل والعشائر في أقاليم باكستان، وهي أيضاً جزء مهم جداً من البرنامج الاستثماري «الحزام الواحد»، الذي أطلقته الصين وتدعمه السعودية، وباكستان تنظر إلى فرص النمو الاقتصادي الذي من الممكن أن تستفيد منها. وهي تقع جغرافياً بين الصين والهند اللذين يقودان اقتصاد آسيا، ومن أهم الدول الاقتصادية حول العالم.
السعودية لديها اهتمام استثماري في توسيع مصافي تكرير نفطها في دول محورية ذات كثافة سكانية حول العالم، عبر الاستثمار المباشر في شراء مصافٍ فيها، مثلما فعلت من قبل في الفلبين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية واليابان، وذلك لتعزيز مكانة منتجاتها في الأسواق المتنامية.
الزيارة التالية ستكون للهند، وهي زيارة في منتهى الأهمية. فالعلاقات تقليدياً مع الهند كانت رسمية في أفضل حالاتها، إلا أنه اليوم ومع التوجه الجديد للسياسة السعودية لا يمكن أن تعامل الهند بالأسلوب القديم، فالهند اقتصاد قوي سيحقق هذا العام نسبة نمو تبلغ 7.3 في المائة، وهي الأعلى في العالم. فمن المتوقع أن يتجاوز الاقتصاد الهندي هذا العام الاقتصاد الألماني، ليصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم، مع توقع أن تجتاز الهند الصين لتصبح أكبر دول العالم من ناحية تعداد السكان في غضون سنوات بسيطة.
والهند كونت مجموعة مهمة جداً من الشركات العملاقة مثل: «تاتا» و«ريلانيس» و«انفوسيس» و«باجاج» و«غودريدج» التي نجحت في الانتشار والتصدير حول العالم، بل وفي استحواذ شركات عملاقة، كما فعلت «تاتا» مع جاكوار ولاندروفر، وكما فعلت «ميتال للصلب» في استحواذها على أهم مصانع الحديد والصلب في القارة الأوروبية، أو كما فعلت مجموعة «هيندوجا» عندما استحوذت على زيوت «قلف». والهند التي بات اقتصادها أكبر من فرنسا وبريطانيا، ومع زيادة أهمية موقعها عالمياً ارتفعت المطالب بضرورة أن يكون لها مقعد دائم في مجلس الأمن، والهند تحولت إلى دولة عظمى ومؤثرة.
الملايين من مواطنيها في المهجر حول العالم، قصص نجاحهم تتواتر، والكثيرون منهم يقودون أهم الشركات الكبرى، وبالتالي تأتي هذه الزيارة التي جاءت نتاج دعوة ودية تلقاها الأمير محمد بن سلمان من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال لقائهما ضمن فعاليات قمة الأرجنتين الأخيرة في الأرجنتين، ورئيس الوزراء الهندي مودي، يوصف بأنه سياسي صديق لبيئة الأعمال، مما يعني أن البلدين مهيئان للعلاقة الاستراتيجية المتوقعة أن تعود بالفائدة المستدامة على البلدين. فكما للسعودية إمكانية الاستثمار والاستفادة من الفرص الاقتصادية بالهند، فالقطاع الخاص بالهند تواق للفرص الاستثمارية التي من الممكن أن تقدم له بالسعودية.
والمحطة الثالثة هي الصين، وهي لترسيخ ما تم بناؤه وتنفيذه، فالعلاقة الاقتصادية متنامية مع الصين، وهي من أهم المستثمرين في مدينة جازان الاقتصادية مع أرامكو، بالإضافة إلى مشاريع أخرى معروفة، ولذلك سيكون أحد أهم أحداث هذه الزيارة هو توسيع قاعدة الشراكة في أحجام المشاريع، وكذلك في نوعية القطاعات المستهدفة.
جولة الأمير محمد بن سلمان تكرس الحقبة الآسيوية في التوجه الخارجي للسياسة الاقتصادية السعودية، وهي تأتي نتاج واقعية سياسية وقراءة للتغيرات الحاصلة في أسواق العالم.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع