توقيت القاهرة المحلي 04:41:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«يورو آسيا»... تذكروا هذا الاسم جيداً!

  مصر اليوم -

«يورو آسيا» تذكروا هذا الاسم جيداً

بقلم - حسين شبكشي

هل الجغرافيا تتحكم في صناعة التاريخ؟ أم أن التاريخ يصنع الجغرافيا؟ سؤال محوري ومهم ولافت. في أوج عز الإمبراطورية الإسبانية قامت بتمويل الرحالة والمستكشف البحري كريستوفر كولومبوس، الذي كان يروّج أمام التاج الإسباني بأنه «سيكتشف» طريقاً عكسية جديدة للوصول إلى قلب الاقتصاد العالمي وقتها الهند، ولكن هذه المغامرة قادته للوصول إلى أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية، ما اضطره إلى تسمية سكانها الأصليين بالهنود الحمر. وانتفضت البرتغال غيرة، وهي التي كانت لديها إمبراطورية تنافس الإمبراطورية الإسبانية، وقامت بتمويل حملة البحار الشهير فاسكو دي غاما، الذي وصل إلى الهند عن طريق رأس الرجاء الصالح بشكل جديد بعد رحلة كولومبوس بخمس سنوات.
اليوم هناك تاريخ جديد تصنعه الجغرافيا. منطقة جغرافية جديدة تتشكل سياسياً بعوامل دفع اقتصادية بحتة، منطقة يطلق عليها اسم: يورو آسيا. وهي منطقة تشمل مناطق آسيوية وأوروبية. في العهد الاستعماري السابق كانت أوروبا تنظر بدونية للمنطقة الآسيوية، وتعتبر سكانها متخلفين وجهلة وغير قابلين للتغيير، وعلى العكس، كانت أوروبا نفسها رائدة في الفكر الحر والحقوق والإبداع، ما أعطاها الحق والتبرير لنفسها أن تستعمر دول آسيا وغيرها من مناطق العالم. 
لفترة طويلة، كان تطور آسيا مرتبطاً بتقليدها الغرب في كل شيء، سواء من باب الإعجاب أو العجز أو الانتقام أو كل هذه الأسباب مجتمعة. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت التحولات الاقتصادية التي شهدتها القارة الآسيوية مرتبطة باحتياجات أسواق الغرب، وبالتالي نمو الطلب فيها. ولكن اليوم شيء ما يحصل، شيء مهم ومختلف جداً. التحديث الذي جاءت به أوروبا ذات يوم إلى آسيا، دارت الأيام لتقوم القارة العجوز باستيراده من آسيا.
المنطقة «اليورو آسيوية» مليئة بالاتصالات الحديثة والألياف البصرية بآلاف الأميال، والأنابيب والطرق والأنفاق والجسور والمطارات والقطارات السريعة والموانئ والمناطق الصناعية التي تربط جميعها الشرق بالغرب. ويقود هذا الحراك الجديد الصين وروسيا والهند ودول أخرى. كل المباني والمدن الجديدة المبهرة في منطقة «يورو آسيا» التي تنطلق من الصحاري والبراري وكل هذه المطارات والموانئ على ضفاف المحيطين الهندي والهادي، يجب ألا يكون مفاجئاً لكل من درس الرأسمالية والتنمية، ولكن محللي تاريخ الحضارات الغربية كانوا يتوقعون أن تتبنى هذه الدول الجديدة القيم والحقوق والحريات الغربية تماماً مثل تبنيها الرأسمالية، وهذا لم يحدث.
ويقود هذا الحراك الآن الصين بسبب نفوذها الاقتصادي المتزايد، وأطلقت هي تحديداً مشروعها العظيم حجماً، المعروف باسم «الحزام الواحد الطريق الواحدة» الذي يتبني فكرة قديمة في الحكمة الصينية مفادها واسمها «تيانكسيا» وهي تترجم إلى «كل شيء تحت السماء» بالمعنى الشمولي للكلمة، ووضّح ذلك الأمر أكثر الرئيس الصيني شي جينبينغ حينما قال: «نسعى إلى مجتمع واحد لمستقبل مشترك للإنسانية». وكان الرد الأميركي على هذا الحراك محدوداً على لسان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي أطلق مبادرة «طريق الحرير الجديدة» ببرامج وضع لها ميزانية بمبلغ هزيل جداً، وهو 112 مليون دولار، ما يعني أن الموضوع لم «يختمر» كاملاً عند الأميركان حتى الآن لرد حقيقي.
في كتابه الجديد والقيّم بعنوان «طريق الحرير الجديدة» يفند المؤلف بيتر فرانكوبان، ويوضح أن مركز الثقل العالمي الجديد انتقلت بوصلته شرقاً. «يورو آسيا» تذكروا هذا الاسم جيداً، إنها منطقة النفوذ الجديدة للسنوات المقبلة، ومنطقة الصراعات الجديدة والمنافسات القاتلة.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع  

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«يورو آسيا» تذكروا هذا الاسم جيداً «يورو آسيا» تذكروا هذا الاسم جيداً



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon