توقيت القاهرة المحلي 05:05:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«إسرائيل وتحطم المعبد»!

  مصر اليوم -

«إسرائيل وتحطم المعبد»

بقلم - حسين شبكشي

 

أكثر من عشرين يوماً والآلة العسكرية الإسرائيلية تواصل قصفها وإبادتها الإجرامية بحق المدنيين الأبرياء العزل في قطاع غزة، ومع الفارق المهول في الإمكانات والعدة والعتاد لمصلحة الجيش الإسرائيلي، فإن الواقع على الأرض يؤكد غير ذلك.

هناك انقسام واضح جداً بين الأفرع الاستخباراتية الأساسية في إسرائيل فيما يتعلق بقرار الدخول البري للجيش الإسرائيلي إلى غزة. فبعد الإخفاق المخجل والفضائحي بحق أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية: «الموساد» و«أمان» و«شين بيت» التي لم تستطع توقع ما حصل يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) والعمل العسكري من الفصائل الفلسطينية، أصبح الموقف أكثر توتراً وأحدث انقساماً حاداً في الرأي بين الأفرع؛ فهناك من يرى الاستمرار على سياسة القصف الجوي فقط، وهناك من يرى ضرورة الدخول البري.

وهذا المشهد انتقل برمته إلى رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي غرد متهماً الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية بالإخفاق الشديد، وسرعان ما سحب تغريدته واعتذر عنها بعد عاصفة شديدة جداً من النقد والتوبيخ. مظاهرات إسرائيلية ضد نتنياهو تطالبه بالاستقالة وتتهمه بالفشل الذريع. جيش إسرائيلي خائف وقلق ومتوتر يستعين بالعدة والعتاد من حلفائه لمواجهة مجموعة مسلحة في قطاع سكني. قُهِرَ الجيش الذي لا يُقهر.

فقد الجيش الإسرائيلي المتغطرس هيبته وقيمته، سقطت الأسطورة وتبخرت السمعة التي عملت إسرائيل على تكريسها بحق جيشها واستخباراتها لأكثر من سبعة عقود.

فقدت إسرائيل قدرتها على السيطرة على السردية المتعلقة برواية وتفاصيل وصور ما يحصل على الأرض، وهي التي كانت تتحكم إعلامياً فيما يخرج من معلومات من أرض المعركة للعالم؛ فيظهر بشكل لا يضرها على نشرات الأخبار الرئيسية أو على صفحات الصحف الكبرى في الغرب عموماً، ولكن هذا كان بالأمس؛ فاليوم باتت سيطرة تطبيق مثل «تيك توك» على المشهد الإخباري على منصات التواصل الاجتماعي مسألة لا يمكن إنكارها، وهو تطبيق غير خاضع للرقابة التعسفية مثل «فيسبوك» و«إنستغرام»، وبالتالي أصبحت هناك سردية شعبية عالمية لحقيقة ما يحصل في غزة، وهي سردية مخالفة تماماً لما تقوله إسرائيل. وهو الذي كان السبب المباشر ليقظة الناس وخروجهم بأعداد مهولة حول العالم في مسيرات مؤيدة لفلسطين.

وبمعنى أوضح وأدق، هناك جيل جديد حول العالم، وتحديداً في الغرب منه، يكون رأيه بشكل مستقل ومحايد وغير موجه، رأي مغاير تماماً للرواية الإسرائيلية المعتمدة على ضعفها ومظلوميتها والتي تدر استعطاف الغرب ودموعه وأمواله، ولن يكون بالإمكان مواجهة هذا الرأي العام العالمي الجديد الذي يتشكل بسرعة وبقوة بديباجات تهم معاداة السامية المعتادة ولا بدعم الإرهاب... وغيرها من الشعارات المعلّبة سلفاً.

تخبط بنيامين نتنياهو الواضح في إدارته للمشهد المضطرب في إسرائيل سيعجّل بالقضاء عليه سياسياً، وهو الذي يفسر لجوءه اليائس للاستعانة بخطاب توراتي أصولي متشنج ليثير حماسة الدعم والتأييد من أعضاء كتلته اليمينية الأصولية المتطرفة، بالإضافة إلى اليمين المسيحي الصهيوني الإنجيلي في الغرب.

إذا ما قامت إسرائيل بإجراء «جرد» دقيق وعميق وموضوعي لنتائج ما بعد 7 أكتوبر حتى اليوم، ستجد أنها خسرت بامتياز معركة الانطباع (perception) في ساحات العلاقات العامة، وفقدت إسرائيل قيمة كبرى كعلامة ثقة ومهنية واحترافية فيما يخص آلتها العسكرية والاستخباراتية التي كانت تروج لها أنها بمستوى مثيلاتها في دول الغرب الكبرى ليتبين أنها أشبه بدول العالم الثالث، وخصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أن قوات المشاة وسلاح المدرعات والدبابات في الجيش الإسرائيلي لم يتم اختبارها منذ غزو لبنان في عام 1982، مما يعني عملياً أنها خارج الخدمة، وهذا يفسر سبب عدم الإقدام على العملية البرية في غزة بسبب فقدان القيادة السياسية والاستخباراتية في قدرات الجيش فعلياً وإمكانات تفوقه عسكرياً.

تحطم معبد أسطورة إسرائيل المبني على كونها قوة لا تُقهر، فإسرائيل تحارب لأجل معركة خاسرة. ليس لكونها لا تملك الآلة العسكرية ولا الثراء المطلوب ولا العلاقات الدبلوماسية الفعالة والمؤثرة، ولكن لأن أهداف حربها مبنية على سياسات فاشلة، وعلى فكرة جعل الفلسطينيين لا قيمة لهم وغير آدميين وغير مرئيين للعالم، وهذه أهداف لا يمكن لأي عملية عسكرية أن تنجح في تحقيقها.

حتى لو كسبت إسرائيل هذه الجولة من المعركة، فإنها حتماً خسرت الحرب، وخصوصاً أن الانقسام الذي أدى إلى تأكّل الشارع السياسي فيها ينتقل كالسرطان داخل أجسام أجهزة الجيش والاستخبارات بشكل غير مسبوق في تاريخها، مما ساهم في هزيمتها قبل أن تقاتل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إسرائيل وتحطم المعبد» «إسرائيل وتحطم المعبد»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon