توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شركة وقيم متغيرة!

  مصر اليوم -

شركة وقيم متغيرة

بقلم: حسين شبكشي

منذ سنوات مضت كنت في حديث ساخن مع أحد الأكاديميين النافذين والمعروفين في الغرب عن الفروقات القيمية بين الشرق والغرب. كانت وجهة نظره التي انطلق منها الرجل هي أن للغرب الجدارة المستحقة في أن يرسم الخط القيمي للأمم، باعتباره أول من يعيش أي تجربة حداثية ويدفع ثمن التجربة.
قلت له إن الغرب تمكن عبر تقديم العلم واحترام رغبات الناس من إيجاد منظومة فعالة ومؤثرة ولا شك... وكان محدثي القادم من صرح جامعي كبير في الولايات المتحدة يعدّد مآثر القيم الغربية بإسهاب، فقاطعته قائلاً: أوافقك على ما ذكرت، ولكنّ هناك قيماً غير مفهومة عند الأمم والشعوب الأخرى، مثل أن تكون قيمة حرية حيازة السلاح واستخدامه تتفوق على قيمة الحفاظ على حياة البشر، وهي مسألة تؤكدها الإحصائيات المؤلمة المتعلقة بعدد ضحايا عمليات القتل المسلح في مختلف الولايات وبشكل يومي هستيري. وليس سراً أن أهم الحلول التي من الممكن أن تقضي على هذه الظاهرة هو نظام صارم يمنع حيازة السلاح تماماً كما حصل في معظم دول العالم الصناعية، وتوقفت معها ظواهر العنف المسلح في تلك المجتمعات بشكل شبه كامل.
هذا النوع من التناقض في القيم والأولويات سيبقى محيراً لي وأعتقد لكثيرين غيري. تذكرت هذا الحوار مع الحالة المصاحبة لدعم وترويج لفكرة قبول وحماية حقوق المثليين حول العالم وتبني وزارة خارجية القوة الأكبر في العالم لهذا الخطاب، بالإضافة إلى عدد غير بسيط من أباطرة عالم الأعمال والشركات الكبرى ونجوم الفن والرياضة. وهذا الخطاب الترويجي يلقى مقاومة مهمة جداً من مجتمعات مختلفة حول العالم لأسباب دينية ومجتمعية تبدو لهؤلاء بديهية ومفهومة.
ويتصدر مشهد الدفاع عن خطاب الترويج لحقوق المثليين على مستوى شركات الأعمال الكبرى، عملاق الإنتاج والترفيه شركة ديزني.
هذه الشركة اليوم تغيرت كثيراً عن الكيان الرقيق الذي أسسه والت ديزني ابن المهاجرين الفرنسيين القادمين من المدينة الصغيرة «إيزني» بمقاطعة نورماندي الذي كان معروفاً بخجله الشديد ومحافظته المتشددة، ووجهت له اتهامات بالعنصرية ومعاداة السامية، ومع ذلك استمر حتى وفاته حالماً ومبتكراً لأجل «الترفيه المحافظ على قيم الأسرة» بحسب ما كان يصرح به دائماً.
وهناك كتاب رائع يفند ما حدث لشركة ديزني والتحول الكبير في أهدافها وقيمها وتوجهاتها بعنوان «الفأر الذي زأر» من تأليف هنري جيرو وغريس بولوك، يتمحور حول كيف أصبح الآباء والأمهات والأطفال يتأثرون بما تقدمه «أقوى» شركة في العالم، بحسب وصفهما.
يقدم الكاتبان توصيفاً دقيقاً لاستراتيجية الشركة للسيطرة على الميديا العالمية وتكوين رغبات واحتياجات ومستقبل أطفال اليوم، بينما تختبئ الشركة خلف ستار البراءة والترفيه.
وتعهدت الشركة عبر كبار التنفيذيين فيها بأن تكون الشخصيات المثلية مكوناً رئيسياً في الأعمال الدرامية والاستعراضات التي تنتجها الشركة، وكذلك في مدن الملاهي التي تديرها حول العالم.
وكان لافتاً دخول شركة ديزني مؤخراً في مواجهة سياسية صريحة مع حاكم ولاية فلوريدا المحافظ رون ديسانتيس، الذي قدم قانوناً يفرض على المدارس عدم سؤال الأطفال عن ميولهم الجنسية، وهو القانون الذي اعترضت عليه شركة ديزني بشدة، وجنّدت آلتها الإعلامية المؤثرة في الولاية التي لها فيها تأثير اقتصادي مهول منحها «وضعاً خاصاً استثنائياً» فيما يتعلق بالضرائب والسماح بالبناء وقيود العمل. وموقف ديزني الأخير جعل حاكم ولاية فلوريدا يقوم بإلغاء جميع مزايا الوضع الخاص الاستثنائي الممنوح لها، الأمر الذي جعل من صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية الرصينة تصف ما حدث بـ«أن ديزني خسرت فلوريدا وأنها تواجه أقسى أزمة علاقات عامة منذ مائة عام».
منذ قرار شركة ديزني عام 1995 بتقديم التأمين الصحي، ضمن أولى الشركات التي تقوم بذلك الأمر وقتها، للشركاء المثليين العاملين بها، اعتبر هذا الأمر تحولاً جوهرياً في سياسة الشركة المحافظة.
شركة ديزني شركة غير تقليدية وتأثيرها كذلك، وبينما هي تروج لقيم تبنتها بعض الدول تبقى هذه القيم محل رفض من دول ومجتمعات أخرى بدعوى أن هذه القيم لا تناسبها وتتحفظ عن الترويج لها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شركة وقيم متغيرة شركة وقيم متغيرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon