توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفاجأة أكتوبر

  مصر اليوم -

مفاجأة أكتوبر

بقلم : حسين شبكشي

لو جئنا بفرنسيس فورد كوبولا أو كوينتن تارانتينو أو مارتين سكورسيزي، أهم مخرجي السينما في هوليوود، وطلبنا منهم تأليف وإخراج إثارة مثل الأسابيع الثلاثة الماضية في سباق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لما استطاعوا. مناظرة رئاسية تلفزيونية كارثية على الرئيس الحالي، فقدان ثقة بين أنصاره، بداية «انقلاب القصر» من الدائرة المقربة من أنصاره، محاولة اغتيال مريبة جداً على المرشح المتصدر دونالد ترمب كادت تودي بحياته، مؤتمر للحزب الجمهوري يعلن فيه ترمب عن مرشحه لمنصب نائب الرئيس فيأتي باختيار أكثر تشدداً وتطرفاً منه. وفي الرمق الأخير وبشكل مفاجئ يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي في خطاب مكتوب بطريقة غير تقليدية، وعلى موقع «إكس» دون ظهور متلفز ولا صوتي على الأقل، ويدعم ترشيح نائبته كامالا هاريس لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية، وتلقى هاريس تأييد الكثيرين من زعماء الديمقراطيين ما عدا أوباما وبيلوسي.

في داخل أروقة الحزب الجمهوري هناك حالة من القلق إزاء هذا التطور الأخير، فخطة اللعب والاستراتيجية الموضوعة كانت لمواجهة بايدن العجوز، ضعيف الذاكرة، فاقد التركيز، كبير السن. الآن بات ترمب هو المرشح الكبير السن وما يأتي مع هذا التوصيف من عيوب.

دائماً ما يعتقد محللو سباقات الرئاسة الأميركية وجود ما يوصف بـ«مفاجأة أكتوبر»؛ أي تحولات اللحظات الأخيرة قبل التصويت في نوفمبر (تشرين الثاني)، وعلى ما يبدو أن المفاجأة جاءت قبل موعدها هذه المرة بشهرين على أقل تقدير.

ولكن ثلاثة أشهر، وهي المدة المتبقية على موعد الانتخابات في نوفمبر، هي فترة طويلة وكافية جداً لمفاجآت أخرى غير متوقعة أبداً، أو ما عرف بتسميته بأثر «الوزة السوداء»، حدثٌ غير متوقع يغير المشهد بشكل عنيف ومؤثر.

ولكن الشيء اللافت والمهم في كافة هذه المشاهد هو انسحاب الرئيس الأميركي من الانتخابات، ومحاولة اغتيال رئيس أميركي سابق ومتصدر السباق الرئاسي، وحرب مستمرة في أوكرانيا أنهكت روسيا والغرب، وحرب تزداد اتساعاً في الشرق الأوسط، مع استمرار المذابح الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة، كل ذلك لم يؤثر أبداً على الاقتصاد العالمي، وهو الذي كان يهتز ويتأثر سلباً لأسباب أقل من ذلك بكثير.

كان الاقتصاد الدولي يعيش عملياً نظرية الأواني المستطرقة، ويقدم فعلياً ترجمة حرفية لنظرية «أثر الفراشة».

أسواق المال حول العالم لم تتأثر أبداً، العملات الرئيسية بقيت قوية، أسعار النفط لم تقفز إلى مستويات عليا قياسية.

النظام الاقتصادي العالمي القديم يتآكل ويتصدع. ما بني بعد الحرب العالمية الثانية من مؤسسات وأنظمة للحفاظ على استقرار العالم لم يعد مؤثراً. العقوبات الاقتصادية لم تعد مؤثرة مع العلم أنها تُطبق بأكثر من أربعة أضعاف ما كانت عليه في فترة التسعينات. حروب الدعم الاقتصادي على أشدها والسياسات الحمائية في أوْجها. الأمم المتحدة في أسوأ حالاتها. صندوق النقد الدولي يعيش حالة فقدان للهوية. منظمة التجارة الدولية بلغت ثلاثين عاماً ولكن لا أثر لوجودها على الساحة فعلياً.

النظام الاقتصادي العالمي القديم كان أساسه التوازن بين المصالح والمبادئ التي تنتمي للمعسكر الغربي، ولكن هذا لم يمنع أن دولاً فقيرة كثيرة حققت طفرات وزاد نموها وتحسنت أوضاعها، مثل تشيلي والهند والبرازيل وإندونيسيا وماليزيا. اليوم مع التغييرات الحادة الحاصلة في المشاهد السياسية الرئيسية، هناك اعتقاد خاطئ ومضلل أن اقتصاد العالم قادر على المواجهة والصمود أمام أي تقلبات عنيفة. وهذا غير صحيح أبداً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاجأة أكتوبر مفاجأة أكتوبر



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon