توقيت القاهرة المحلي 13:08:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الثلاثاء الكبير!

  مصر اليوم -

الثلاثاء الكبير

بقلم: حسين شبكشي

أميركا لا تغير أهدافها، ولكنها قد تغير طريقة اللعب والتكتيك المصاحب. لعل هذه الجملة الأهم في فهم توجه السياسات والتوجهات العامة لأميركا، والعالم يتابع بترقب وقلق كبيرين نتائج الانتخابات الأميركية لما لها من أثر متوقع على العالم، في مجالات عدة، أهمها، وفي سنة يسيطر عليها خبر جائحة «كوفيد - 19»، اعتماد لقاح فعال وناجع للتعامل مع الفيروس المقلق، فالعالم بات ينتظر اللقاح الأميركي كحل مطمئن للفيروس، وطبعاً ستكون على الطاولة مواضيع أخرى لا تقل أهمية، لعل أبرزها إعادة ضخ الدماء في جسم العالم الاقتصادي، الذي لا يزال يعتمد بشكل مباشر، وغير مباشر، على السوق الأميركية، وعلى سلعها وخدماتها.

يضاف للملف الاقتصادي سلسلة مهمة من الملفات المتشابكة، تخص الشأن السياسي تتعلق بأوروبا والصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية والشرق الأوسط.

هذه الانتخابات كشفت عن الكثير من المسائل المقلقة، لعل أهمها ازدياد حدة القطبية السياسية (political polarization) في الفضاء الإعلامي، حتى باتت التغطية الإخبارية تشبه رابطة مشجعي أندية كرة القدم المتعصبين المعروفة بـ«الألتراس». تغطية خالية تماماً من الموضوعية، وفي أحيان كثيرة هي أيضاً خالية من المنطق، وفيها حد كبير جداً من الاستخفاف والاستهزاء بعقلية المشاهد والمتلقي. ولكن اللافت في التغطية الإخبارية لهذه الانتخابات، خصوصاً في أيامها الأخيرة، هو كثرة الاستعانة بالقانونيين والخبراء الدستوريين، كضيوف للإجابة عن أسئلة افتراضية مختلفة تدور حول: «ماذا لو؟»... ماذا لو أعلن الرئيس ترمب فوزه قبل اكتمال فرز وعد الأصوات؟ أو رفض التسليم بالنتيجة وقبولها في حالة خسارته؟ وهي أسئلة منطقية، وقد تكون متوقعة جداً، نظراً لحدة الانقسام في أوساط الناخبين في المجتمع الأميركي. مع عدم إغفال الاحتمال المتزايد باللجوء للعنف المسلح، للتعبير عن الغضب بين أنصار المرشحين، وهذا تهديد جدي للغاية إذا ما تم الأخذ في عين الاعتبار حجم مبيعات السلاح المذهل وغير المسبوق في الشهور الست الماضية، والتهديدات العلنية التي تنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مخيف، مما اضطر بعض عمد المدن الكبرى إلى القيام بإجراءات استباقية واحترازية لحماية المواقع الحكومية الرئيسية، والمحال التجارية، خوفاً من العبث والحرق والتحطيم من قبل المجاميع الغاضبة. أيضاً لا يمكن إغفال فرضية التدخل السيبراني الخارجي، عن طريق دول مختلفة لها مصالح مهمة في فوز حليفها تماماً كما أثبتت لنا انتخابات 2016.

واقع الأمر أن الإعلام التلفزيوني ووكالة أنباء «الأسوشيتد برس» هم الذين «يعلنون» الفائز في كل ولاية بحساباتهم الممنهجة والمبنية على احتساب نسبة أرقام يعلن بعدها الفائز إعلامياً، إلا أن النتيجة الرسمية تأخذ وقتاً أطول قبل الإعلان الرسمي، ولا تعتمد إلا في شهر يناير (كانون الثاني). وبالتالي هذه القطبية الحادة في الساحة الإعلامية، ستنعكس على أداء المحللين للنتائج، وحتماً ستترك أثراً مهماً على مصداقية الأجهزة الإعلامية بمختلف أشكالها.

الانتخابات الأميركية الحالية لا تقتصر على الرئاسية، فهناك انتخابات مهمة تجري لبعض الأعضاء المؤثرين والمخضرمين في غرفتي الكونغرس بجزأيه النواب والشيوخ، نتائجها ستكون حتماً ذات تأثير بالغ الدلالة والأهمية في دوائر صناعة القرار السياسي بالمنظومة التشريعية من النظام الأميركي. سيراقب الناس نتائج الانتخابات في الولايات المتأرجحة التي تقع على الساحل الشرقي، تحديداً ولايات فلوريدا وجورجيا وبنسلفانيا، التي ستتحدد نتائجها مبكراً، وبالتالي من الممكن الحكم على اتجاه الريح لباقي الليلة.

الانتخابات الأميركية هم داخلي في المقام الأول، وهذه المرة شهدت الانتخابات إقبالاً قياسياً غير مسبوق تجاوز الـ93 مليوناً، مما يعني أن الرقم يمثل 45 في المائة من المسجلين للتصويت. سيلجأ كل فريق إلى النظام الانتخابي لصالحه، واستغلال الثغرات القانونية إلى أقصى درجة، ولكن في النهاية سيتم حسمها بالأصوات، ولا شيء غير الأصوات، سواء بالمحكمة الدستورية أو بدونها. أعقد انتخابات وأهم انتخابات، وأصعب انتخابات وأغلى انتخابات، هي الأوصاف التي تعبر عما يجري حالياً في أميركا. مع قراءة هذه السطور تكون الانتخابات، قد انتهى وقتها، والناس تحبس أنفاسها في ترقب النتيجة وكأنها تترقب المشهد الختامي لملحمة هوليوودية باهظة التكلفة.

بعد الانتخابات سيواجه المشرعون الأسئلة الصعبة؛ أسئلة تطرح اليوم لإعادة الثقة بالمنظومة الديمقراطية التي شابها المحسوبية والفساد، والمال السياسي، لأن هذا يشكل خطراً أهم من «الكوفيد» والصين وروسيا مجتمعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثلاثاء الكبير الثلاثاء الكبير



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon