توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عرس السودان!

  مصر اليوم -

عرس السودان

بقلم: حسين شبكشي

لعبقري الرواية العربية، ابن السودان، الطيب صالح، مقولة جميلة في وصف السودان، جاءت في روايته المشهورة «عرس الزين» والتي قال فيها «الأرض ساكنة ومبتلة، ولكنك تحس أن بطنها ينطوي على سر عظيم». تبدو هذه المقولة عبقرية بالفعل في وصف ما حدث في السودان من تحول أسطوري، حضاري وراقٍ، إلى حكم مدني توافقي بشكل نادر وفريد في العالم الثالث عموماً.
لعل ما حصل في السودان يعكس أيضاً وبشكل أصيل الشخصية السودانية نفسها المعروفة بالطيبة والتسامح وسعة الصدر. والتاريخ السياسي المعاصر سيخلد ثلاثة أسماء بكل تأكيد. الأول الزعيم التاريخي لاستقلال السودان إسماعيل الأزهري، الذي أسس لتوافقية وطنية سوية، وبعدها كان عبد الرحمن سوار الذهب، الذي أنهى حكم جعفر نميري المستبد، وأوفى بوعده تماماً بتسليم الحكم إلى حكومة مدنية منتخَبة ديمقراطياً خلال عام واحد، وقد وعد وأوفى. والآن يدخل عبد الفتاح البرهان، الذي مد يده مع الكيانات المدنية في السياسة السودانية وعقد معها اتفاقاً تاريخياً كما وعد، بعد أن هندس شخصياً للخلاص من حكم عمر البشير.
احتفل رواد التواصل الاجتماعي حول العالم بإطلاق «هاشتاغ» يصف اللحظة والبهجة الحاصلة معها باسم «فرح السودان». السودان يدخل مرحلة تاريخية جديدة، بعد أن كان أسير نظام حوّله إلى منصة للإرهاب والتشدد وملاذ آمن لتنظيمات خارجة عن القانون، وأخرى تغلّف أهدافها السياسية المريبة بغلاف الدين.
لقد دفع السودان الثمن الغالي لفقدان أرض الجنوب ودمار في إقليم دارفور وقلاقل في مناطق أخرى، أُزهقت أرواح الآلاف من الأبرياء وهُجر أضعافهم. هناك أغنية مشهورة جداً من فرقة غنائية هي الأشهر في تاريخ السودان، المعروفة بـ«البلابل» والمكونة من ثلاث سيدات، يقول مطلعها «رجعنا لك علشان تاه الفرح من دارنا، رجعنالك وأنت ديار فرحنا، رجعنالك عشان ناحت سواقينا، رجعنالك وبكت شتلات قمحنا، رجعنالك عشان يسكت جرحنا». هذا وصف دقيق لحالة الأمل الموجودة اليوم في هذا اللحظة المبهجة من عمر السودان.
وُصف السودان تقليدياً بأنه «سلة غذاء العالم» العربي، وذلك لتربته الخصبة وغزارة المياه المتوفرة من أنهار النيل فيه، ولكن العهد السابق والذي قبله حوّله إلى سلة الإخفاقات. الكل الآن معنيّ بنهضة السودان مجدداً وإخراجه للحياة المدنية ورفع اسمه من قائمة دعم الإرهاب، ودعم استقراره الاقتصادي، ودعم التوجه الجديد، فالسوداني متى مُنح الفرصة سينتج ويبدع وينجح، وهذا موثّق في تجارب مبهرة حول العالم.
عرس الزين السوداني هو فرحة للعالم العربي بأجمعه، وكلنا أمل بدوام هذا الوضع بعد «شهر العسل» السياسي، فالسودان وشعبه الكريم يستحقان الفرحة التي طال انتظارها. ألف مبروك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عرس السودان عرس السودان



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon