توقيت القاهرة المحلي 18:38:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السودان وإسرائيل: الملف الغامض!

  مصر اليوم -

السودان وإسرائيل الملف الغامض

بقلم - حسين شبكشي

تتواصل الأحداث الدموية في السودان. ومع محاولات كثيرين في تحليل المشهد السوداني ومعرفة دور الأطراف والقوى غير المشاركة بشكل مباشر -وإن كان لا يمكن إخفاء أثرها وقوتها- يكون من البديهي محاولة قراءة الدور الإسرائيلي في ذلك المشهد، ومعرفة البعد التاريخي لهذا الدور.
ليس خافياً على أي متابع للاستراتيجية الإسرائيلية أن دول حوض نهر النيل في القارة الأفريقية تعتبر «ضرورة ومهمة للأمن القومي الإسرائيلي»، حسبما تم التصريح به في مناسبات مختلفة. وهذا -طبعاً- هو أحد أهم أسباب التعاون المهم والعميق بين إسرائيل وإثيوبيا، على سبيل المثال.
ونال السودان الاهتمام من إسرائيل منذ بداياتها، فلقد التقى وفد من الحكومة الإسرائيلية بوفد من حزب «الأمة» السوداني عام 1954 قبل الإعلان الرسمي عن استقلال السودان، وبدأت إسرائيل تنسق لعلاقة قوية معه بعد استقلاله، وأعدت سياسة دعم له، حسبما ذكر محلل الشؤون الاستخباراتية يوسي ميلمان في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، والذي أضاف أن كل ذلك تبدد بعد انقلاب الجنرال إبراهيم عبود عام 1958، ليصبح السودان من أعداء إسرائيل، بعد انضمامه للمحور الناصري.
وفي هذه المرحلة قررت إسرائيل الانتقام من السودان، حسب قاعدة «عدو عدوي صديقي»، بناء على ما وضحه يوسي ميلمان، واتخذت قراراً استراتيجياً في مطلع الستينات الميلادية من القرن الماضي، بدعم عسكري ومالي كامل للتمرد في منطقة جنوب السودان، والذي كان يقوده الجنرال جوزيف لاقو.
في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، سمحت الرقابة العسكرية في تل أبيب بصدور كتاب إسرائيلي، تضمن تفاصيل تدخل جهاز الاستخبارات «الموساد» في تقسيم السودان، وبناء القوة العسكرية والاقتصادية لدولة الانفصاليين في الجنوب.
والكتاب، تحت عنوان «مهمة الموساد في جنوب السودان»، يؤرخ لدور ضابط في «الموساد»، دافيد بن عوزئيل، في تدريب الانفصاليين وتسليحهم، وصولاً إلى «استقلالهم» في عام 2011، الأمر الذي يعدّ «إنجازاً إسرائيلياً ونجاحاً خاصاً للموساد».
رأت إسرائيل في السودان «عقدة شائكة» تتطلب علاجاً خاصاً، وبالأخص أنه يتشكل من ديانات وإثنيات متعددة، موزعة بين الشمال العربي والمسلم، والجنوب المسيحي، الأمر الذي يسهل عملية تقسيمه. بل إن رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة، غولدا مئير، قررت العمل على هذا البلد، والموافقة على طلب المساعدة الذي تقدم به الجنوبيون إلى تل أبيب، وهو المسعى الذي تكلل بالنجاح بعد أربعة عقود.
ويرد في الكتاب توثيق لكلام سفير جنوب السودان لدى إسرائيل، عند تقديم أوراق اعتماده للرئيس الإسرائيلي، رئوفن رفلين، في ديسمبر (كانون الأول) 2014، ويؤكد فيه أن «جنوب السودان أقيم بفضلكم، ولقد ولد الجنوب بفضل دولة إسرائيل والجنرال جون». والجنرال جون، وفق الكتاب، هو الاسم المعروف لـ«طرزان» في السودان، دافيد بن عوزئيل: «الشخص الذي أسّس جيش جنوب السودان، وأشرف على تسليحه وتدريبه».
ويؤكد الكتاب أن حركة «إنانيا» الانفصالية تأسّست خلال الحرب الأهلية السودانية الأولى، 1955- 1972، وتحولت إلى جيش قوي بفضل ثلاثة من ضباط «الموساد»، في مقدمتهم «طرزان» الذي له دور مهم في تقديم المشورة العسكرية والتنظيمية للانفصاليين، إلى جانب ضابط آخر هو إيلي كوهين الذي عمل مستشاراً سياسياً للانفصاليين، وضابط ثالث باسم «تشارلي».
وبشأن الدور الذي اضطلع به الضباط الثلاثة، كشف الكتاب أنهم دربوا الجنوبيين على كيفية تأسيس الجيش وتقسيمه إلى وحدات عسكرية، إضافة إلى تزويدهم بالأسلحة.
اتخذت العلاقات منحى جديداً مع الرئيس جعفر نميري خلال الأعوام 1977– 1980، عندما سهلا هجرة اليهود الإثيوبيين (الفلاشا) إلى إسرائيل، إذ دفعت إحدى المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة 30 مليون دولار إلى جعفر نميري، لتسهيل عملية هجرة هؤلاء إلى إسرائيل.
والتقى الرئيس نميري بالإسرائيلي البارز (ورئيس الوزراء لاحقاً) أرييل شارون، ثم تورط نظامه فيما عرف بـ«عملية موسى» التي نقلت اليهود الإثيوبيين (الفلاشا) إلى إسرائيل عبر السودان. وحسب يوسي ميلمان، اجتمع نميري سراً في عام 1981 بوزير الأمن الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون، في كينيا، بمساعدة من رجل الأعمال الإسرائيلي ياكوف نمرودي (تاجر سلاح ورجل استخبارات، من أصول عراقية)، والمسؤول في جهاز «الموساد» دافيد كيمحي.
تواصلت إسرائيل لاحقاً مع عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، والأخير يقال إنه زار إسرائيل سراً حسب معلومات مختلفة. التقسيم السوداني هدف من أهداف إسرائيل لتهديد مصر من حدودها الخلفية، وإذا كان اسم إسرائيل غائباً عن أحداث السودان الحالية فلا يعني ذلك عدم وجود بصماتها فيها، وخصوصاً إذا ما قرأنا تاريخها في السودان بعناية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان وإسرائيل الملف الغامض السودان وإسرائيل الملف الغامض



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon