توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«إسرائيل النووية!»

  مصر اليوم -

«إسرائيل النووية»

بقلم - حسين شبكشي

كان لافتاً جداً ما جاء ضمن كلمة مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة السفير عبد العزيز الواصل وذلك ضمن فعاليات مؤتمر الدول الـ191 الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي اعتبر فيها أن «استمرار إسرائيل على رفضها الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية عقبة لا يمكن التغاضي عنها»، لأنه بذلك يعيد تسليط الضوء مرة أخرى على برنامج إسرائيل النووي المثير للجدل الذي ترفض إسرائيل الاعتراف بوجوده من الأساس، وبالتالي بدون الاعتراف بذلك الأمر فهي تعتقد أنها تستطيع أن تعطي لنفسها حق عدم الانصياع للرقابة الدولية المعنية بالبرامج النووية.
ورغم السرية الشديدة جداً التي تحيط إسرائيل بها كافة تفاصيل برنامجها النووي، فإن هناك معلومات مؤكدة لم تستطع أن تنفيها عن برنامجها هذا. فلقد بدأت إسرائيل في التفكير الجدي في تأسيس برنامجها النووي وذلك بعد فترة بسيطة جداً من إعلان تأسيسها. وفي بداية الخمسينات الميلادية من القرن الماضي بدأت وعن طريق التقنية والدعم الفرنسي في إنشاء مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب، وأحاطت هذا المشروع بسياج من السرية وأسوار من النفي، لتصبح إسرائيل بعد ذلك سادس الدول النووية في العالم، واليوم تقدر حجم ترسانة رؤوسها النووية بما يزيد على الأربعمائة قنبلة نووية.
ولم يكن العالم يعرف أي قدر من التفاصيل المهمة عن برنامج إسرائيل النووي وذلك قبل حادثة اختطاف موردخاي فينونو، وهو الموظف الإسرائيلي الذي كان يعمل في مفاعل ديمونا (وهرب تاركاً إسرائيل) وقدم معلومات دقيقة ومذهلة عن البرنامج لصحيفة «التايمز» البريطانية التي نشرتها بشكل واسع وكانت حجته وقتها أنه يرغب في أن يعرف العالم خفايا ما يحصل في برنامج إسرائيل النووي الغامض والسري، وقام وقتها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي المعروف باسم الموساد باستدراج فينونو إلى روما وخطفه إلى إسرائيل وأودع السجن بعد إدانته بالخيانة والتجسس (من أسباب التشكيك في ولاء فينونو لإسرائيل بحسب الهجمات الإعلامية عليه هو تغييره لديانته من اليهودية واعتناقه للديانة المسيحية).
وجاءت بعد ذلك سلسلة أحداث لافتة ومهمة في المنطقة تم ربطها ببرنامج إسرائيل النووي المريب والمثير للجدل. أحداث مثل مقتل مجموعة مهمة من علماء مصر في المجال النووي من أمثال يحيى المشد الذي وجد مقتولاً في فندق في باريس خلال زيارة عمل علمية، وكذلك ما حصل بعد ذلك في عام 1981 عندما قامت إسرائيل في عملية حربية خاطفة بتدمير مفاعل العراق النووي، وبعد ذلك في عام 2007 قامت بعملية مشابهة دمرت فيها المفاعل النووي السوري.
وتعرف السياسة الإسرائيلية النووية بخيار شمشون، وذلك في إشارة لافتة إلى الشخصية التوراتية المعروفة شمشون الذي تنسب إليه المقولة الشهيرة: «عليّ وعلى أعدائي»، وذلك عندما قام بتحطيم المعبد على الجميع في القصة الأسطورية المشهورة. ويحسب للكاتب الأميركي المعروف والصحافي الاستقصائي الكبير سيمور هيرش كشفه للتناقض الكبير في السياسة الخارجية الأميركية فيما يتعلق ببرنامج إسرائيل النووي، وذلك عندما نشر كتابه الشهير الذي اختار له عنواناً ذاتي الشرح وهو: «خيار شمشون: ترسانة إسرائيل النووية وسياسة أميركا الخارجية» فند فيها حجم التعاون الغربي مع برنامج إسرائيل النووي وتناقضه الهائل مع مواقف السياسات الخارجية للدول الغربية التي تصر على أن تبقى البرامج النووية لدول العالم خاضعة للمحاسبة والرقابة التابعة للمؤسسات الدولية المعنية.
وإبقاء برنامج إسرائيل النووي خارج منظومة الحوكمة الدولية التي اتفقت عليها دول العالم يزكي ويؤكد صورتها السلبية كدولة لا تخضع للمعايير الدولية، وأنها تعامل بمعايير مزدوجة وغير عادلة، وبطبيعة الحال هذا يخلق سابقة قانونية مهمة تجعل من دول وأنظمة مارقة تسعى لتكرار تجربة إسرائيل النووية ما يزيد من تأزم الأوضاع ويؤجج فرص تدهور الأحداث.
لم يعد مقبولاً اليوم ولا قبل اليوم إبقاء إسرائيل خارج نطاق المجموعة الدولية لعدم انتشار الأسلحة النووية والمعاهدة الخاصة بها، واستمرار الوضع هذا قائماً ما هو إلا تكريس لمفهوم الفوضى والنفاق السياسيين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إسرائيل النووية» «إسرائيل النووية»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon