بقلم: حسين شبكشي
أحداث متلاحقة في لبنان والعراق، لها الملامح نفسها؛ غضب شعبي جارف له المطالب نفسها، اعتراض شديد على بقاء السلطات السياسية، ومطالبة جدية بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين. والمقصود هنا هو المشروع الاحتلالي الإيراني المعروف باسم الهلال الفارسي.
الهلال الفارسي يتصدع؛ وهذا يفسر قلق وخوف واضطراب زعيم تنظيم «حزب الله» الإرهابي حسن نصر، وتهديده الصريح بالحرب الأهلية ضد أبناء الشعب اللبناني. بأي صفة يخطب حسن نصر في الشعب اللبناني، وهو من دون صفة رسمية. بل إن خطابه الثاني جاء معارضاً لخطاب رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي أعلن استعداده لقبول فكرة التغيير الحكومي، ليجيء حسن نصر الله بخطاب يظهر فيه موقفاً رافضاً لفكرة ومبدأ التغيير كلياً، ليتضح للجميع من هو الحاكم الفعلي للبلاد.
الاستقرار قيمة بإمكانك أن تخطب في مؤيديك وأنصارك وتقول لهم «نريد الاستقرار»، لكن واقع الأمر في المفهوم السياسي أنك لا تبغي القيمة المنشودة، ولكن ما تسعى إليه هو المكسب المحقق من وراء القيمة... هذا ما تفنن فيه مشروع «حزب الله» التدميري؛ يرفعون الشعارات العاطفية كنصرة المظلوم وثورة المحروم، ولكن واقعياً وفعلياً، هم نظام استبدادي، ولا قيمة للمعاني النبيلة التي يرفعونها أبداً. المعنى الوحيد الذي يدخل في الحساب هو الثمرة التي سنجنيها من رفع الشعار النبيل والقيمة المثالية.
الثورة البلشفية في روسيا رفعت الشعارات نفسها، وجاء نظام شيوعي فتاك جثم على الصدر سبعة عقود، وكذلك الأمر في الصين وفيتنام وكوبا. النقاش المطلوب هو الكيفية والأدوات والسياسات بعيداً عن الشعارات.
بأي صفة تحدث حسن نصر الله للناس؟ هذا هو السؤال المهم. يوم تسقط الدولة وجيوشها لصالح قوة تحكم في الظل مع ميليشياتها، تكون بداية إعلان سقوط الشرعيات وسريان الفوضى التامة وغير الخلاقة. الهلال الفارسي بعيداً عن كونه مشروعاً استعمارياً وطائفياً، هو مشروع فوضوي بحت. وإذا كانت إسرائيل لديها مشروعها من النيل إلى الفرات، فالهلال الإيراني مشروع واضح الجغرافيا هو الآخر. ما يحدث في لبنان والعراق بالإضافة إلى كونه حدثاً داخلياً إلا أن صداه يهم المنطقة وأمنها.
الهلال الفارسي مشروع استعماري استيطاني طائفي وتوسعي في المحيط العربي، وينبغي التعامل معه ومع أدواته السياسية والاقتصادية والعسكرية على هذا الأساس، فاليوم شعوب المنطقة فضحت هذا المشروع باصطفافها ضده.