بقلم: حسين شبكشي
انتهت قمم مكة المكرمة الثلاث، وهي القمم التي دعت إليها السعودية، وأسفرت جميعها عن إدانة صريحة للسياسات الإيرانية بشكل جماعي وغير مسبوق. وجاءت ردود الفعل من قبل نظام إيران وأبواقه مثل حسن نصر الله زعيم تنظيم الميليشيا الإرهابية «حزب الله» بالإنكار التام والتهديدات المضحكة، مما يؤكد حجم الأزمة والحال التي وصل إليها النظام في إيران.
إن ما حدث في مكة المكرمة بانعقاد القمم الثلاث مسألة مهمة جداً، لأنه وبعد سرد مجموعة غير قليلة من الأدلة والبراهين على إرهاب إيران واعتداءاتها بشكل مباشر وغير مباشر على السعودية والإمارات العربية، بالإضافة إلى تهديدها الدائم بغلق مضيق هرمز الذي يهدد «سلم العالم وسلاسة الحراك التجاري الدولي»، يتوقع المحللون أن الخطوة القادمة ستكون حراكاً قانونياً على مستوى الأمم المتحدة لإصدار قرار تحت البند السابع، الذي قد يعني عملياً حصاراً اقتصاديا بالكامل.
كان قرار الاعتراض «الوحيد» على بيان الجامعة العربية قد جاء من العراق وكسر بذلك الإجماع العربي، وقد يكون من الطبيعي أن توجه أصابع الاتهام باتجاه إيران لأنها «أجبرت» العراق على الاعتراض لحسابات «طائفية» بحتة متجاهلة الأمر الواقع الذي يشكل الخطر والتهديد الإيراني على دول المنطقة. ولكن هناك طرفاً آخر مهماً لا يجري الحديث عنه بالقدر الكافي وهو روسيا؛ روسيا التي تستغل إيران والعراق وسوريا لتحريك «الأوضاع» في المنطقة لرفع قيمتها السياسية في المنطقة حتى ولو كان على حساب دعم نظام طائفي وآخر طاغ.
روسيا وإيران «تدعمان» الاعتراض العراقي بشكل واضح، وروسيا تستغل كون العراق وسوريا ومن خلفهما إيران، لا يريان المشهد السياسي إلا من منظور طائفي ضيق جداً. كلمات معظم الزعماء العرب التي ألقيت في القمة وضحت حقيقة التهديدات الإيرانية، وأن «المجاملة» لإيران لا تفيد وحسن الظن في سياستها لم يعد ممكناً ولا مقبولاً أبداً.
دول الخليج والعالم العربي والعالم الإسلامي باتت مجتمعة ومدركة لخطورة إيران على السلم الأهلي، وأن النظام الإيراني مصدر للإرهاب بامتياز. لم يستفد نظام إيران من قراءة التاريخ القديم ولا المعاصر، فبعد أن أذاق شعبه مر المذلة من العوز والحرمان وأشغله بتصدير ثورة طائفية بائسة يستعد هذا النظام لمرحلة جديدة من العزلة والعقوبات. فعلى نفسها جنت إيران.
نجحت قمم مكة بشكل واضح في «تأصيل» جرائم إيران وإبراز خطرها على الأمن العربي بشكل عام والسلم الدولي أيضاً، وهي مسألة مهمة وتسجل كموقف جدير بالإشادة تحسب لصالح الدبلوماسية السعودية. الموقف الحالي الذي تكون ضد إيران يتحول بالتدريج إلى كرة ثلج تكتسب قوة وسرعة مع الوقت وهذه علامات إنذار إعصار مدمر هائل قادم.
يعلمنا التاريخ بشكل واضح أن الإنكار والمكابرة هما مهلكة الأنظمة بلا جدال، ومن لم يتعظ فلن يفيده الندم.