توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المستور والخافي في خيمة القذافي!

  مصر اليوم -

المستور والخافي في خيمة القذافي

بقلم: حسين شبكشي

لم يكن يدري رئيس تحرير هذه الصحيفة الأستاذ غسان شربل عندما أصدر كتابه «في خيمة القذافي» منذ سنوات مضت، أن عنوان الكتاب سيعود إلى صدارة الأخبار بشكل أو بآخر. تذكرت ذلك وأنا أتابع بكل اهتمام التسريبات المسجلة لمحادثات الزعيم الليبي الغريب الأطوار معمر القذافي مع حمد بن خليفة (حاكم قطر وقتها) وحمد بن جاسم (وزير خارجية قطر وقتها)، وتسجيل آخر كان مع داعية كويتي متطرف ومثير للجدل يدعى حاكم المطيري ينتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، والتسجيلات كانت أدلة جديدة ودامغة على العقلية التآمرية التي جبل عليها النظام الانقلابي القطري وإصراره على تنفيذ أجندة الفوضى المدمرة بتمويل مفتوح ووسائل إعلامية داعمة لمشروعها. أما جماعة «الإخوان المسلمين»، فوقع أحد رموزها في نفس الفخ مجدداً، وهو التأكيد أنهم على استعداد للتعاون مع الشيطان نفسه في سبيل تحقيق أهدافهم السياسية بأي ثمن.
تسجيلات خيمة القذافي على ما يبدو هي «الصندوق الأسود» الذي تم الوصول إليه بعد «تحطم» النظام الليبي السابق وسقوطه، وحتما هناك المزيد منها سواء مع نفس الشخصيات أو مع غيرها ممن حاول القذافي أن يتعاون معهم ويستخدمهم لمشروعه الانقلابي الفوضوي. ولكن التنسيق الأكبر كما هو واضح كان بين القذافي ونظام الانقلاب في قطر (وبإقرار حمد بن جاسم نفسه في إحدى المقابلات التلفزيونية مع تلفزيون قطر والتي أكد فيها على صحة التسجيلات)، حتى كانت لحظة الخيانة والغدر والانقلاب القطري على معمر القذافي نفسه، وهي المسألة التي جعلته يقول في خطابه الأخير الشهير بالحرف الواحد موجها كلامه للنظام الحاكم في قطر بألم وحسرة: «بارك الله فيكم يا إخوتنا في قطر... هذه آخرتها؟ هذه هي المي والملح اللي بيننا وبينكم؟ هذه هي الدم والأخوة اللي بيننا وبينكم؟ تثوروا في كل شي علينا؟ بدل ما تكونوا معنا تكونوا ضدنا؟ لمصلحة من؟ بالله لمصلحة من؟ قد تندمون يوم لا ينفع الندم. اللي بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة... من أنتم؟».
حصد القذافي نتيجة عمله التآمري، وحاولت أن أذكر محاسنه فلم أجد. القذافي عاش لأجل التآمر وأفقر شعبه وأذله ومول كل فكر إرهابي في بلاد العالم بحجة دعم الثورات ولم يسلم من شره أي بلد عربي طوال سنوات حكمه. في سنة 1984 أصدر المطرب الليبي الكبير ناصر المزداوي أغنية تصف حال بلاده «ليبيا... دوروا يا أهل بلادنا الحزينة... يا أهل البوادي يا أهل المدينة» وطبعا تم تهديده وعاش في غربته عقوداً من الزمن مهدداً من نظام القذافي، ولم يكن المزداوي الرمز الليبي الوحيد الذي تعرض إلى الاضطهاد، بل حدث نفس الشيء للصادق النيهوم المفكر الليبي الأشهر الذي تعرض للملاحقات والمضايقات حتى غادر بلاده مضطراً بلا عودة.
غدر وبطش القذافي ليس بسر على أحد، فلقد انقلب على أسرته ورفاق ثورته وإخوته العرب والأفارقة حتى بات مضرباً للأمثال في هذا النهج الانقلابي، حتى قابل وتعاون مع نظام الانقلاب في قطر الذي تفوق عليه في كل ما تخصص فيه. ووصف العلاقة بين القذافي ونظام الحكم في قطر ليس بحاجة إلى عالم سياسي مثل ماكيافيلي، ولكن إلى عالم نفس من طراز فرويد.
تسجيلات خيمة القذافي ستحمل المزيد من المفاجآت ولا شك، وهناك اليوم من يتصبب عرقاً خوفاً من خروجها إلى العلن لتفضح وتكشف المستور. عدد غير بسيط من رموز السياسة العربية والحراك «الصحوي» السياسي كانوا من اعتذاريي القذافي ومحاوريه ومبيضي صورة نظامه وقتها ومن المؤكد أن حالات القلق النفسي قد أصابتهم خوفاً من أن تشملهم التسريبات القادمة. خيمة القذافي حلقاتها أكثر إثارة من برامج تلفزيون الواقع وهزلية وساخرة أكثر من كافة برامج الكاميرا الخفية، ولكن المخيف أنها حقيقة وتكشف المستوى اللاأخلاقي الذي كانت تدار به الأمور في خيمة القذافي ونظام الانقلاب في قطر، وكيف أن الدين والمال والإعلام كلها أدوات يجب استخدامها للوصول إلى الهدف السياسي المنشود ولا مكان في هذا الطريق لمراعاة أي أصول دينية ولا قيم أخوية.
نظام القذافي انتهى ولكن قذارته لا تزال حاضرة وفاضحة، ويبدو أن هناك حسنة واحدة له وهي التسجيلات التي أضافت دليلاً جديداً على غدر نظام الانقلاب في قطر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المستور والخافي في خيمة القذافي المستور والخافي في خيمة القذافي



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon