توقيت القاهرة المحلي 22:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا يحدث في إسرائيل؟!

  مصر اليوم -

ماذا يحدث في إسرائيل

بقلم - حسين شبكشي

مشاهد الاحتجاجات المستمرة في الشارع الإسرائيلي منذ فترة طويلة جداً، والمتواصلة رغم محاولات حكومة بنيامين نتنياهو «تغيير الموضوع»، وتوجيه الرأي العام الإسرائيلي إلى الأخطار المهددة من «الإرهاب الفلسطيني»، أو «إرهاب لبنان» أو «إرهاب سوريا»... هذا الوضع الجديد في إسرائيل يجعل المهتمين بقراءة المشهد الإسرائيلي يولون أهمية للغوص فيه وتحليله لمعرفة حقيقة ما يحدث.
المجتمع الذي تتشكَّل منه إسرائيل هو في الأصل مجتمع استعماري من مهاجرين. فاليوم الصراع لم يعد صراعاً سياسياً بين اليسار واليمين. بل أصبح صراعاً متعدد الطبقات، صراعاً إثنياً عرقياً، طبقياً، وهو بعد أساسي له علاقة بالمشروع التأسيسي الصهيوني.
ومن المهم معرفة أن معسكر المعارضة في إسرائيل اليوم يتشكل من اليهود الغربيين المعروفين باسم الأشكيناز، وهم علمانيون، يطلق عليهم الجماعة المؤسسة للدولة، لأنهم هم من أسّس القوانين والسياسات الأساسية للدولة، وكرسوا فصل السلطات وشكل الدولة وطابعها الرئيسي. ويبقى ضرورة طرح السؤال التالي؛ من مهم في المعسكر المقابل؟ المسمى اليمين الجديد، الذي تمثله الحكومة الإسرائيلية اليوم، فيمكن القول باختصار إنه مكون من الجماعات التي لم تساهم تاريخياً في تأسيس المشروع الصهيوني، وكانت في هامشه أو انضمت إليه لاحقاً، بعد فترة من تاريخ تأسيس إسرائيل عام 1948. وهم أساساً من اليهود الشرقيين المعروفين باسم السفارديم والمزراحيين، وطبقياً ينتمون إلى الطبقات الأقل حظاً وأقل دخلاً في المجتمع الإسرائيلي، ودينياً تعتبر الأكثر تزمتاً والأشد أصولية ومحافظة. ويضاف إليهم يهود الفلاشا الإثيوبيون الذين يشعرون بالاضطهاد والتمييز.
فاليهود الشرقيون لم يكونوا جزءاً من المشروع الصهيوني الأول لتأسيس إسرائيل، ولكنهم أتوا إليها لاحقاً عبر حملات تهجير منظمة ومختلفة من الدول العربية والإسلامية. وكانت إسرائيل وقت تأسيسها مكونة من اليهود الغربيين الأشكيناز بنسبة تزيد عن 95 في المائة من تركيبة السكان، وبالتالي مع اكتمال وصول اليهود الشرقيين السفارديم والمزراحيين، أصبحت دولة إسرائيل عملياً دولة مقسومة بالنصف بين الفريقين، مع عدم إغفال أن هناك فئة أخرى مهمة، وهي «الحريديم» وهو المسمى الذي يطلق على الفئة الدينية الأصولية المتشددة، وهي المجموعة التي كانت ضد مشروع الصهيونية ومشروعها الأساسي، ولكن في اللحظات الأخيرة قبل إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948 تم الاتفاق بينها ورئيس الوزراء الإسرائيلي المؤسس بن غوريون على منحهم شكلاً من أشكال الحكم الذاتي، مقابل مشاركتهم وموافقتهم على تأسيس الدولة.
والمجموعة الأخيرة، وهي مهمة وشديدة التأثير، مجموعة المستوطنين، وهي في غاية الأهمية، لأنها هي التي تقود اليمين الجديد. وأهميتها تكمن في كون الصهيونية الدينية تاريخياً مهمشة وضعيفة وصغيرة، ولم تكن متطرفة قومياً، على عكس مجموعة الحريديم. ومجموعة المستوطنين هذه تؤمن بشكل عميق أن الدور الآن حان لأجل تحقيق «خلاص الأرض» لإنجاز وعد الرب بإسرائيل الكبرى بعد إنجاز «خلاص العبد»، ونجاتهم على أرض الميعاد، بعد أن كان اهتمام الطرح الديني كالحفاظ على عادات السبت والذبح المقدس.
التغيرات الديموغرافية العميقة تبقى هي أهم منابع قوة اليمين المتطرف. وهو تحول جذري في «القماشة الإنسانية» في إسرائيل. باختصار، عدد العلمانيين يتناقص بشدة، لأن الحريديم المتشددين ينجبون بأعداد هائلة، والعلمانيون إنجابهم قليل، وهجرتهم من إسرائيل إلى دول الغرب أصبحت لافتةً. العلمانيون الذين شكلوا ذات يوم 95 في المائة من تعداد إسرائيل عند تأسيسها بالكاد يشكلون 45 في المائة من عدد السكان اليوم. وهذا التحول الهائل في «شخصية» الدولة الإسرائيلية يفقدها «التأييد المطلق» من يهود الولايات المتحدة، ويقلل من التأييد التاريخي من قبل الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه معظم أعضاء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة.
قد يبدو منطقياً تسليط الضوء خلال هذه المرحلة على بنيامين نتنياهو، وهذا سيكون خطأ، لأنه مجرد سياسي انتهازي حرقت كل أوراقه، والخطأ نفسه قد يرتكب بالتركيز على الشخصية الجدلية، إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، فهو شعبوي، لكن بآيديولوجيا أضعف، ويعتمد على التحريض والعاطفة.
من المهم التركيز على شخصية المرحلة، الذي يقود الحراك المضاد للشارع الإسرائيلي، وهو بتسلئيل سموتريتش، رئيس حزب الصهيونية الدينية (تشدد الاستيطان الديني). وهو متدين، قومي، واضح جداً أن الطبقات الضعيفة تمثل عموده الفقري الآيديولوجي، وخلفه حاخامات تقرأ وتنظر وتقدم له آراء التوراة والتلمود.
إسرائيل تتغير بعنف من الداخل ومجتمعها مهدد بمواجهات وجودية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يحدث في إسرائيل ماذا يحدث في إسرائيل



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon