توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما تهز الريح جبل لبنان!

  مصر اليوم -

عندما تهز الريح جبل لبنان

بقلم: حسين شبكشي

فخر الدين شخصية لبنانية أسطورية نسجت حولها الكثير من القصص لإظهار مواقف «وطنية» رسخت هوية «الجبل» المستقل في تاريخ لبنان. وقد اختلفت الروايات في تحديد هوية الأمير فخر الدين، فالموارنة قالوا إنه منهم، والموحدون الدروز قالوا نفس الشيء، وإن كانت أغلب الروايات ترجح أنه من الدروز، ولكن بغض النظر عن هوية الرجل فإن رمزية «الجبل» في التاريخ اللبناني لا يمكن إنكارها. فالجبل شهد مذابح بين الموارنة والدروز، مذابح إقطاعية ومذابح دينية كلها لأجل بسط النفوذ والسيطرة، والجبل كان النقطة التي اعتمد عليها الموارنة مع المستعمر الفرنسي عبر التاريخ بأن يطلق عليه جبل لبنان كإمارة أو قضاء «مستقل» بهوية «مختلفة» وعرف هذا الأمر بأنه كان نواة للبنان المستقل الذي أتى لاحقاً بعد ذلك. وطبعاً مجد اللبنانيون «الجبل» في أمثالهم وأغانيهم بشكل محبب. وبقي الجبل أيقونة لبنان.
وبالرغم من أن الحرب الأهلية أظهرت الاقتتال الجنوني الموتور بين الطوائف المختلفة في لبنان، إلا أن اللبنانيين أنفسهم يجزمون أن أسوأ المعارك وأكثرها دموية ووحشية كانت التي تحصل بين أفراد الطائفة الواحدة، وهذا الأمر وضحه جداً جوناثان راندل في كتابه المهم «الذهاب للنهاية» وتحدث عن الاقتتال الوحشي داخل الطائفة المسيحية المارونية مستشهداً بأحداث زغرتا وبشري بين القوات اللبنانية والكتائب والمردة، ولاحقاً طبعاً يتذكر اللبنانيون أحداث قوات جعجع ضد عون، وأيضاً هناك مذابح قوات «أمل» ضد تنظيم «حزب الله» الإرهابي وغيرها من الأمثلة.
والآن يضع اللبنانيون أيديهم على قلوبهم خوفاً من فتنة كبرى داخل الطائفة الدرزية بين الزعيمين الكبيرين وليد جنبلاط وطلال أرسلان، وقد يبدو أن الموضوع حادث محلي فردي عابر (تعود) عليه اللبنانيون، إلا أنني أعتقد أنه له أبعاداً أكبر بكثير مما يظهر، إذ ليس بخافٍ على أحد الصراع على زعامة طائفة الدروز بين كل من طلال أرسلان ووليد جنبلاط. الأول ابن الأمير مجيد أرسلان الزعيم التاريخي للطائفة وأحد الآباء المؤسسين لاستقلال لبنان من فرنسا، والثاني ابن كمال جنبلاط الزعيم المعاصر للطائفة لما منحها من بعد قومي عربي وبعد اشتراكي يليق بضرورة المرحلة المطلوبة، بالإضافة إلى شخصية كمال جنبلاط التي كانت متأثرة جداً بالتعاليم الهندية مما أكسبه بعدأً روحياً وحكمة عميقة وانعكس ذلك على نحول جسمه وهندامه المتواضع مما جعله يتبنى مواقف قوية دفع حياته ثمناً لها عندما قتله نظام حافظ الأسد، «معلم روحاني وزعيم سياسي.. ماذا تريد أكثر من ذلك»؟ كما وصفه لي ذات يوم الفنان والأديب الدرزي المعروف الراحل سامي مكارم ابن بلدة عيتات. أغتيل تماماً كما حصل مع والده فؤاد جنبلاط من قبله الذي اغتاله الاحتلال الفرنسي، وللعلم كان كمال جنبلاط متزوجاً من مي أرسلان ابنة الأمير مجيد أرسلان.
ونظام بشار الأسد يعادي زعامة آل جنبلاط للطائفة ويغذي منافسيه كطلال أرسلان ووئام وهاب، بل تدخل في موضوع اختيار المرجعية الدينية الأعلى للطائفة المعروف بشيخ عقل الطائفة، وشككت في صلاحية الشخصية التي تم التوافق عليها ورشحت غيرها. هناك قناعة لدى نظام الأسد أن زعامة وليد جنبلاط للطائفة «انتهت» وخصوصاً بعد أن تنازل عن زعامتها لابنه الوحيد تيمور غير المتحمس للمسألة من الأساس، وبالتالي هذه فرصة للانتقام منه ومن عائلته ومنحها لطلال أرسلان ابن الزعيم التاريخي للطائفة، ولكن غير المقنع جماهيرياً. وزاد من حماسة نظام بشار الأسد للقضاء على وليد جنبلاط تصريح الأخير على لسان صديق له من الحكومة الروسية قال فيه إن بشار الأسد بعث برسالة لإسرائيل عن طريق الروس قال فيها إنه في حالة استقلال دولة علوية ستكون هناك علاقة سلام بينها وبين إسرائيل، وليس هذا الموقف الوحيد الذي تتهم فيه أجهزة نظام بشار الأسد جنبلاط، ولكنها توجه إليه أصابع الاتهام بأنه وراء تمرد أهل السويداء وهم من دروز سوريا ضد النظام، ورفض شبابهم الانضمام للجيش ومواجهة قوات الأمن فيها احتجاجاً. وكذلك تتهمه بتحريك دروز الجولان وتهدئة احتجاجهم ضد إعلان ضم الجولان وعدم رفع أعلام نظام الأسد ولا صوره، وهي حركة فطنت لها إسرائيل وزادت من التسهيلات الممنوحة للدروز في إسرائيل وسمحت لهم بالانضمام لأول مرة ضمن طاقم شركة طيران «العال» الإسرائيلية والتي كانت حصراً على اليهود، بالإضافة إلى إشارات أخرى. ما يحدث في فتنة الجبل في لبنان بين «بني معروف» ليس حادثة فردية أبداً. هناك مثل درزي قديم يقول «بإيدي خبز وبإيدك خبز.. ضيقة العين ليش».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما تهز الريح جبل لبنان عندما تهز الريح جبل لبنان



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon