توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فتّشوا عن إيران حتى في... نيجيريا!

  مصر اليوم -

فتّشوا عن إيران حتى في نيجيريا

بقلم: حسين شبكشي

ماذا يجري في نيجيريا؟ في 26 يوليو (تموز) الماضي حظرت المحكمة الفيدرالية العليا في العاصمة أبوجا «الحركة الإسلامية في نيجيريا»، قائلة إن أنشطتها تشكل «إرهاباً، وغير شرعية». جاء أمر المحكمة، الذي يمكن للحركة أن تستأنفه، بعد اشتباكات متكررة في الأسابيع الأخيرة.
تعتبر «الحركة الإسلامية في نيجيريا» أكبر حركة شيعية مدعومة من إيران، وعلى الرغم من أن المراقبين تكهنوا باحتمال أن تصبح مثل «بوكو حرام» السنية، فإنه من المستبعد أن تتحول إلى تمرد سري. لا تزال هناك فرص أمام الحكومة الفيدرالية لاحتواء الوضع، كما أنه لدى الحركة حوافز للامتناع عن شن مواجهة شاملة مع الدولة.
إن الصراع الحالي بين الحركة والحكومة الفيدرالية جزء من دورات صراع أكبر شبّ في الثمانينات من القرن الماضي، عندما بدأ زعيمها إبراهيم الزكزاكي في حشد أتباع له، والدعوة إلى «دولة إسلامية» في نيجيريا، وإقامة علاقات وثيقة مع إيران، فالزكزاكي أسس الحركة عام 1979 بعد زيارة إلى طهران، وهو كان سني المذهب، ثم اعتنق المذهب الشيعي. في ذلك العقد زُجّ به عدة مرات في السجن، لكنه مع الزمن صار الزكزاكي وأتباعه يعلنون صراحة عن تشيعهم، وتبنوا ممارسات مثل الاحتفال بذكرى عاشوراء، فأبعدوا بذلك بعض أتباع السنة، لكنهم جذبوا مسلمين آخرين، شدّتهم الهوية البديلة المناهضة للنظام، التي طرحها الزكزاكي.
حديثاً اصطدموا مع القوات النيجيرية في المدينة الشمالية «زاريا» في مقاطعة «كادونا». في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 وقعت مواجهة كبيرة أسفرت عن مقتل 350 عضواً من الحركة، واعتقال الزكزاكي وزوجته زينة إبراهيم. ومنذ تلك السنة وجماعته تطالب بإطلاق سراحه. في 9 يوليو الماضي وكجزء من الاحتجاج الساعي إلى إطلاق سراحه بكفالة، حاول متظاهرون من الحركة دخول مقر البرلمان، ما دفع الشرطة إلى استعمال العنف لتفريقهم، ثم تكرر الأمر في 22 من ذلك الشهر، فوقعت مواجهات عنيفة أسفرت عن مقتل 11 متظاهراً، وصحافي، وضابط شرطة، ومع تراكم الاتهامات المتبادلة أصبح الصراع أكثر صعوبة.
حاول الرئيس محمد بخاري أن ينأى بنفسه عن النزاع، وأصرّ المتحدثون باسمه أن مصير الزكزاكي في أيدي المحاكم. وكما هو متوقع، تدخلت الحكومة الإيرانية وطالبت عدة مرات بإطلاق سراح الزكزاكي، وأخيراً اقترحت إرساله إلى إيران لتلقي الرعاية الطبية. ويوم الاثنين الماضي، سمحت له المحكمة بالذهاب إلى الهند، لكنها كلّفت فريقاً بمرافقته لتأمين عودته لاحقاً بعد تلقي العلاج، ومواصلة محاكمته.
تدعو حركة الزكزاكي إلى إنشاء دولة إسلامية على الطراز الإيراني، فهو تأثر بشدة بالثورة الإيرانية، ولا يزال الخميني مصدر إلهام للحركة. الموالون للحركة يؤدون الولاء أولاً للخميني في اجتماعاتهم، ثم للزكزاكي تالياً. ترى «الحركة الإسلامية في نيجيريا» أنها المصدر الشرعي الوحيد للسلطة في البلاد، وتعتبر نفسها الحكومة الشرعية. لا تعترف بسلطة الحكومة النيجيرية، وترى أن قادة هذه الحكومة من مسلمين ومسيحيين على حد سواء، فاسدون وغير مؤمنين. إنها مزيج من تنظيم فتح الله غولن في تركيا، و«حزب الله» في لبنان.
مع كثرة المواجهات؛ حذّر سياسيون بارزون من أن حظر الحركة يعد خطأ. وتساءل شيهو ساني، سيناتور من كادونا، وناشط في مجال حقوق الإنسان: «أيهما نفضل؟ الحركة الإسلامية التي لديها زعيم، يمكننا اعتقاله، ولديها أعضاء يمكننا رؤيتهم، ولديها هوية يمكننا محاكمتها ومقاضاتها، أم مجموعة تُجبر على العمل السري، وتشكل خطراً على الأمن القومي للبلاد؟».
واقترح ساني إطلاق سراح الزكزاكي تحت إشراف أبرز زعماء المسلمين في نيجيريا من السنة.
تحذيرات ساني أثارت شبح «بوكو حرام»، لكن الحركة تأسست قبل تشكيل «بوكو حرام»، ثم إنها أكبر من «بوكو حرام»، كما أن التقديرات لكلتا المجموعتين تختلف اختلافاً كبيراً.
في قمة نشاطها الإرهابي ربما وصلت «بوكو حرام» إلى 10 آلاف عنصر، خصوصاً خلال المرحلة الأولى من تأسيسها، ولم تتجاوز هذا العدد حتى الآن، ولا سيما بعد انقسامها إلى فصيلين رئيسيين. أما «الحركة الإسلامية» فعلى العكس يصل أتباعها إلى مئات الآلاف. هذا الرقم قد يشير إلى أن الحركة أكثر خطراً من «بوكو حرام»، ثم إن التأييد الكبير للحركة لا يوافق على تحولها إلى العصيان، لأنها أكثر انخراطاً في النسيج الاجتماعي لنيجيريا، خاصة في الشمال، وهذا ما لم تحققه «بوكو حرام». إضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أن بعض طلاب الجامعات يؤيدون «بوكو حرام»، وكان انضم إليها في بداية تأسيسها بعض النخب الناضجة، فإن «الحركة الإسلامية» تضم أساتذة جامعيين، ومهندسين، ورجال دين، ومهنيين من ذوي المهن الراسخة التي ستكون على المحك مع سبل عيشهم، وهؤلاء قد يفكرون مرتين قبل التحول إلى العمل السري.
خلال اعتقال الزكزاكي سعى قادة الحركة إلى الضغط على الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات لتخويفهم، لكنهم ظلوا يتذرعون دون تردد بمفاهيم حكم القانون والمواطنة والإجراءات القانونية، وهذه كلها ترفضها «بوكو حرام» بشكل أساسي. وإذا كانت الحركتان دعتا في بعض الأحيان إلى إقامة دولة إسلامية، فإن «الحركة الإسلامية» أظهرت أنها أكثر قبولاً واستيعاباً من «بوكو حرام».
إذا رحل الزكزاكي، فهناك احتمال بأن يغير رحيله بعض الأمور، وقد لا يغير شيئاً، وفق حسابات الحركة.
وفاته ربما تثير احتجاجات ضخمة، لكنه هو بحد ذاته مرتبط بالحركة إلى درجة عميقة، ولا يوجد خَلَف واضح له. وقد يكون هذا هو السبب الذي دفع المحكمة إلى السماح له بالسفر إلى الهند، لأن المزيد من الشماليين البارزين دعوا إلى إطلاق سراحه أو نفيه أو علاجه بطريقة لا تجعله يموت في السجن. في كل الحالات فإن قادة الحركة شعروا بأن تكاليف التمرد كانت مرتفعة جداً للقيادة وللأعضاء.
أما بالنسبة إلى الرئيس بخاري، الذي فاز للتو بإعادة انتخابه، على الرغم من أن السنوات الأربع الأولى لحكمه كانت مخيبة للآمال، فإن وفاة الزكزاكي، لو وقعت، لكانت بمثابة بداية مشؤومة لفترة رئاسته الثانية. إنه يرى مجموعة الزكزاكي، وفي ذهنه إيران. والأكثر من ذلك، وبينما يشدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخناق على إيران، يحذر الخبراء النيجيريون من أن طهران ستزيد من استخدام وكلائها في أفريقيا وآسيا، في محاولة لتوسيع نفوذها والتصدي لما تعتبره تهديداً وجودياً من قبل واشنطن. ونيجيريا من أكبر الدول الأفريقية والأكثر ثراء وفوضى وفساداً. وتستطيع إيران - إذا ما أرادت - شدّ كثيرين من النيجيريين إليها.
الوضع ليس مستقراً في نيجيريا، والخوف عليها من نزاع مذهبي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتّشوا عن إيران حتى في نيجيريا فتّشوا عن إيران حتى في نيجيريا



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon