بقلم: حسين شبكشي
التسويق والترويج له الأثر الهائل والعظيم في تكوين الانطباع وترسيخه عندما تكون المسألة متعلقة بتشكيل السلوك الاستهلاكي للناس، وتفوقت في ذلك الأمر شركات إنتاج المشروبات الغازية والأحذية الرياضية ومطاعم الوجبات السريعة على سبيل المثال. ولكن هذا «النهج» متأصل في تسويق الجماعات الدينية وأسماء أهم المشايخ والمراجع. فالمتابع والمراجع التاريخي لنوعية أسماء الجماعات الدينية وألقاب المشايخ المؤثرين يدرك تماماً أنها ساهمت في تموضعها بشكل مؤثر ومطلوب في الذهنية الجمعية للناس، وأعطت لها مكانة عظيمة قريبة من التقديس. فهناك جماعة «الإخوان المسلمين» بمعنى مباشر وغير مباشر أنهم «وحدهم هم الإخوان وهم المسلمون»، وهناك «حزب الله» الذي وظف لفظاً قرآنياً كريماً لأجل الترويج لأعمال تكفيرية وإرهابية. أيضاً هناك «تنظيم داعش»؛ دولة وإسلامية يا له من شعار جميل، ولكن خلفه كل الإجرام. وهناك «أنصار الله» شعار يدغدغ المشاعر، يوجد أيضاً «الجماعة الإسلامية» وهي ذاتية الشرح ليست بحاجة للتوسع في التفسير، وهناك «الجهاد الإسلامي» شعار براق، وخلف من ورائه المآسي.
وطبعاً هناك شعارات وألقاب رفعت من أتباع مشايخ وصنعت اسما مرادفاً للمشاع، فمنحهم مكانة وقدسية باتت غير قابلة للجدل والنقاش فيما يطرحون من آراء بشرية. فمن يستطيع مناقشة «حجة الإسلام» أو «الشيخ الأعظم» أو «الشيخ الأكبر» أو «سماحة العلامة» أو «آية الله» أو «روح الله» أو «آية الله العظمى» وغير ذلك من الألقاب المبجلة، التي تنبع في الأساس عن محبة ثم تتحول سريعاً إلى هالة من القدسية والدفاع المستميت عن الشخصية والآراء الصادرة عنها لتصبح عصبية أشبه بالانتماء إلى الأحزاب والعشائر والأندية الرياضية. إنها قوة العلامة الترويجية، وقدرتها على التأثير على المستهلك.
هذه الألقاب للمشايخ والمجموعات الدينية ما هي في الواقع إلا «علامات» في سوق مفتوح تتعارك وتتنافس للوصول إلى قلب وعقل المستهلك (عامة الناس) فتحاول التأثير عليهم بشتى الوسائل وعبر كافة القنوات لتؤثر على قلوبهم بالعواطف وعلى عقولهم بالأدلة وعلى نفوسهم وأرواحهم بالإحساس بالتقصير وعقدة الذنب. وأقوى هذه الوسائل المساندة لهم في هذه المهمة، هي الاختيار الملائم للأسماء والألقاب، لأنها هي المحرك العاطفي السريع والفعال. وفي التفاعل مع الشأن الديني تبقى دائما قناة العواطف القلبية هي المحطة الأسرع فاعلية.
التسويق والترويج لا حدود لهما، ومحيط الأحزاب الدينية ورجال الدين لم يسلما منهما. وفي عصر التواصل الاجتماعي والفضاء المفتوح ستزداد المعركة للوصول إلى عقل الناس شراسة وضراوة.
التسويق والترويج للسلع معروف، ولكن يبقى التسويق والترويج للأفكار والشخصيات هو الأخطر وخصوصاً إذا غلفت بإطار ديني، فكم الدماء التي سالت والأرواح التي أزهقت باسم كل ذلك أكبر دليل.