توقيت القاهرة المحلي 04:24:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التسويق والترويج الديني

  مصر اليوم -

التسويق والترويج الديني

بقلم: حسين شبكشي

التسويق والترويج له الأثر الهائل والعظيم في تكوين الانطباع وترسيخه عندما تكون المسألة متعلقة بتشكيل السلوك الاستهلاكي للناس، وتفوقت في ذلك الأمر شركات إنتاج المشروبات الغازية والأحذية الرياضية ومطاعم الوجبات السريعة على سبيل المثال. ولكن هذا «النهج» متأصل في تسويق الجماعات الدينية وأسماء أهم المشايخ والمراجع. فالمتابع والمراجع التاريخي لنوعية أسماء الجماعات الدينية وألقاب المشايخ المؤثرين يدرك تماماً أنها ساهمت في تموضعها بشكل مؤثر ومطلوب في الذهنية الجمعية للناس، وأعطت لها مكانة عظيمة قريبة من التقديس. فهناك جماعة «الإخوان المسلمين» بمعنى مباشر وغير مباشر أنهم «وحدهم هم الإخوان وهم المسلمون»، وهناك «حزب الله» الذي وظف لفظاً قرآنياً كريماً لأجل الترويج لأعمال تكفيرية وإرهابية. أيضاً هناك «تنظيم داعش»؛ دولة وإسلامية يا له من شعار جميل، ولكن خلفه كل الإجرام. وهناك «أنصار الله» شعار يدغدغ المشاعر، يوجد أيضاً «الجماعة الإسلامية» وهي ذاتية الشرح ليست بحاجة للتوسع في التفسير، وهناك «الجهاد الإسلامي» شعار براق، وخلف من ورائه المآسي.
وطبعاً هناك شعارات وألقاب رفعت من أتباع مشايخ وصنعت اسما مرادفاً للمشاع، فمنحهم مكانة وقدسية باتت غير قابلة للجدل والنقاش فيما يطرحون من آراء بشرية. فمن يستطيع مناقشة «حجة الإسلام» أو «الشيخ الأعظم» أو «الشيخ الأكبر» أو «سماحة العلامة» أو «آية الله» أو «روح الله» أو «آية الله العظمى» وغير ذلك من الألقاب المبجلة، التي تنبع في الأساس عن محبة ثم تتحول سريعاً إلى هالة من القدسية والدفاع المستميت عن الشخصية والآراء الصادرة عنها لتصبح عصبية أشبه بالانتماء إلى الأحزاب والعشائر والأندية الرياضية. إنها قوة العلامة الترويجية، وقدرتها على التأثير على المستهلك.
هذه الألقاب للمشايخ والمجموعات الدينية ما هي في الواقع إلا «علامات» في سوق مفتوح تتعارك وتتنافس للوصول إلى قلب وعقل المستهلك (عامة الناس) فتحاول التأثير عليهم بشتى الوسائل وعبر كافة القنوات لتؤثر على قلوبهم بالعواطف وعلى عقولهم بالأدلة وعلى نفوسهم وأرواحهم بالإحساس بالتقصير وعقدة الذنب. وأقوى هذه الوسائل المساندة لهم في هذه المهمة، هي الاختيار الملائم للأسماء والألقاب، لأنها هي المحرك العاطفي السريع والفعال. وفي التفاعل مع الشأن الديني تبقى دائما قناة العواطف القلبية هي المحطة الأسرع فاعلية.
التسويق والترويج لا حدود لهما، ومحيط الأحزاب الدينية ورجال الدين لم يسلما منهما. وفي عصر التواصل الاجتماعي والفضاء المفتوح ستزداد المعركة للوصول إلى عقل الناس شراسة وضراوة.
التسويق والترويج للسلع معروف، ولكن يبقى التسويق والترويج للأفكار والشخصيات هو الأخطر وخصوصاً إذا غلفت بإطار ديني، فكم الدماء التي سالت والأرواح التي أزهقت باسم كل ذلك أكبر دليل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسويق والترويج الديني التسويق والترويج الديني



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon