توقيت القاهرة المحلي 10:26:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السير الذاتية... مفتاح للمعرفة!

  مصر اليوم -

السير الذاتية مفتاح للمعرفة

بقلم - حسين شبكشي

الكتاب جزء مهم وحيوي للغاية في صناعة المعرفة، هكذا ينظر إليه في الغرب تحديداً. ولقد أسهمت غزارة الإبداع والإنتاج الفكري للبشر في إخراج العشرات من التصنيفات المختلفة المتعلقة بالكتاب، منها ما هو متعلق بالروايات أو بالسياسة والاقتصاد أو بالخيال العلمي، وصولاً إلى السير الذاتية. وكتب السير الذاتية تحديداً تحظى بقبول عريض لا يتوقف بسبب الفضول الفطري لدى الإنسان لاستراق السمع والتجسس على خصائص حياة المشاهير من ساسة ورجال أعمال وفنانين ورياضيين.


وفن كتابة السير الذاتية لا يتقنه إلا القلة القليلة المتمكنة، وفي السنوات الأخيرة برز بقوة اسم الصحافي الأميركي المخضرم والتر آيزكسون، كأحد أهم الكتاب المتخصصين في هذا المجال الثري والممتع. فهو الصحافي الخبير الذي تبوأ أعلى المناصب في مؤسسات إعلامية كبرى مثل محطة «سي إن إن» ومجلة «تايم»، والذي يدرك بحدسه المهني أهمية القصة والبحث ما بين السطور وخلف الكواليس. ولذلك لقيت كتبه المهمة النجاح والرواج الكبيرين، وهي الكتب التي تحدثت عن شخصيات ناجحة ومثيرة للجدل مثل ألبرت آينشتاين، وهنري كيسنجر، وليوناردو دي فينشي، وبنجامين فرنكلين، وستيف جوبز وغيرهم.

تناولت كتبه القيّمة عن جدارة واقتدار الشخصية الحقيقية التي تقف خلف الشخصية العامة التي يعرف عنها الناس، وبمشرط جراح قدير يقوم آيزكسون بتحليل وتشريح عميق ولافت للذهنية والطباع التي تتحكم في تلك الشخصية، وما مفاتيح تميزها وتفردها.

والآن يخرج علينا والتر آيزكسون بآخر مؤلفاته عن شخصية مؤثرة ومهمة وناجحة وفعالة ومثيرة للجدل، والمقصود هنا إيلون ماسك؛ أثرى رجل في العالم وصاحب شركة «تيسلا» للسيارات الكهربائية ومالك موقع «إكس» للتواصل الاجتماعي الذي كان يعرف سابقاً بـ«تويتر»، وهو أيضاً مؤسس شركة «سبيس إكس» للفضاء التجاري، بالإضافة إلى كثير من الشركات الأخرى التي تعمل في مجالات الطاقة البديلة والتقنية الطبية العصبية على سبيل المثال لا الحصر.

ومن نافلة القول أن إيلون ماسك من أهم وأكثر رجال العالم تأثيراً في المجال الاقتصادي، فهو يملك شركة سيارات شكلت ثورة في مفهوم السيارات الكهربائية أجبرت كل المصنعين الآخرين على اللحاق بها، حتى أصبحت شركة «تيسلا» ذات القيمة السوقية المالية الأعظم، متفوقة على قيمة أهم منافسيها مجتمعين. وفي برنامجه الفضائي يسعى لتوطين 50 مليون شخص على كوكب المريخ لقناعته بأن على البشر أن يكونوا كائنات قادرة على العيش في أكثر من كوكب، خصوصاً مع التهديدات المختلفة التي يواجهها كوكب الأرض. وهو أيضاً الرجل نفسه الذي يراهن على تسخير تقنية الشرائح الإلكترونية بعد زرعها في الدماغ البشري، وجعلها أداة علاج لمشاكل فقدان البصر أو السمع أو النطق أو أمراض العقل، كالصرع وأل زهايمر والباركنسون والتصلب اللوحي.

اشترط والتر آيزكسون على إيلون ماسك مرافقته لمدة عامين حضر فيها اجتماعاته المختلفة وورش العمل واتخاذه قرارات مهمة جداً، وكذلك شاهده في أوقات بعيدة عن العمل يسخر ويمرح، ولكن دماغه لا يتوقف عن العمل خلالها. وهناك أكثر من مائة مقابلة حصل عليها آيزكسون مع ماسك وموظفيه من كبار التنفيذيين في شركاته أعطته زخماً مهماً للغاية مكنه من تكوين الصورة الكاملة في الكتاب لإيلون ماسك.

الخلاصة المثيرة من كتاب آيزكسون الشيق عن إيلون ماسك، أن الرجل كأنه بشخصيات مختلفة، بحسب الناس والمناسبة التي أمامه، ويرجع آيزكسون رغبة ماسك الهائلة في صناعة الإثارة وتحقيق النجاح لطفولة تعيسة للغاية بسبب قسوة والد إيلون ماسك على ابنه وتعديه اللفظي والعنف الجسدي، وتحطيمه نفسياً باستمرار، ما ولّد فيه كائناً غاضباً متوحشاً كان من الممكن جداً أن يسلك طريق الشر ويخوض في ظلمات عوالم الجريمة، إلا أنه صنع لنفسه التحدي الكبير وواجه شياطينه وانتصر عليها، وكان النجاح أكبر انتقام من غضبه ونقمته.

كتب السيرة الذاتية، المميزة والمكتوبة بحرفية شديدة، هي إبحار في أعماق الشخصية والتمعن في عناصر التميز والخروج بعبر وفوائد ودروس بعيداً عن مجرد الانبهار والإعجاب، ولكن التعلم منها والاستفادة؛ بذلك تكون أشبه بدورة مركزة عن مدرسة الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السير الذاتية مفتاح للمعرفة السير الذاتية مفتاح للمعرفة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:25 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

منة شلبي توجّه رسالة شكر لجمهور السعودية بعد نجاح مسرحيتها
  مصر اليوم - منة شلبي توجّه رسالة شكر لجمهور السعودية بعد نجاح مسرحيتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon