بقلم - حسين شبكشي
من لم يزُر السعودية الجديدة ويشاهد بأم عينيه ما حدث ويحدث فيها من تغيرات جذرية فقد فاته الكثير جداً. فمن سمع ليس كمن رأى أبداً. فما يحصل في السعودية الجديدة منذ أكثر من 5 سنوات أشبه بالخيال العلمي الذي تحول في لمح البصر إلى حقيقة وواقع يشعر به الجميع فيها.
السعودية الجديدة والتحولات الجذرية الحاصلة فيها هي نتاج رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وأصبحت حقيقة وليست مجرد رؤية، وهي التي كانت وقت إطلاقها والإعلان عنها تتحدى مخيلات أكثر الناس تفاؤلاً وتأملاً. ولكن جدية العمل ورفع سقف الطموحات والإيمان بقدرات جيل الشباب في السعودية الجديدة؛ كل ذلك من أهم أسباب نجاح التحول الكبير في السعودية الجديدة.
كل الطائرات المقبلة إلى العاصمة السعودية الرياض تعج بالمستشارين والمهندسين والمحامين وقادة الأعمال من جميع أنحاء العالم، جاءوا للمشاركة في أهم المؤتمرات المتخصصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتقنية الحديثة المختلفة، وكذلك للمساهمة بقدر الإمكان في أهم وأكبر المشروعات التنموية في العالم؛ كمدينة نيوم ومدينة القدية الترفيهية وجزر البحر الأحمر ومترو الرياض والمدن الاقتصادية الأربع الكبرى.
هذا كله دونما التطرق إلى الحراك الدبلوماسي الريادي والقيادي والاستباقي على أصعدة مختلفة ومهمة للغاية، جعلت من السعودية الجديدة قبلة الدبلوماسية الإقليمية ومن أهم مراكز الحراك السياسي الدولي.
وهذا تماماً ما يفسر الاجتماعات المتواصلة لضيوف السعودية الجديدة من أنحاء العالم ومن أهم قادة السياسة فيه، والقرارات والاتفاقيات الناتجة عن كل ذلك أصبحت من أدوات التأثير والتغيير، وليست مجرد فرص لالتقاط الصور الفوتوغرافية أو لتسجيل مواقف للذكرى والتاريخ.
وطبعاً هذا يأخذنا إلى الحديث عن التحول الاقتصادي والاستثماري الجاد الحاصل في وضع السعودية الجديدة على خريطة العالم السياحي كنقطة جذب للسياح والاستثمار، وهي مسألة كانت لا يمكن تخيلها أو أخذها على محمل الجد، ولكن لغة الأرقام لا تكذب، وهي تؤكد النمو المتواصل في عدد السياح والزوار إلى السعودية الجديدة لحضور مختلف الفعاليات الجاذبة وزيارة مختلف المواقع السياحية الشيقة. وهي أدت إلى أن يكون القطاع السياحي اليوم جاذباً للاستثمار وللتوظيف بشكل جدي ومحترم، وأصبحت السعودية الجديدة لاعباً جاداً في منظومة السياحة العالمية، وهذا تماماً ما يفسر وصول كبار النجوم في عوالم الفن والرياضة والطهي والأزياء للمساهمة في اللحظة الفارقة للسعودية الجديدة، بغض النظر عن الجانب المادي في هذه العلاقة، إلا أنهم لن يتعاقدوا باسمهم المهم والمؤثر ويضحوا بسمعتهم إذا لم يكن الموضوع حقيقياً وجاداً.
السعودية الجديدة اليوم تقدم أيضاً نموذجاً رائعاً في تطور وتأثير وفاعلية ما تقدمه للمواطن والمقيم والزائر فيها، وذلك المتعلق بالحكومة الإلكترونية فيها التي باتت مضرباً للأمثال حول العالم في نجاحها اللافت.
السعودية الجديدة «ولدت» بسبب قناعة قيادي جريء طرح رؤية جديدة لبلاده، رؤية طموحة واستثنائية وخارج كل الصناديق التقليدية للأفكار والاقتراحات، رؤية رأت أن ما أهدر وضاع من وقت ثمين جداً في لين التعامل وقبول الآراء المتطرفة والفساد الإداري وعدم التحرك الاقتصادي غير التقليدي هي مسائل مدمرة لا يجب السكوت عنها ولا السماح بها مجدداً أو تكرارها بصور جديدة.
في بدايات انطلاقة رؤية 2030 والتغييرات المهمة والمتلاحقة التي أحدثتها كان هناك من يردد أن التغييرات إيقاعها سريع جداً والخوف ألا يستوعبها المجتمع، وما أثبتته الأيام أن الإيقاع قد يبدو في ظاهره سريعاً، ولكنه في حقيقة الأمر كان يعوض المجتمع عن أكثر من ثلاثين عاماً من الجمود والركود والتردد، ليثبت مجتمع السعودية الجديدة للعالم بأسره ولنفسه أولاً من قبل أنه قادر وبامتياز على التكيف والتأقلم بشكل مبهر ومقنع.
هذا المناخ الجديد في السعودية الجديدة هو الذي يفسر الجرأة والثقة التي خرجت منها لتكون أحد أهم محركات الاقتصاد المحلي وأهم محركات الاستثمار العالمي عبر صندوق الاستثمارات العامة الذي يقدم نموذجاً جريئاً وطموحاً للأعمال، كان من نتاج ذلك؛ الإثارة الحاصلة في عالم الرياضة عموماً وفي مجال كرة القدم تحديداً، ليبرهن للعالم بشكل عملي أن ما يحصل في السعودية لا يبقى في السعودية. إذا كنت غائباً عن السعودية الجديدة هذه الأيام فقد فاتك الكثير!