توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاحتباس الحراري الإرهابي

  مصر اليوم -

الاحتباس الحراري الإرهابي

بقلم: حسين شبكشي

ليس جديداً ولا سرّاً ذلك الحديث المتكرر، الذي لا يكاد ينتهي، عن التغيُّرات الحادة والقياسية في المناخ، ومشاهدها باتت واضحة، سواء في موجة ارتفاع الحرارة في أوروبا، التي تواصل تحطيم الأرقام القياسية في درجات الحرارة صيفاً تلو الآخر، أو ذوبان الجليد بشكل هائل ومستمرّ في القطب الجنوبي وفي منطقة غرينلاند، أو هبوط الأمطار بشكل غزير وانطلاق الأعاصير العنيفة بوتيرة غير مسبوقة. ولقد بات من المعروف تبعات ذلك المتوقعة على البنى التحتية في البلدان المتأثرة، وتغيُّر نمط الزراعة، وبالتالي دورة الطعام للبشر، وأثر ذلك المتوقع على الصحة العامة كنتيجة.
ولكن النظرية الجديدة التي يتبناها الغرب في دوائر مراقبة الأمن الوطني هي أن تغيرات المناخ الحادة يُضاف إليها الحكم غير الرشيد تؤدي إلى كوارث إنسانية، وحواضن للإرهاب، ولا يوجد بالنسبة للغرب ما يؤكد ذلك الأمر أكثر من العراق وسوريا، وتحديداً سوريا... على الأقل هذا ما أكده الجنرال المتقاعد ديفيد تيتلي الذي كان من المشككين في جدية التغيرات المناخية وأثرها، ولكنه بات من المؤكدين لذلك، وهو الذي كان رئيس قسم المحيطات في البحرية الأميركية، والآن هو عضو في مجلس المناخ والأمن.
عندما تتم إساءة إدارة الموارد المائية برعونة شديدة، عبر سياسات زراعية متخلفة وفاسدة فقدت بسببها موارد المياه، وأثر ذلك بطبيعة الحال على كثافة المنتجات الزراعية، وعلى جودتها، ومن ثم على الماشية ونوعيتها، فستقع المجتمعات ضحيةً، وتصبح - من ثم - فريسة سهلة للمجاميع الإرهابية والانضمام إليهم نظير مبالغ زهيدة، وهو ما حصل تماماً، بل هناك نظريات تؤكد أن شح المياه، بسبب سوء إدارة الموارد، كان أحد أهم أسباب انطلاق الحرب في سوريا، وهي التي انطلقت في الخاصرة الزراعية للبلاد، في منطقة حوران، وعاصمتها درعا.
منذ عقود، ولتطبيق سياساته الاشتراكية العقيمة، قضى نظام الأسد على مخزون المياه الجوفية، وهو الذي لديه أساساً أزمة سدود مع تركيا لم يحسن التعامل معها، وهو أيضاً على قطيعة سياسية مع العراق. ومع حصول النزوح البشري الهائل بعد حرب العراق، وحصول «ضغط» كبير على الاستهلاك، وحدوث الجفاف الكبير، حدثت الكارثة المائية، وعطشت سوريا تماماً بشكل غير مسبوق قطّ.
ثلاثة أرباع مليون مزارع سوري أصبحوا في ليلة وضحاها غير قادرين على الإنتاج أبداً، ما اضطرهم للهجرة إلى المدن الكبرى، وزاد الضغط، وبدأت نغمة التطرف تستهويهم بعد إحساسهم بأن الحكومة تخلّت عنهم ورمتهم للضياع.
ما حصل في سوريا والعراق دليل قطعي على أن الكوارث الطبيعية، متى صاحبها إهمال وفساد إداري ورعونة في العلاج، هي وجبة دسمة لمصيبة أكبر وأعظم وأكثر تكلفة ولا شك.
التغير المناخي كارثة لوحده، ولكن متى توافق مع تخطيط مدن مدمر وفساد عميق تتجلى نتائجه على شكل إرهاب تكفيري، مثل «داعش» و«حزب الله» و«القاعدة»... الاحتباس الحراري الإرهابي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتباس الحراري الإرهابي الاحتباس الحراري الإرهابي



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon