توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قضية فلسطين بين الإرهاب والاحتلال!

  مصر اليوم -

قضية فلسطين بين الإرهاب والاحتلال

بقلم - حسين شبكشي

عاد الحديث عن القضية الفلسطينية ليتصدر المشهد الإخباري حول العالم بامتياز، فالحوارات والتحليلات الإخبارية للمشاهد المؤلمة في غزة لا تتوقف عن ذكر «ضرورة إيجاد حل للقضية وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني»، وهذا أيضاً يفسر أعداد المسيرات المؤيدة لفلسطين في الكثير من دول العالم بشكل يدعو للاهتمام. في البلدان المؤيدة لإسرائيل هناك نغمة واحدة متكررة لها علاقة بأهمية «وقف العمليات العسكرية ضد إسرائيل وإدانتها كأعمال إرهابية»، وهذه نظرة كلاسيكية متكررة حدثت مراراً وتكراراً من قبل فيما يتعلق بالصراع الأبدي بين الاستعمار والاحتلال من جهة، والاستقلال والحرية من جهة أخرى.

وهو لسان الحال نفسه الذي كانت تردده إسرائيل وقوى الغرب المساندة لها بحق ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية حتى دارت الأيام واستُقبل عرفات في البيت الأبيض من جانب الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون ومعهما رئيس وزراء إسرائيل إسحق رابين ووزير خارجيته شيمون بيريز ليتقاسموا بعد ذلك بشهور جائزة نوبل للسلام. إرهابي الأمس تحول إلى شريك السلام. والمشهد نفسه تكرر مع أهم ساسة إسرائيل نفسها مثل رئيسي وزرائها مناحيم بيغين وإسحق شامير اللذين كانا عضوين في عصابات أرغون وشتيرن والهاغانا الإرهابية، وقاما بالعديد من العمليات الإرهابية بحق بريطانيا وقواتها الموجودة ضمن الانتداب البريطاني على فلسطين، ولعل من أشهر عمليات تلك العصابات الإرهابية كان تفجير «فندق الملك داود» في القدس بأكمله، الذي أوقع عدداً هائلاً من الضحايا جعل من بيغين وشامير على رأس لائحة المطلوب القبض عليهم من قبل السلطات البريطانية بتهمة الإرهاب لتدور الأيام ويتم استقبالهم في شارع داوننغ مقر رئاسة الوزراء البريطانية.

وهناك مثال آخر من المهم استحضاره وهو الرئيس الجنوب أفريقي الأسبق نيلسون مانديلا، الذي كان زعيماً لحركة «المؤتمر الوطني الأفريقي»، التي كانت تقاوم حكم نظام «الأبارتايد» الانفصالي العنصري البغيض، وتم تصنيفه وحركته إرهابيين لتمر الأيام ويخرج مانديلا من زنزانته بعد 29 عاماً في السجن ليحكم بلاده ويعين فريدريك دي كليرك (الرجل الأبيض الذي كان من ضمن فريق الساسة الذين صنفوه إرهابيّاً) نائباً له في خطوة أثارت الكثير من الإعجاب والتعجب وقتها.

وبالتالي تجريم أي جهة تسعى للاستقلال والدفاع عن نفسها ضد الظلم والطغيان والجبروت سيستمر، وستضطر الجهة المحاربة له للتعامل معه واعتباره شريكاً حيوياً له، إنها سنة التاريخ الكونية التي تكرر نفسها في مختلف الظروف والأوضاع مهما تغيرت أسماء الأشخاص والحركات التي ينتمون إليها.

إذا كان العالم قد قَبِل مضطراً التعايش مع ما استخلصته حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين بأنها قررت تقسيم فلسطين، حسب الوجود السكاني في المناطق المعنية، وأعطيت لدولة إسرائيل ما قرابته 20 في المائة من مساحة فلسطين والباقي للفلسطينيين، وهذا تم عام 1948 (وطبعاً هذا الواقع ينافي الأكذوبة الصهيونية التي كان يتم ترديدها باستمرار بأن فلسطين هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، في إشارة إلى اليهود)، واستمرت التعديات الإسرائيلية على أراضٍ فلسطينية لتزداد إسرائيل توسعاً وصولاً إلى حرب 1967، وتم ضم الجولان والضفة الغربية ومدينة القدس (بالإضافة إلى سيناء وقناة السويس)، وهي مناطق تم الاستحواذ عليها بالقوة العسكرية ورفضها المجتمع الدولي وقراراته بضرورة عودة تلك الأراضي من إسرائيل إلى أصحابها، وهو ما ترفضه إسرائيل، وبالتالي يفسر وبشكل بديهي معارك الفلسطينيين للمطالبة بحريتهم واستقلالهم.

إسرائيل كدولة هي منظومة سياسية عسكرية أمنية قائمة على خليط من الفوضى والمعتقدات التوراتية؛ فوضى تبيع فكرة أنها دولة غربية ديمقراطية وسط أوباش يريدون الفتك بها، وهي تشبّه نفسها بالرواية التوراتية «داود في مواجهة جالوت وجيشه الكبير»، وهي رواية تنال دعم الغرب وتأييده لإحساسه بالذنب أولاً ولعشقه لفكرة انتصار الضعيف على القوي.

وفي هذا السياق السردي التوراتي من العهد القديم قد يكون مفيداً تذكير الغرب أن إسرائيل انتقلت من التشبه بداود إلى تقمص فرعون. خسارة إسرائيل في أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) وما تلاها من قصف غزة المتواصل تفوق خسائرها البشرية والمادية، ولكنها اليوم تعاني من شروخ عميقة في سرديتها العاطفية لابتزاز الغرب من خلالها، ولعل صدى ذلك بات من الممكن مشاهدته في شوارع عواصم الدول حول العالم، بالإضافة إلى سجالات مهمة في برلماناتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قضية فلسطين بين الإرهاب والاحتلال قضية فلسطين بين الإرهاب والاحتلال



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon