توقيت القاهرة المحلي 08:53:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في هذه الأثناء بسوريا!

  مصر اليوم -

في هذه الأثناء بسوريا

بقلم: حسين شبكشي

في ظل انشغال العالم بتبعات انتشار فيروس «كورونا» وآثاره المدمرة، ظهر رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، وواجهة النظام الاقتصادي، في شريطين مصورين على وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل المنكسر المشتكي من «الظلم» الذي يتعرض له وملاحقة النظام لأمواله وأصوله وموظفيه، مستخدماً آيات قرآنية وأمثالاً شعبية، لنيل تعاطف الناس. وهذا الظهور الغريب والمفاجئ، يأتي كمشهد جديد في سلسلة الأحداث المتلاحقة التي لا بد من ربطها بعضها ببعض، لمحاولة فهم ما يحصل. فهذا الظهور يجيء بعد تصنيف «حزب الله» تنظيماً إرهابياً في ألمانيا، والبدء في ملاحقة عناصره هناك، وهو البلد نفسه الذي يشهد محاكمة رمزين من الجهاز الأمني القمعي للنظام بتهم مختلفة، تشمل ولا تقتصر على جرائم إبادة، وصفت بأنها محاكمة للنظام الأسدي نفسه.
خلال هذه الأحداث، شهدت الساحة الروسية انتقاداً علنياً حاداً وغير مسبوق في وسائل الإعلام، وعلى لسان بعض المسؤولين، ضد بشار الأسد وأسلوب إدارته للبلاد، وعدم جديته في إحداث إصلاحات جدية وهيكلية في الحياة السياسية والاقتصادية، وتسبب في حالة مزعجة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وصفت بـ«الصداع الأسدي». واليوم ومع الحالة المتأزمة في روسيا نتاج فيروس «كورونا»، وتدهور أسعار النفط، يشعر بوتين أنه وحده في المستنقع اللانهائي في سوريا، وهو مستنقع بالغ التكلفة. وبات اليوم معروفاً أن روسيا طلبت من نظام بشار الأسد «المساهمة» في تكلفة حمايته الروسية، وهو الذي جعل النظام يضغط وبشدة على رموز اقتصاده، وفي مقدمتهم رامي مخلوف، لسداد مليارات الدولارات بشكل فوري، وتم سحب مئات الملايين من الدولارات من البنوك اللبنانية ونقلها لسوريا، مما أثر على وضع الدولار في لبنان، ولم يستطع رامي مخلوف سداد المطلوب منه، وبدأت أجهزة النظام في مصادرة أمواله.
ولكن هناك خلفية مهمة لا بد من أن تروى، وهي علاقة آل مخلوف بروسيا. في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أصدرت صحيفة «الفايننشيال تايمز» البريطانية تحقيقاً مهماً عن استخدام رامي مخلوف ووالده موسكو لتهريب أموالهما إليها، عبر شبكة معقدة من الشركات الوهمية المريبة والغامضة، للتحايل على العقوبات الدولية. ووقتها بدأ محمد مخلوف في «البحث» عن بديل جديد لنظام الأسد ضمن المرحلة الانتقالية القادمة، ورشح لذلك الأمر ابنه رامي، ووصل الخبر إلى بشار الأسد، مما زاد من نقمته على خاله وابن خاله. ولكن كيف تجرأ محمد مخلوف على تقديم نفسه وابنه بديلاً لبشار الأسد؟ لذلك تاريخ وحاضر مهم داخل مناطق نفوذ الطائفة العلوية الحاكمة. تروِّج أسرة مخلوف عن نفسها بأنها كأسرة هي أهم من الأسد، ولها مكانة تاريخية داخل الطائفة. فهناك العلويون الغربيون، أي ساكنو منطقة الساحل، وهذه منطقة نفوذ لرامي مخلوف وأسرته بشكل قوي، وتأثيره هناك كبير، وهم يفضلون التعاون مع روسيا وليس إيران، وهذا على عكس العلويين الشرقيين في قرى حمص وريفها الذين ولاؤهم لماهر الأسد و«حزب الله» وإيران بالمطلق. معروف أن الجيش السوري روسي الهوى منذ زمن، على عكس أجهزة الاستخبارات التي لها ولاء لإيران. ومن الصدمات التي اكتشفها الروس حين قدومهم لسوريا لنجدة الأسد، هو حجم التهلهل والاهتراء الذي أصاب الجيش السوري، والاختراق الإيراني الخطير والكبير له، وهذا الأمر أفشل محاولات الروس لإصلاح نقاط الضعف فيه.
أسماء كثيرة كانت تدور في الرادار الروسي كبديل لبشار الأسد، من غازي كنعان، مروراً بعلي حبيب وآصف شوكت، وصولاً لرامي مخلوف، وكلهم تقريباً تم التخلص منهم، والآن الدور على رامي على ما يبدو.
الروس متمسكون بالإبقاء على رأس النظام من العلويين؛ لأن خروجهم من الحكم سيعني المطالبة باستقلالهم في دولة على الساحل، وهذا مرفوض سياسياً من حليفي روسيا، كل من إيران وتركيا، كل لأسبابه، بالإضافة إلى أن روسيا لن تستطيع تحمل «تكلفة» دعم دولة علوية مستقلة. والآن هناك حديث عن تسليح روسي لميليشيات مسيحية أرثوذكسية، بعد لقاءات مختلفة في هذا الصدد تحت مظلة روسية، باعتبارها حامية الأرثوذكس لمواجهة الميليشيات الإيرانية في سوريا، مثل «عصائب الأمين» و«حزب الله».
كانت لرامي مخلوف جملة بالغة الدلالة في بداية الثورة السورية، حينما قال: «أمن إسرائيل من أمن سوريا»، في دلالة على العلاقة بين البلدين وأهمية موقعه اليوم. الاختيار الروسي لخلافة بشار يتعرض للحرق، وتسجيلاته الأخيرة موجهة لجمهوره في مناطق الساحل، لإيهام الناس بأن بشار الأسد انقلب عليه لصالح فريق زوجته «السنية» أسماء الأسد، التي وصفها أنصاره بأنها من السلالة العثمانية. وما يحدث في لبنان له علاقة بسوريا، فحكومة «حزب الله» هناك تضغط للتطبيع الكامل مع نظام الأسد بأي ثمن.
روسيا كانت تبحث عن بديل للأسد تبقي فيه على الجوهر من دون تغيير في المضمون، تتحايل به على قانون العقوبات الأميركي المعروف بـ«سيزر»، وتضمن مشروعات إعادة الإعمار لها، وتحقق شكلياً التغيير السياسي. وجارٍ الآن البحث عن مرشح جديد بعد حرق رامي مخلوف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في هذه الأثناء بسوريا في هذه الأثناء بسوريا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon