بقلم - حسين شبكشي
الدهشة تأتيك عندما تتلقى الأخبار المفرحة من حيث لا تدري أو من آخر الأماكن توقعاً. هكذا كان الحال في الأيام الماضية، والتي أدهشت أفريقيا فيها العالم. مجموعة من الأخبار المتلاحقة تأتي من القارة السمراء تزيل بالتدريج الصورة النمطية الراسخة في الأذهان.
لا توجد دولة في أفريقيا كانت رمزاً للفساد المالي والسياسي مثل الكونغو التي حكمها وزائير الديكتاتور موبوتو، والآن وبشكل مفاجئ أعلنت النتائج الخاصة بالانتخابات الرئاسية عن فوز مرشح المعارضة فليكس تشيسكيدي، منتصراً على الديكتاتور ابن الديكتاتور جوزيف كابيلا.
الكونغو تشهد تحولاً ديمقراطياً سليماً في الحكم، لمعري مذهل ولا يصدق. وكانت القارة السمراء التي كانت تُعرف بتفشي ظاهرة الانقلابات العسكرية فيها، قد شهدت فشل محاولة انقلاب محدودة في جمهورية الغابون، والتي تم القضاء عليها من قِبل «مؤسسات» الدولة ونظامها الحاكم بما في ذلك المؤسسة العسكرية، التي قامت على الحفاظ على الشرعية، والدفاع عن الرئيس الحاكم. القارة الأفريقية باختصار شديد تشهد توجهاً هائلاً وملحوظاً في الإقبال على صناديق الاقتراع والحكم الرشيد والبعد عن الانقلابات.
ولعل آخر الأخبار المفرحة القادمة من القارة نفسها يصبُّ في نفس الاتجاه، حينما قرر الرئيس الموريتاني الحالي محمد بن عبد العزيز، احترام الدستور والاكتفاء بمدة رئاسية واحدة، وعدم الترشح لجولة جديدة، في خبر تلقاه كل الموريتانيين بفرح عريض وعارم.
طبعاً مشكلات القارة السمراء لم تنتهِ، فهناك مواقع مليئة بالعنف والإرهاب ووجود مجموعات تكفيرية مثل: القاعدة، والشباب، وبوكو حرام، وحزب الله، وداعش، يقتلون ويخطفون الأبرياء بشكل همجي، ولا تزال جيوب الفساد والقبلية والتعصب والجهل منتشرة بشكل مقلق، إلا أن هناك أملاً يتولد وينتشر بين أبناء القارة. ها هو عمدة لاغوس أكبر مدن أفريقيا في نيجيريا يكافح الفساد بشكل مدهش وضد كل التيارات المقاومة لذلك، وها هي إثيوبيا تنفض الغبار عن نفسها لتصبح نمراً جديداً في الاقتصاد الأفريقي، وها هي غانا تواصل تميزها في التوسع الاقتصادي المدروس... هناك العديد من حالات النجاح والتميز الاقتصادي للشركات الصغيرة والمتوسطة أصبحت مضرباً للأمثال، والقصص أكبر دليل على أهمية ما يتم طرحه، ولكن لا شك أن الأخبار الإيجابية الآتية من العالم السياسي الأفريقي ستكون أكبر محفز للاستقرار وبالتالي جذب الاستثمار لتؤكد أن الفترة القادمة هي الحقبة الأفريقية بامتياز. أفريقيا هي آخر الآفاق الاستثمارية للدول والشركات العالمية الكبرى، ولذلك على ما يبدو هناك قناعة بحماية المكتسبات الحاصلة بالتدريج لضمان تطوير الاقتصاد والبناء على ما تم حتى تحصل على مضاعفة المداخيل المقدرة من كل ذلك.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع