توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنها حقبة بوتين

  مصر اليوم -

إنها حقبة بوتين

بقلم: حسين شبكشي

الرواية المفضلة من الأدب الروسي الثري جداً بالنسبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي «سوار العقيق»، وهي من تأليف ألكسندر كوبرين، وهو أقل شهرة من الكتّاب الروس الكبار من أمثال تولستوي ودوستويفسكي وتشيخوف وبوشكين ونيقولاي غوغول. الرواية قصيرة ولكنها، وحسب بوتين في وصفه لها، رواية تبرع في الإنسان وتتعمق فيه، وفي جوانب الروح التي تركز عليها، وهذا سر تفوق كوبرين على غيره. القصة رواية مفعمة بالرومانسية والجوانب الرقيقة والأسلوب الشاعري المليء بالتضحية وموسيقى بيتهوفن.
وتأتي هذه المعلومة كمفاجأة لمن يحكم على بوتين بوجهه السياسي فقط، فهو شخصية مركبة وعميقة، فلاعب الجودو ولاعب هوكي الجليد وصياد الدببة هو أيضاً عازف بيانو بارع، يعشق تشايكوفسكي.
روسيا اليوم هي مرآة لشخصية الرئيس بوتين نفسه. بوتين كان جزءاً من الاتحاد السوفياتي قبل أن ينهار، وشهد تناوب القيادات التي شاخت حتى وصول غورباتشوف وتفكك المنظومة السياسية بعده. بوتين وطني روسي معتز بتاريخ روسيا العميق، ولذلك كان أهم ركائز حماية الرئيس بوريس يلتسين، أول رئيس لروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ثم حكم بعده ووضع نظاماً اقتصادياً يعتمد فيه على اقتصاد الدولة، وبالنسبة إليه هو نظام يودّع فيه الشيوعية وينفتح به على الرأسمالية ولكن بتحكم سيادي، ولذلك تبقى الشركات الروسية الكبرى هي ملك للدولة أو لها فيها الحصة العظمى.
بوتين يتصرف كسياسي وطني لديه رغبة شخصية ودافع عميق «لرد الاعتبار» لبلاده، وهو يسعد برؤية «آثار» سياسته في أميركا الشمالية وأوروبا والشرق الأوسط.
سياسياً وعسكرياً حقق الرئيس بوتين إنجازات تُحسب له، تحديه الأكبر اقتصادي، فالاقتصاد الروسي لا يزال أصغر من الاقتصاد الإيطالي. قوته في النفط والغاز والذهب والماس والحديد والقمح والسلاح والطاقة النووية، إلا أنه يدرك تماماً أنه لا بد لطموحه السياسي العريض لروسيا أن يتحقق، فذلك مشروط بأن يصاحبه اقتصاد واسع ومتنوع وقوي.
بوتين لديه القناعة الشخصية بأنه «وحده» يمتلك مفتاحاً لفتح أبواب الحلول لمشكلات الشرق الأوسط المعقدة، فهو يردد أنه وحده لديه علاقات قوية مع الأطراف جميعها؛ من دول الخليج إلى إيران وصولاً للعراق وسوريا ومصر وفلسطين، بل إنه يغامر بأن اللوبي الروسي في إسرائيل بات القوة السياسية والاقتصادية الأكثر تأثيراً فيها، وأن «لديه» مليوناً وثلاثمائة ألف إسرائيلي من المهاجرين الروس يتحدثون الروسية فيما بينهم، وبالتالي فإن اللوبي الروسي في إسرائيل له وزنه ومن الممكن أن تعلب روسيا دوراً في عملية السلام بين العرب وإسرائيل.
مر الاتحاد السوفياتي بملامح طُبعت بمن يحكمه، حقبة لينين وستالين وخروشوف وصولاً إلى غورباتشوف، والآن هي حقبة روسيا بوتين. كل ملامح وشخصية وأحلام وهواجس الرجل تنعكس على السياسة الروسية. سمات الحالم الوطني والاستخباراتي والمحقق والشكاك الذي يطمئن بعد أن يختبر، تصنع شخصية أحد أهم ساسة الوقت الراهن، وهو لديه قناعة أن الغرب التقليدي إلى أفول وأن هناك قوى جديدة تصعد وحلفاً جديداً يتكون ترعاه روسيا تحت اسم أوروآسيا، وهو خليط من دول ذات توجه جديد بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وهو نفس الرجل الذي تمكن من أن يشكِّك الأميركان في منظومتهم السياسية ويتحالف مع الصين ويصبح أهم مورّد للطاقة لها. إنها حقبة بوتين قبل التفكير في روسيا بعد بوتين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنها حقبة بوتين إنها حقبة بوتين



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon