بقلم : دينا عبدالكريم
وقف المحاضر لمدة ساعة يتحدث عن أمجاده ونجاحاته وعن برامجه لمساعدة الناس وتغيير حياتهم وكيف يقدم برامجه التدريبية التى تساعد الناس لاستخدام مواهبهم فى خلق سوق عمل.. كان حديثه مبهرا للدرجة التى لفتت انتباه كل الموجودين بالقاعة.. إلا أنا!! فقد كنت أعرفه جيدا وقابلته فى مواقف مختلفة ورأيت زاوية أخرى لحياته، ببساطة المثل صار عندى مكسورا ومهتزا بسبب التطبيق!
شابة تنظر بسخرية لأبيها وهو يعنفها ويهددها قائلا (ماعندناش بنات تصاحب!) والجميع ينصحها بالخضوع لهذا الأب لأنه (يخاف على مصلحتها) بينما هى من داخلها غير قادرة على احترامه لأنها وحدها تعرف «سره» وعلاقاته المتعددة مع أخريات غير أمها!
ببساطة أنا وأنت اختبرنا فى حياتنا الكثير من (الشهادات المهتزة) و(العبارات العظيمة الخالية من أى تأثير) فقط لأن أصحابها اختاروا الطريق الشائع من العمل على (صورتهم، وكلماتهم) بينما لم يقدروا أبدا على تحمل نفقة ومشقة أن يقدموا (النموذج الحقيقى) لشكل الحياة التى يتحدثون دائما عنها!
يفشل القادة الاجتماعيون فى إصلاح المجتمع.. الذين لم يصلحوا بيوتهم وحياتهم!
يفشل أبرع السياسيين الذين يقدمون أعظم التحليلات عما يجب أن يكون.. لأنهم لم يقدموا نماذج شخصية لأحزابهم أو تياراتهم السياسية
يفشل القادة الدينيون الذين يكلمون الناس عن القناعة والفضيلة والصبر.. لنفس الأسباب!
هذه قاعدة بديهية معروفة لصناعة التأثير.. إنك لا تصنع تأثيرا بسبب موقعك أو شهرتك أو حتى سلطتك- قد تحقق شهرة- لكن ليس تأثيرا، ولعل معظمنا يستحضر صورة محمد صلاح كنجم شعبى حقيقى يصنع تأثيرا يصلح أن نسميه (شعبيا) لأنه يمس كل القطاعات وليس أقرب من نموذج صورته أثناء قراءته لكتاب حقق أعلى مبيعات وتحميل خلال عدة ساعات بعدها.
صناعة النموذج تنسحب حتى على المؤسسات الكبرى، فلو سألتك عن نموذج لمؤسسة طبية مشرفة وناجحة هل ستتذكر أغلى مستشفى فى مصر أم ستتذكر ذلك المستشفى المجانى القابع فى حى السيدة زينب الشعبى، النموذج الذى يمتحن بالمعايشة والاختبار والصمود أمام هجمات وتحديات يبقى هو الأصدق والأكثر تأثيرا.
لو استطاعت حكومتنا فقط أن تتبنى اكتشاف 10 آلاف مصرى، يقدم كل منهم نموذجاً فى مجاله لـ10 آلاف آخرين.. ستحصد فى شهور التغيير الذى نتحرك فى مكاننا دون أن نجده ونحرث فى البحر دون أن نحصده لسنين طويلة!
الحقيقة أنك شئت أم أبيت تدعم (نماذج) وتصدرها للناس كصورة عامة.. المشكلة تبقى دائما فى اختياراتك.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع