بقلم : د. سعيد اللاوندى
حدثت هذه الواقعة الثقافية فى باريس قبل سنوات وكنتُ طرفاً فيها رغم أنفى، فلقد كتب الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى مقالاً يوم الثلاثاء فى الأهرام هاجم فيه الشاعر أدونيس واتهمه بالشعوبية وقال إنه شيعى محسوب على العلويين فى سوريا، وهو ما اعتبره الشاعر أدونيس تجنياً عليه وتعريضاً به، وكتب مقالاً آخر يرد به على الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى عملاً بحق الرد المكفول فى القوانين الصحفية العالمية، واتصل بى حيث كنت أعمل بمكتب الأهرام بباريس فذهبت إليه فى مكتبه بمنظمة اليونيسكو.
والحق أنه كان ودوداً، لكن هذا لم يمنع من أنه كان يشك فى أن المقال سيُنشر فأكدتُ له أن هذا غير صحيح، وأن القائمين على القسم الثقافى لن يترددوا فى نشر المقال، وتركته فى مكتبه وذهبت إلى مكتب الأهرام وبعثت المقال عن طريق الفاكس وتأكدت من وصوله عبر الهاتف.
وانتظرت يوم الثلاثاء التالى أن يُنشر المقال كما كنا نتوقع أدونيس وأنا.. فلم يحدث! فسألت الراحل الناقد سامى خشبة وكان مسئولاً عن الكتابات الثقافية فوجدته متحاملاً على أدونيس وقال بالحرف الواحد: «لن أنشر مقال أدونيس، ويمكنه أن ينشره فى جريدة الحياة اللندنية التى كان ينشر فيها تحت عنوان مدارات، ولن نلتفت إليه ولا يهمنا غضبه أو فرحه».
أقول الحق لقد أسقط فى يدى ولُذت بالصمت وكذلك فعل الشاعر أدونيس الذى قال عبر الهاتف: «الله غالب». وذات يوم بعد عدة أشهر زار باريس الكاتب الراحل لطفى الخولى الذى ما إن علم بالواقعة إلا هاج وماج وقال لى بعد أن سألنى عن صحة ذلك: «إن الأهرام هو أهرام الأمة ومن حق أدونيس وغيره أن يكتبوا فيه. أرجوك أعطنى المقال وسوف أنشره فى صفحة (فكر قومى)» التى كان يشرف عليها أسبوعياً فى «الأهرام».
وعندما ألح فى طلبه أعطيته صورة من مقال أدونيس كما أن الشاعر نفسه أعطاه صورة أخرى من المقال. وبعد أقل من أسبوع رأينا المقال منشوراً فى صفحة «فكر قومى» مع مقدمة للطفى الخولى أكرم فيها وفادة الشاعر أدونيس وجدد فيها أن الأهرام ليس ملكاً لأحد ومن حق أى مواطن عربى أن يكتب ما يشاء وينشره فى جريدة العرب أجمعين.
بالطبع لقد سعد أدونيس بنشر مقاله وأن الحق تم إذاعته وأنه فقط رد على ما اعتبره إهانة له مثل الشعوبية وكذلك تهمة العلويين التى ألصقها به الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى.
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع