بقلم : د. سعيد اللاوندى
ليس من شك فى أن الرئيس ترامب هو مجرم حرب بموافقة دولية وأخرى أممية، فهذه الضربة التى وجهها إلى سوريا فجر أمس «السبت» بتعاون مع فرنسا وبريطانيا بقيادة أمريكية هى محاولة لحفظ ماء الوجه الأمريكى، بعد أن أعلن الرئيس ترامب أكثر من مرة أن ضرب سوريا أصبح مسألة مفروغاً منها، وأن هذا الأمر سيتم خلال أيام ريثما يتم التنسيق مع ماكرون وتيريزا ماى.
الغريب والعجيب أن أحداً من الدول العربية لم يتحرك، بل بالعكس هناك دول عربية أبدت استعدادها للمشاركة فى هذه الضربة ودول أخرى فتحت فضاءاتها أمام الطيران الغربى لضرب سوريا.
هذا العدوان الثلاثى بقيادة أمريكا يذكرنا بالعدوان الثلاثى على مصر عام 1956 ولا نملك إلا أن نشيد بالجيش العربى السورى الذى تصدى لهذا العدوان الذى بُنى على ترهات ومزاعم لا أساس لها من الصحة.
فلم يحدث أن ضرب الرئيس بشار الأسد شعبه لا فى خان شيخون ولا فى الدومة بأسلحة كيماوية، ومثلما تأكد وباعتراف تونى بلير، رئيس حكومة بريطانيا فى حينه، أنه لم تكن هناك أسلحة دمار شامل فى العراق ولا فى ليبيا، وأن كل ما بُنى على عدوان غربى لم يكن إلا من قبيل الأكاذيب.
المؤسف أن جامعة الدول العربية التى تُسمى نفسها منظومة العمل العربى المشترك لم تُحرك ساكناً، وكأن سوريا ليست دولة عربية مؤسسة لجامعة عام 1945، وها هى انشغلت بقمتها التى تُعقد بالظهران بالمملكة العربية السعودية.
وأعتقد أن الشىء نفسه حدث مع الأمم المتحدة التى ظهرت فى صورة ضعيفة، وحتى لا ينهار نظامها الأساسى بدت على لسان أمينها العام البرتغالى وكأنها متواطئة مع هذه الضربات الظالمة.
ومثلما انهارت العراق، وبعدها ليبيا واليوم اليمن وسوريا، فلا يجب أن ننسى كلمة جون بولتون، سكرتير عام الأمن القومى الأمريكى، الذى قال مع المحافظين الجدد إن البداية ستكون العراق، ثم نثنّى بسوريا، أما مصر فهى الجائزة الكبرى!
الشعب العربى السورى يمر بأزمة لا حدود لها والدول العربية قد تخلت عنه ووجد نفسه وحيداً إلا من مساعدة على استحياء تأتيه من إيران وروسيا، وتؤكد أمريكا أن الضربات المقبلة ستشمل الدول الإقليمية التى تؤيد سوريا.
لقد اعتصمت سوريا بفلسفة المقاومة، وينطبق ذلك على مؤيديها الإقليميين، مثل إيران وحزب الله ولبنان.
لكن أن يكون الشعب العربى السورى هكذا مشاعاً وقابلاً للضرب فى أى لحظة وقتما يقرر الكاوبوى الأمريكى ذلك، فذلك أمر مؤسف.
ومن المؤسف كذلك أن بعض الدول تحرض الرئيس ترامب على ضرب سوريا، ونستطيع أن نقول إن هذه الدول قد دفعت ثمن هذه الضربات مقدماً، وهذا إيذان بأن الأمة العربية قد انهارت تماماً، ولم يعد لها احترام لا فى نفوس الدول الغربية، ولا فى نفوس الأمريكان.
ضرب سوريا حتى إن كان محدوداً يفتح الطريق أمام نشوب حرب عالمية ثالثة، فروسيا التى شعرت بإهانة، وكذلك إيران، لن تظلا صامتتين مدى الحياة.
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع