بقلم - سعيد اللاوندى
الشىء الذى لا يقبل الجدل، هو أن الدول الكبرى، مثل أمريكا وروسيا لا تزال تنظر بدرجة من الحسد إلى دول الشرق الأوسط، وكلنا يذكر الرئيس ترامب عندما كان رجل أعمال وكفى، كان يصرح غاضباً بأن دول الشرق الأوسط، وتحديداً دول الخليج، تستأثر بنسبة كبيرة من الدخل القومى العالمى، ولا بد من وجهة نظره أن يعيد النظر فى تفوق دول الخليج مادياً.
الشىء الآخر، الذى لا أستطيع نسيانه، هو أن أمريكا قد تعلمت من حرب العراق درساً هو ألا تكون طرفاً فى الحروب، لأنها عندما فعلت ذلك، مات من جنودها بضع مئات، ولذلك فكراهيتها للشرق الأوسط لا تزال موجودة، فقط عليها أن تبحث عن دولة أخرى تلعب دور الطرف الآخر ولا تبخل عليها بالسلاح والمساعدات، وبعد قليل من البحث وجدت أمريكا فى تركيا - أردوغان هذا العميل الذى يفعل ما يريده الغرب، لا سيما أنه ليس غريباً عنها، فتركيا كما يعلم القاصى والدانى عضو كامل الأهلية فى حلف الناتو وتحلم بأن تكون عضواً فى الاتحاد الأوروبى.
ولست أبرئ روسيا من هذا الأمر، فقبل أن تتحرش تركيا بعفرين السورية، ذهب أردوغان إلى موسكو، والتقى هناك بالرئيس بوتين، الذى سحب جنوده من طريق عفرين وترك الطريق ممهداً أمام تركيا، والشىء نفسه حدث بالنسبة لأمريكا، معنى ذلك أنه تم الاتفاق ضمناً على أن تركيا تُمثل الدول الكبرى فى منطقة الشرق الأوسط.
وإذا علمنا أن أنقرة كانت دائماً تلوح بأنها يمكن أن تكون المتحدث الرسمى باسم الدول العربية والإسلامية فى جنوب المتوسط، تبين أن هناك بالفعل مؤامرة أمريكية روسية تركية على الدول العربية والإسلامية.
وفى هذا الإطار، لا أستغرب التصريحات العدائية التى أطلقتها الخارجية التركية ضد مصر، فقد أخذت أنقرة الضوء الأخضر من أمريكا وروسيا، لكى تحول منطقة شرق المتوسط إلى ساحة حرب بسبب الاتفاق الذى تم توقيعه بين مصر وقبرص بشأن ترسيم الحدود عام 2013.
هذه التصريحات العدائية لم يطلقها وزير خارجية تركيا مجاناً، وتناست أنقرة وزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو، الذى كان يتحدث عن (صفر مشاكل)، والبعد الاستراتيجى لتركيا فى الدول الإسلامية، ونسيان مسألة الاتحاد، إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى. باختصار نحن أمام عدو جديد هو تركيا يلقى دعماً من الدول الكبرى، بمعنى أن العدو الكلاسيكى الذى كنا نعرفه هو إسرائيل، لقد تم إضافة عدو جديد، وعلينا أن نتعامل مع العدوين معاً الإسرائيلى والتركى، خصوصاً أن بينهما تناغماً شديداً واتفاقاً على الهدف وهو تقزيم الدول الإسلامية.
لقد أخطأت تركيا، لأنها تريد أن تجعل أردوغان الوالى العثمانلى الجديد فى المنطقة الإسلامية الذى يريد أن يتعامل معها كأمصار تابعة للإمبراطورية العثمانية التى كانت.
باختصار نحن أمام عدو جديد تركى أطلق تصريحات هى بمثابة إعلان حرب، ولم تتحرك أى دولة كبرى من التى تزعم أنها رمانة الميزان فى النظام الدولى.
نقلا عن الوطن القاهريه