بقلم - سعيد اللاوندى
يجب أن لا ننسى أن تركيا عضو بارز فى حلف الناتو (حلف شمال الأطلسى)، وأنها أقرب إلى الاتحاد الأوروبى أو القارة العجوز منها إلى العالم الإسلامى منذ أن قام كمال أتاتورك بعلمنة الدولة.
صحيح قد نجد المساجد والمآذن والتكيات التى تملأ الأرجاء، لكن تركيا الحاضر ليس لها علاقة بالإمبراطورية العثمانية القديمة أو الرجل المريض الذى كانت تطمع فيه دول العالم.
ويجب أن لا ننسى أيضاً أن تركيا أقنعت الدول الكبرى، مثل أمريكا وروسيا، بأنها أصلح دولة يمكن أن تكون المتحدث الرسمى باسم الدول الإسلامية، وقد تلقفت أمريكا هذا الأمر بالترحاب، وبدأت تنظر إلى أنقرة وكأنها رمانة الميزان فى المنطقة، فبدلاً من أن تكون أمريكا طرفاً فى معادلات القوة بالمنطقة الإسلامية رأت أن تركيا يمكن أن تقوم بهذا الدور، وكذلك فعل الدب الروسى، وما التنسيق الذى تم مؤخراً بين موسكو وأنقرة بشأن «عفرين» السورية إلا أحد تجليات التعاون التركى الروسى.
باختصار، نحن أمام دولة، هى تركيا، لم تعد تُخفى العداء للدول العربية والإسلامية، وهى تعتزم أن تبنى مجدها على العلاقة العدائية الجديدة مع العالم الإسلامى، ويبدو أن السياسة الخارجية التركية تسير عكس ما كان يريد أحمد داوود أوغلو، وزير الخارجية التركى السابق، الذى كان يرى أن تكون الدول الإسلامية الحالية تابعة لتركيا وأن تتخلى الأخيرة عن حُلم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى وتعود للالتحام بدول العالم الإسلامى.
أياً كان الأمر نحن أمام تركيا جديدة لا تتورع عن إعلان العداء للدول العربية، وما تصريحات وزير خارجيتها الحالى ضد اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص وإصرار بلاده على التنقيب عن الغاز فى شرق المتوسط إلا شكل من أشكال العداء السافر لمصر وللدول العربية التى يبدو أن تركيا لا توليها ما تستحق من اهتمام.
والحق أننا نعيش نظاماً دولياً لم يعد يمتُّ للنظام الدولى القديم بصلة، فإسرائيل لم تعد العدو الأول كما كانت، بمعنى أن إسرائيل ستظل عدواً كلاسيكياً دون شك، لكن تركيا احتلت مكانها لتصبح العدو الأول، أما إسرائيل فسوف تظل عدواً لكن تحتل المرتبة الثانية.
وإذا علمنا أبعاد التنسيق بين تركيا وإسرائيل أدركنا أننا أمام جبهة مكونة من دولتين هما أنقرة وتل أبيب تساعدهما الدول الكبرى لتشكل تحدياً وسيفاً مسلطاً على الدول العربية.
علينا أخيراً أن نفطن لتحركات تركيا التى كانت سبباً فى اندلاع الحرب العالمية الأولى وقد تكون سبباً فى اندلاع الحرب العالمية الثالثة التى تُعرف فى أدبيات السياسة الغربية بحروب تركيا فى شرق المتوسط.
بمعنى آخر إن تركيا يبدو أنها تستعد لحرب ضروس مع دول العالم العربى وبمساعدة الدول الغربية، ولا غبار فى أن تكون البداية مع مصر وقبرص وتحديداً فى شرق المتوسط!!
نقلا عن الوطن القاهرية