توقيت القاهرة المحلي 05:05:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنها فقط 4 ملايين رصاصة!

  مصر اليوم -

إنها فقط 4 ملايين رصاصة

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

التعبير المجازي لوزير الخارجية التركي داوود جاويش أوغلو بأن شحنة السلاح التي وصلت بحراً من تركيا إلى ليبيا: «لم تكن سفن محملة بالأسلحة، ولكن سفينتين محملتين ببعض المسدسات والبنادق» لا يعكس طريقة هرعه إلى العاصمة الليبية طرابلس فور افتضاح أمر سفينة السلاح، وبالطبع لا يعكس الواقع. 
وهذه هي شحنة السلاح الثانية المرسلة من تركيا إلى ليبيا خلال هذا العام. وربما لا يمكن لأحد الجزم إنْ كانت هناك حاويات سلاح أخرى ومواد أولية لصنع المتفجرات قد تسللت من دون علم السلطات الأمنية الليبية، لكن الوضع في ليبيا لا يزال يراوح مكانه من الناحية الأمنية رغم الجهود الأممية سياسياً. 
السلطات التركية نفت علمها بالسفينة التي أبحرت من ميناء مرسين التركي إلى ميناء الخمس الليبي بأوراق رسمية مسجلة على أنها حمولة مواد بناء وأغذية. وهذا النفي لا يحمل سوى معنيين؛ إما أن السفينة وحاوياتها المحملة بآلاف المسدسات وملايين الطلقات حملّت وأبحرت بعلم الأتراك، وأن السلطات التركية تفاجأت بكشف أمرها واضطرت للتنصل من مسؤولية تهريب السلاح إلى الداخل الليبي الذي سيؤكد إنحيازها لطرف ليبي ضد آخر، ويجعلها تحت طائل المساءلة الأممية لخرقها قرار مجلس الأمن الذي يحظر إدخال أسلحة إلى ليبيا منذ تسعة أعوام. والاحتمال الآخر أن السلطات في تركيا فعلاً لا تعلم بأمر السفينة ولا نقل السلاح من أراضيها إلى شمال أفريقيا، وهذا بدوره يشير إلى أن السواحل التركية غير آمنة، وأن الحكومة التركية لا تملك زمام الأمور فيما يتعلق بأمن حدودها البحرية أو البرية، وهذا الاحتمال هو الأسوأ والأكثر إحراجاً لأنقرة.
حتى الجزائر التي قليلاً ما تصدر بيانات رسمية في ظروف مماثلة، أعلنت أن تهريب السلاح من تركيا إلى ليبيا يستهدف الجزائر وكل أمن الشمال الأفريقي. هذه هي الجزائر وليست القيادة العسكرية للجيش الليبي، الذي دائماً ما يوجه الاتهام إلى كل من تركيا وقطر في تأجيج الاحتراب بتمكين الفرق والميليشيات المسلحة المتطرفة من تملك الذخيرة والعتاد والمال. 
شخصياً، لا أشعر بقلق إزاء العملية السياسية في ليبيا لأنها ستكون برعاية دولية، خاصة بعد مؤتمر «باليرمو» في إيطاليا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولقاء الأطراف المعنية بالموضوع الليبي خلاله برعاية الأمم المتحدة، واتفاقهم على إجراء انتخابات العام المقبل، بعيداً عن تركيا وقطر اللتين حاولتا إجهاض المؤتمر بعد استبعادهما من اجتماع تسوية على هامش المؤتمر. لكن من جهة أخرى تتحمل الأمم المتحدة مسؤولية التصدي للتدخلات الأجنبية في الشأن الليبي لعسكرة طرف ضد آخر، خاصة بعد أن باتت ممارسات مكشوفة ومبرهنة. 
أيضاً لا يكفي تنديد بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بتغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، لأن مثل هذه التدخلات تؤثر على الهدف الأصلي من الوجود الأممي ومبعوثها لتحقيق السلم الداخلي، وإحداث مقاربات بين الكتل المتباعدة، إضافة إلى انها خروقات قانونية مثلها مثل تهريب إيران للسلاح إلى جماعاتها المتواطئة معها وإدانة القوى العالمية لهذا السلوك. 
غني عن القول أن تركيا وقطر تعززان الوضع المسلح لجماعات التيار السياسي الديني في غرب ليبيا، ومنها جماعة «الإخوان المسلمين»، ليس في ليبيا فقط بل في كل البلاد العربية. لكن من الأهمية القول إن هذا النهج الذي سارت عليه كل من تركيا وقطر منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا، سيكون له تأثير على الاستقرار الأمني لدول الشمال الأفريقي المواجهة لأوربا، ومثلما تشتكي الجزائر كذلك تفعل مصر وتونس والمغرب، ومثلما تشتكي إيطاليا من المهاجرين غير الشرعيين الهاربين، تشتكي فرنسا من دخول أفكار الإسلام السياسي وإحداث عمليات إرهابية.
وزير الخارجية التركي سارع إلى طرابلس للقاء رئيس الحكومة فائز السراج لتبرئة ساحة بلاده، والاتفاق على عمل تحقيق قضائي مشترك لسبر حقيقة سفينة السلاح المعنية. تسوية رخوة ضد عمل إجرامي كبير بكل أسف وجد قبولاً لدى رئيس الحكومة. لقد كان الأجدر أن يقوم وزير الداخلية الليبي باستعراض الأسلحة التركية التي وجدت مع مسلحين في بنغازي خلال تحريرها، وفتح ملف شحنة السلاح السابقة التي أبحرت من تركيا واستوقفتها اليونان قبل أن تصل إلى سواحل ليبيا مطلع هذا العام. وفي رأيي لا التحقيق المشترك سينتهي إلى شيء ولا حكومة السراج أظهرت غضباً مكافئاً لهذه الجريمة.
ليبيا بلد منهك بما يكفيه، يحاول أن يستجمع قواه للبناء والترميم، هذا هو هدف مبعوث الأمم المتحدة الدكتورغسان سلامة، لذلك فإن التغاضي عن انتهاكات بحق الإنسانية وبحق القانون كالتي تحصل في ليبيا يجب أن تواجه بتحقيق دولي، لأن خبرتنا تذكرنا بأن التحقيقات المشتركة مع السلطات التركية ليست محل ثقة وستطويها الأيام.
قد يُقبل اختلاف حكومة السراج مع الجيش، ولهذا عملت المفاوضات ولهذا يعمل الوسطاء، لكن الاختلاف الذي ينعكس سلباً على استقرار البلاد وأمنها هو بمثابة اختبار للمواطنة.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنها فقط 4 ملايين رصاصة إنها فقط 4 ملايين رصاصة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon