توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران لا تعمل وحدها

  مصر اليوم -

إيران لا تعمل وحدها

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

بلغت المنطقة العربية في عهد الإدارة الأميركية السابقة مبلغاً لم تصل إليه حتى في عشية الخامس من يونيو (حزيران) 1967؛ فوضى عارمة، انهيار في الأسواق، احتراب سياسي ومؤمرات واستقطابات. وإن لم تكن إدارة الرئيس باراك أوباما أو وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون هما السبب في إشعال المنطقة العربية، فسياستهما على الأقل ساهمت في انتشار واستعار النيران التي لا يزال حتى اليوم يصعب تقدير نتائجها من خسائر بشرية ومادية، وستأخذ المنطقة عقوداً حتى تستفيق من هذه الوعكة، إذا افترضنا أنها اليوم بدأت بالتعافي، وهذا عموماً غير دقيق.
إدارة أوباما قضت على أحلام السوريين، فقد زعمت أن هناك خطوطاً حمراء في سياستها تجاه جرائم النظام السوري، لكنها خذلتهم. روسيا التي كانت تحلم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي بوضع قدم واحدة في المنطقة، أصبح لها قواعد برية وبحرية على البحر الأبيض المتوسط في أهم موقع استراتيجي تحت نظر أوباما وفريقه. والإيرانيون، المشكل الأصعب، تمددوا كالورم السرطاني جنباً إلى جنب مع التنظيمات المسلحة «القاعدة» و«داعش» في سوريا والعراق. عملياً، خرج أوباما من البيت الأبيض بعد أن لقن العالم درساً في تطبيق الدمار الشامل بلا أسلحة! ترك أوباما الإدارة بعد أن أضحك سن وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف من على شرفة إقامته في جنيف بعد أن وقع اتفاقاً نووياً ليس في صالح أحد سوى أن يكون سطراً في السيرة الذاتية لباراك أوباما... رحل بعد أن أصبح بشار الأسد يخرج لمنتجعه في اللاذقية بلا خوف، وتممدت جيوب «جبهة النصرة» وطافت «داعش» محافظات العراق.
من جميل حظنا، أن بعض ضربات 2011 وما بعده ارتدت على أصحابها، لكنها كلفت أثماناً باهظة من حياة الناس واستقرارهم. بعض الأنظمة لم تسقط وحدها، بل سقطت معها الدولة بكاملها، مثل ليبيا وسوريا بكل مؤسساتها وبناها التحتية، وبعضها انهار فيها النظام الحاكم لكن ظلت الدولة مهددة بالسقوط وقتاً طويلاً كما كان الحال في مصر. وفي الوقت الذي دخل البيت الأبيض رئيس مختلف عن أوباما وغير أوباما، متفرداً بشخصية قوية وحاسمة، جريء، يعترف بنفسه أن التعبير العفوي المباشر يخونه أحياناً ولا يتمالك نفسه في إطلاقه، لكنه رجل المرحلة بلا أدنى شك. وفيما يخص سياسته الخارجية التي تهمنا، فقد وصل دونالد ترمب في وقت حرج، لكنه مناسب لمحاولة تحسين سمعة السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية التي نعرفها قوية وواضحة الأهداف، بعد أن هيمنت عليها عبارات التردد والوعود الزائفة وشابها اللون الرمادي.
أن تكون الإدارة الأميركية الجديدة على إدراك بمحاور الشر في المنطقة فهذا أمر حسن، والأحسن أن تتخذ خطوات عملية تجاه ذلك. هذا الوعي بمكامن الخطر حدا بالرئيس ترمب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي المعيب كما يصفه، وإدراج شخصيات من «حزب الله» على قوائم الإرهاب، حتى أنه تصادم مع أصدقائه الأوروبيين من أجل فرض عقوبات قاسية على إيران. 
ما يقوم به الرئيس ترمب هو جزء مهم من منظومة الدفاع السياسية عن السلام في العالم، لكن لا بد من الإشارة إلى أن إيران لا تعمل وحدها، وإن كان لها أدوات مثل «حزب الله» اللبناني و«الحشد الشعبي» العراقي ونظام بشار الأسد الديكتاتوري والحوثي اليمني، فهي كذلك تتلقى دعماً سياسياً ولوجستياً من بعض دول المنطقة. المأمول من الرئيس ترمب أن يفتح كلتا عينيه لا عيناً واحدة. إيران وحدها لم كانت لتعربد في المنطقة بلا دعم وأدوات، ومثلما الغضبة الترمبية تسلطت على طهران، يفترض كذلك أن تكون على الأحزاب والمنظمات والدول الداعمة والراعية، بلا تردد وبالقوة نفسها التي يفرضها على الإيرانيين.
أوباما كان يغض الطرف عن الممارسات الإرهابية للنظام الإيراني رغم وضوحها بالأدلة والبراهين والشهود، في وقت يزعم فيه أنه يحارب الإرهاب. على ترمب ألا يقع في الخطأ نفسه؛ دول مثل وقطر وغيرها لا تختلف عن أي جهة أخرى تتلاعب بأمن المنطقة بل وساهمت مع إدارة أوباما في خرابها؛ علاقات بـ«داعش» و حركة طالبان وتنظيم «القاعدة» و«حزب الله» و«الإخوان المسلمين»، سواء علاقات تجارية أو لوجستية، ومحاولات للتحريض والتأليب ضد أنظمة حكم مستقرة.. مثل هذه الممارسات ليست سراً ولا رأياً انطباعياً بل معلومات معروفة لدى واشنطن.
هذه الدول والتنظيمات هي قوة إيران الحقيقية، وإن كانت العقوبات القاسية التي سيفرضها ترمب على إيران هدفها تغيير النظام لسلوكه، فعليه أن يراقب ويحاسب سلوك الدول التي لا تختلف عن إيران كثيراً، لكنها مثلما كانت إيران في وقت أوباما؛ تحاول أن تجمل سلوكها بالشعارات، وتعطي لواشنطن انطباعاً بأن الإدارة الأميركية نجحت في إدارة الملف الشرق أوسطي بالتعاون معها.
إن اختار ترمب أن يقف في وجه إيران وحدها ويتجاهل أو يتقبل سلوكيات دول أخرى داعمة أو متعاطفة مع الإرهابيين، فهو بذلك يبحث عن نصف انتصار، ونصف الانتصار هو في الواقع نصف فشل، لا يليق بإدارته القوية.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران لا تعمل وحدها إيران لا تعمل وحدها



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon