توقيت القاهرة المحلي 22:38:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران لا تعمل وحدها

  مصر اليوم -

إيران لا تعمل وحدها

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

بلغت المنطقة العربية في عهد الإدارة الأميركية السابقة مبلغاً لم تصل إليه حتى في عشية الخامس من يونيو (حزيران) 1967؛ فوضى عارمة، انهيار في الأسواق، احتراب سياسي ومؤمرات واستقطابات. وإن لم تكن إدارة الرئيس باراك أوباما أو وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون هما السبب في إشعال المنطقة العربية، فسياستهما على الأقل ساهمت في انتشار واستعار النيران التي لا يزال حتى اليوم يصعب تقدير نتائجها من خسائر بشرية ومادية، وستأخذ المنطقة عقوداً حتى تستفيق من هذه الوعكة، إذا افترضنا أنها اليوم بدأت بالتعافي، وهذا عموماً غير دقيق.
إدارة أوباما قضت على أحلام السوريين، فقد زعمت أن هناك خطوطاً حمراء في سياستها تجاه جرائم النظام السوري، لكنها خذلتهم. روسيا التي كانت تحلم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي بوضع قدم واحدة في المنطقة، أصبح لها قواعد برية وبحرية على البحر الأبيض المتوسط في أهم موقع استراتيجي تحت نظر أوباما وفريقه. والإيرانيون، المشكل الأصعب، تمددوا كالورم السرطاني جنباً إلى جنب مع التنظيمات المسلحة «القاعدة» و«داعش» في سوريا والعراق. عملياً، خرج أوباما من البيت الأبيض بعد أن لقن العالم درساً في تطبيق الدمار الشامل بلا أسلحة! ترك أوباما الإدارة بعد أن أضحك سن وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف من على شرفة إقامته في جنيف بعد أن وقع اتفاقاً نووياً ليس في صالح أحد سوى أن يكون سطراً في السيرة الذاتية لباراك أوباما... رحل بعد أن أصبح بشار الأسد يخرج لمنتجعه في اللاذقية بلا خوف، وتممدت جيوب «جبهة النصرة» وطافت «داعش» محافظات العراق.
من جميل حظنا، أن بعض ضربات 2011 وما بعده ارتدت على أصحابها، لكنها كلفت أثماناً باهظة من حياة الناس واستقرارهم. بعض الأنظمة لم تسقط وحدها، بل سقطت معها الدولة بكاملها، مثل ليبيا وسوريا بكل مؤسساتها وبناها التحتية، وبعضها انهار فيها النظام الحاكم لكن ظلت الدولة مهددة بالسقوط وقتاً طويلاً كما كان الحال في مصر. وفي الوقت الذي دخل البيت الأبيض رئيس مختلف عن أوباما وغير أوباما، متفرداً بشخصية قوية وحاسمة، جريء، يعترف بنفسه أن التعبير العفوي المباشر يخونه أحياناً ولا يتمالك نفسه في إطلاقه، لكنه رجل المرحلة بلا أدنى شك. وفيما يخص سياسته الخارجية التي تهمنا، فقد وصل دونالد ترمب في وقت حرج، لكنه مناسب لمحاولة تحسين سمعة السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية التي نعرفها قوية وواضحة الأهداف، بعد أن هيمنت عليها عبارات التردد والوعود الزائفة وشابها اللون الرمادي.
أن تكون الإدارة الأميركية الجديدة على إدراك بمحاور الشر في المنطقة فهذا أمر حسن، والأحسن أن تتخذ خطوات عملية تجاه ذلك. هذا الوعي بمكامن الخطر حدا بالرئيس ترمب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي المعيب كما يصفه، وإدراج شخصيات من «حزب الله» على قوائم الإرهاب، حتى أنه تصادم مع أصدقائه الأوروبيين من أجل فرض عقوبات قاسية على إيران. 
ما يقوم به الرئيس ترمب هو جزء مهم من منظومة الدفاع السياسية عن السلام في العالم، لكن لا بد من الإشارة إلى أن إيران لا تعمل وحدها، وإن كان لها أدوات مثل «حزب الله» اللبناني و«الحشد الشعبي» العراقي ونظام بشار الأسد الديكتاتوري والحوثي اليمني، فهي كذلك تتلقى دعماً سياسياً ولوجستياً من بعض دول المنطقة. المأمول من الرئيس ترمب أن يفتح كلتا عينيه لا عيناً واحدة. إيران وحدها لم كانت لتعربد في المنطقة بلا دعم وأدوات، ومثلما الغضبة الترمبية تسلطت على طهران، يفترض كذلك أن تكون على الأحزاب والمنظمات والدول الداعمة والراعية، بلا تردد وبالقوة نفسها التي يفرضها على الإيرانيين.
أوباما كان يغض الطرف عن الممارسات الإرهابية للنظام الإيراني رغم وضوحها بالأدلة والبراهين والشهود، في وقت يزعم فيه أنه يحارب الإرهاب. على ترمب ألا يقع في الخطأ نفسه؛ دول مثل وقطر وغيرها لا تختلف عن أي جهة أخرى تتلاعب بأمن المنطقة بل وساهمت مع إدارة أوباما في خرابها؛ علاقات بـ«داعش» و حركة طالبان وتنظيم «القاعدة» و«حزب الله» و«الإخوان المسلمين»، سواء علاقات تجارية أو لوجستية، ومحاولات للتحريض والتأليب ضد أنظمة حكم مستقرة.. مثل هذه الممارسات ليست سراً ولا رأياً انطباعياً بل معلومات معروفة لدى واشنطن.
هذه الدول والتنظيمات هي قوة إيران الحقيقية، وإن كانت العقوبات القاسية التي سيفرضها ترمب على إيران هدفها تغيير النظام لسلوكه، فعليه أن يراقب ويحاسب سلوك الدول التي لا تختلف عن إيران كثيراً، لكنها مثلما كانت إيران في وقت أوباما؛ تحاول أن تجمل سلوكها بالشعارات، وتعطي لواشنطن انطباعاً بأن الإدارة الأميركية نجحت في إدارة الملف الشرق أوسطي بالتعاون معها.
إن اختار ترمب أن يقف في وجه إيران وحدها ويتجاهل أو يتقبل سلوكيات دول أخرى داعمة أو متعاطفة مع الإرهابيين، فهو بذلك يبحث عن نصف انتصار، ونصف الانتصار هو في الواقع نصف فشل، لا يليق بإدارته القوية.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران لا تعمل وحدها إيران لا تعمل وحدها



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon