توقيت القاهرة المحلي 15:36:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انقسامات حول «وارسو»

  مصر اليوم -

انقسامات حول «وارسو»

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

مؤتمر وارسو الذي يفتتح أعماله في العاصمة البولندية اليوم، بترتيب ودعوة أميركية، حظي بصخب ومناكفات قبل أن يبدأ، لكنه لم يولد ميتاً كما قال جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح. المؤتمر حي يرزق بحضور 79 دولة وأربع منظمات دولية، وحيث أنه مؤتمر للسلام والأمن في الشرق الأوسط فمن البديهي أن تكون أهم عناصر أجندته مرتبطة بإيران. 
تكمن أهمية مؤتمر وارسو بالدرجة الأولى في رسم إطار واضح لمواقف الدول تجاه السلوك الإيراني في المنطقة الذي لم يعد سراً؛ من تسليح ميليشيات خارجة عن القانون وحتى غسيل الأموال وتجارة المخدرات عبر القارات والمحيطات. 
الغاضبون من المؤتمر قبل أن يبدأ هم نظام الحكم في طهران، وهذا مفهوم بالنظر لهدف المؤتمر بفرض مزيد من التضييق عليه، وروسيا كونها حليفاً لإيران وكون الولايات المتحدة هي الراعية والداعية وصاحبة الأجندة، ولهذا اتخذت موسكو قرارها بعدم الحضور.
الموقف الفلسطيني هو المستغرب، وبرره أكثر من مسؤول فلسطيني بأن المؤتمر بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية، ومحاولة للتأثير على المواقف السيادية لبعض الدول من القضية، وجعل إسرائيل دولة مقبولة من محيطها العربي. بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك بدعوة الدول العربية إلى مقاطعة المؤتمر.
من غير الوارد أن تتبدل مواقف دول من القضية الفلسطينية بسبب مشاركتها في مؤتمر، وتستطيع الولايات المتحدة وتحديداً جاريد كوشنر، مستشار البيت الأبيض، الذي يعتبره الفلسطينيون عدواً للقضية، يستطيع أن يتصل مع أي دولة بعيداً عن التجمعات المعلنة دون إذن من أحد.
ما يمكن أن يقال في هذه المناسبة للأخوة في فلسطين، أن قضيتهم العادلة محمية من الدول العربية الكبرى؛ السعودية ومصر والأردن. والقيادة الفلسطينية متيقنة من الموقف السعودي تحديداً كونها راعية للحرمين الشريفين، خاصة بعد تسريبات أخيرة لوثيقة إسرائيلية نصت على أن «السعودية غير مستعدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل أو الموافقة على صفقة القرن من دون أن تقدّم إسرائيل تنازلات للفلسطينيين»، والعاهل السعودي أبلغ رئيس السلطة التنفيذية أن «السعودية كانت مع الأشقاء الفلسطينيين، وما زالت وستستمر في ذلك. نقبل ما تقبلونه ونرفض ما ترفضونه... نحن مع الشرعية الدولية وتطبيق مبادرة السلام العربية من الألف إلى الياء وليس العكس». 
المؤتمر لا يخص القضية الفلسطينية بشكل رئيسي، وكنا نتمنى أن يكون هناك تمثيل فلسطيني في المؤتمر الذي يحاول بناء تحالف عربي لمواجهة التحديات الأمنية التي تمارسها إيران وتركيا. لكن للأسف خابت الظنون. 
الذين يقارنون الخطر الإسرائيلي بالخطر الإيراني غير منصفين، لأن لكل منهما سلوكه السيئ. لكن المهدد الرئيسي للمنطقة العربية اليوم هي إيران، باعتبار حجم الضرر وكثرة ضحاياها في سوريا واليمن ولبنان والعراق. ومن الصدف الجيدة أن تجمع طاولة وارسو كل الدول التي عانت وما زالت تعاني من تدخلات إيران في شؤونها الداخلية ومن خططها لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
تمنينا لو أن الفلسطينيين يتفهمون قضيتنا لأننا طالما تفهمنا قضيتهم، وكنا لهم عوناً عقوداً. الفلسطينيون أنفسهم لم يسلموا من تدخلات إيران في قضيتهم، بل إنها سبب فاعل في الانقسام الفلسطيني، وتغذية الخلافات بينهم كما تفعل إسرائيل، لأن من صالحها أن تظل القضية مشتتة لتكون عنواناً ثابتاً ودائماً للمقاومة المزعومة، أي أن إيران أيضاً عدو بيّن للفلسطينيين ولقضيتهم وليس مجاملة للسعوديين..
أما الذين يبشرون بتطبيع عربي إسرائيلي في المؤتمر، فهم يحاولون النيل منه نصرة لإيران وحلفائها. المعروف أن قاعات المؤتمرات واللقاءات لا تخلق بذاتها تطبيعاً، وفي شهر سبتمبر (أيلول) من كل عام تجمعنا مع إسرائيل قاعة الجمعية العمومية في الأمم المتحدة ولم يحصل تطبيع بسبب غرفة. 
المؤتمر سيعالج قضايا جوهرية كالإرهاب والأمن السيبراني وتهديد الصواريخ الباليستية وأمن الطرق البحرية وملفي سوريا واليمن، وكلها تصب في صالح المنطقة العربية واستقرارها، ولو طرحت مقترحات أو أفكار تخص الدفع بعملية السلام لا تناسب الفلسطينيين، يمكن حينها الرفض علناً أمام المؤتمرين بدلاً من الصراخ عن بعد، ونظام المقاطعات الذي لم يجد نفعاً.
مع كل ذلك، من حق الفلسطينيين مقاطعة المؤتمر، والابتعاد عن أي طاولة نقاش حول القضية الفلسطينية التي تخصهم بالدرجة الأولى، لكن ليس من حقهم الإنكار على بقية الدول العربية حضورها، أو محاولة تصوير المؤتمر على أنه سيعمل على تغيير المواقف الدولية من القضية بهدف تصفيتها، أو أن الحضور تطبيع.
المنطقة تموج بالصراعات، وتختنق بمخيمات اللاجئين، وسوق مفتوحة للسلاح، وهذه المهددات نالت من بعض الدول العربية وتستهدف البعض الآخر، وقلة من هذه الدول تتمتع بالقوة السياسية والعسكرية للدفاع عن أمنها وأمن المنطقة مثل السعودية والإمارات ومصر. وهذا المؤتمر جاء لصالح هذه الدول لأنها تواجه إيران دفاعاً عن نفسها ونيابة عن البقية، وعن بعض الدول العربية الصغيرة التي تتباهى بعلاقتها مع إيران، رغم أنها في حكم اللقمة السائغة الدانية بالنسبة للنظام الثوري الإيراني في أية لحظة.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انقسامات حول «وارسو» انقسامات حول «وارسو»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"

GMT 22:32 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

المخرج كريم اسماعيل يوقع عقد إخراج فيلم "الشاطر"

GMT 22:29 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ابنة هيفا وهبي وحفيدتها يشعلان مواقع التواصل بمقطع فيديو
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon