توقيت القاهرة المحلي 23:14:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي

  مصر اليوم -

تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

  في رده على الانتقادات التي طالت الاتفاق النووي الإيراني، كان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما دائماً ما يكرر أن الاتفاق سيشل قدرة إيران النووية، وهذا هو الهدف، لكنه، أي الاتفاق، غير معني بأنشطتها الأخرى في الشرق الأوسط. وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بدوره يردد أن برنامج تطوير الصواريخ الباليستية ليس ضمن اتفاق فيينا 2015. وملخص القولين، أن إيران توقف نشاطها النووي لكن لا قانون يردعها عن تصنيع وتطوير وتجربة صواريخها الباليستية خاصة المتوسطة والبعيدة لمدى.

عملياً هذا غير صحيح، لأن قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي أقر الاتفاق النووي جاء ضمن بنوده حظر صريح على برنامج إيران الصاروخي الباليستي، وحتى على شراء الأسلحة إلا بموافقة مجلس الأمن.
الذي دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الانسحاب من هذا الاتفاق المنقوص أمران رئيسيان؛ استفزاز إيران للمجتمع الدولي بتجاربها الباليستية المحظورة، واستمرار نشاطاتها المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط خاصة في سوريا واليمن، ثم لبنان والعراق.

صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية نشرت قبل أيام، إثر إعلان ترمب قراره الانسحاب من الاتفاق، مقالاً لكاتبين إيرانيين أكدا فيه أن المتضرر الأكبر من إعادة فرض العقوبات على إيران هم الطبقة المتوسطة وما دونها، أما الطبقة الحاكمة والمسؤولون المتنفذون فلديهم البطاقة الخضراء الأميركية أو الجنسية الكندية والبريطانية، وبإمكانهم ترحيل أموالهم إلى البنوك الكندية والبريطانية في أي وقت يشاؤون، كما أن أبناءهم يدرسون في الغرب، ويستطيعون تلقي علاجهم هناك. وأضافوا أن هذه العقوبات ستؤثر على الاحتجاجات الشعبية لأن الناس ستكون مشغولة بالبحث عن رغيف الخبز بدلاً من الخروج للتظاهر.

قد يكون لهذا الرأي شيء من الوجاهة لو لم تكن هناك تجارب سابقة في الظروف نفسها تدحضه؛ منها احتجاجات الثورة الخضراء عام 2009 التي اندلعت بعد تزوير الانتخابات لصالح محمود أحمدي نجاد. خرجت مظاهرات شهدها العالم، وكانت إيران وقتها ترزح تحت طائلة العقوبات الدولية. أيضا يمكن الرد على مثل هذه الأقاويل بأن إيران بدأت باستعادة عافيتها الاقتصادية منذ نهاية 2015، ومع ذلك خرج الناس في أكبر مظاهرة عمت كل مناطق البلاد في ديسمبر (كانون الأول) 2017 يشكون من الفساد والغلاء ورفع الأسعار والبطالة، وتصدرت النساء الإيرانيات الصفوف الأولى أثناء الاحتجاجات بقلوب ملأى بالغضب واليأس؛ كل ذلك قبل انسحاب الرئيس ترمب من الاتفاق بخمسة أشهر.

النظام الإيراني لم يستثمر عائدات النفط خلال عامين من رفع العقوبات، والمليارات التي عادت لخزينة البنك المركزي الإيراني بأثر رجعي لصالح الناس. لم يشعر المواطن الإيراني بأنه ضمن حسابات النظام الحاكم. لم يتغير شيء بالنسبة إليه على مستوى المعيشة والتنمية المحلية، وأدرك ما يعرفه سلفاً بأن الخارج أهم من الداخل بالنسبة لنظام ولاية الفقيه.

الرئيس الأميركي لم يضع المواطن الإيراني في ظروف جديدة، هذه حاله منذ الثورة الخمينية؛ حروب استنزاف مع الخارج، فساد وقمع في الداخل.

الأوروبيون الذين وجدوا أنفسهم في حجرة الاتفاق النووي وحدهم مع الإيرانيين، يحاولون تقليص الأضرار الناجمة عن انسحاب واشنطن وعودة فرض العقوبات، خاصة فرنسا التي سارعت حتى قبل توقيع الاتفاق النووي إلى الحصول على عقود باهظة متعلقة بترميم مصافي النفط وتطويرها، إضافة إلى الاتصالات وغيرها. والغريب أن الأوروبيين فقدوا حاسة الاستشعار بالتحرك الأميركي الذي لم يكن مفاجئاً ولم يتم تدبيره سراً. الرئيس ترمب منذ حملته الانتخابية وهو يتوعد بتمزيق الاتفاق، ولو ضربنا جدلاً أنها في رأيهم مجرد وعود انتخابية تشرق عليها شمس الواقع وتذوب، كان عليهم فهم مسألة تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي في مارس (آذار) الماضي، وهو رجل صريح وواضح فيما يخص الاتفاق ونظام الحكم في إيران. ترمب لم ينكف يكرر أنه سينسحب من الاتفاق منذ أسابيعه الأولى في البيت الأبيض. مع هذا واصل الأوروبيون مشروعاتهم وتسابقت شركاتهم لدخول السوق الإيرانية الفارغة لملأها. اليوم يمرون بوقت عصيب، الدول الاثنتان والثلاثون في الاتحاد الأوروبي تحاول وضع ترتيبات لتخفيف الأضرار على شركاتها، بعض الأخبار رشحت عن تعويض الاتحاد الأوروبي لهذه الشركات، وأعتقد أن ذلك سيكون مكلفاً اقتصادياً وفشلاً سياسياً في إدارة الملف. تستطيع الدول الأوروبية الاستمرار في مزاولة الأعمال التجارية مع إيران، لكنها ستكون أكثر صعوبة وتعقيداً مع نية ترمب فرض المزيد من العقوبات.

والمرء يتساءل، كيف أمِن رأس المال الأوروبي الدخول في السوق الإيرانية خلال كل تلك الظروف؟ ولن أذكر المسألة الإنسانية التي تدوسها إيران بقدميها كل يوم في سوريا واليمن والعراق ولبنان. هذه دولة مارقة مثلها كانت كوريا الشمالية، لا يمكن الوثوق بها طالما أنها تملك نفوذاً يهدد منطقة واسعة حولها، وطالما أنها الراعي الرسمي لميليشيات إرهابية كـ«حزب الله» وحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وطالبان والحوثي، وطالما - وهذا هو الأهم - أن الشعب الإيراني نفسه غير مستقر الحال، وهذا بحد ذاته عامل يهدد سلامة رأس المال ومستقبله.

حان الوقت لوقف ممارسات إيران الشيطانية... تجربة الاتفاق فشلت، واستمرت إيران كما هي محوراً للشر. لم يوقع العالم مع كوريا الشمالية لتعبر عتبة السلام، ولم ترفع عنها العقوبات، لكنها اليوم قررت ممارسة ذكاء سياسي بالانفتاح على العالم، وفتح صفحة جديدة، على الأقل هذا ما يبدو، رغم أنها دولة نووية وعسكرية لا يستهان بها.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندتية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026

GMT 05:40 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ديكور منزل هيفاء وهبي في بيروت يخطف الأنفاس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon