توقيت القاهرة المحلي 06:29:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إن أرادت إسرائيل أن تكون آمنة

  مصر اليوم -

إن أرادت إسرائيل أن تكون آمنة

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

ليس فقط أن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) هو الأضخم منذ حرب أكتوبر 1973. أيضاً الهجوم الإسرائيلي على غزة هو الأكثر شراسة مطلقاً. والأهم من ذلكما، أنه ولأول مرة، تختلف المواقف الأميركية والإسرائيلية إلى هذا البعد الذي نشهده اليوم. نتنياهو يصر على أن يذهب بعيداً لتدمير القطاع بحيث لا يصبح صالحاً للسكن لسنوات قادمة، مما يجعل منه منطقة منكوبة تهدد بالتدفق البشري تجاه الحدود المصرية والأردنية، وتستلزم الوجود الأممي. والحلفاء العرب لواشنطن من جهة مقابلة، يضغطون تجاه وقف التصعيد ووقف تعطيل الإمدادات الإنسانية. الاختلاف بين تل أبيب وواشنطن، مرده أيضاً حساسية التوقيت، فالرئيس بايدن يدخل عامه الرئاسي الأخير، وهو عادة ما يكون العام الأكثر تردداً في اتخاذ مواقف كبرى حاسمة، كفتح باب التفاوض مع إيران، أو العكس، معاقبتها، ناهيك عن الحرج الشعبي من موقفه الداعم لإسرائيل، واستطلاعات الرأي لا تبشره بخير.

عوامل كثيرة ألقت بظلالها على أهم عامل على نتنياهو أو أي حكومة إسرائيلية مقبلة القلق بشأنه، وهو الداخل الإسرائيلي. الإسرائيليون في الداخل يشعرون بتهديد جدي، ليس بسبب وجود «حماس» أو الفصائل الأخرى؛ التهديد مرجعه الانسحاب التدريجي لثقتهم بحكومة نتنياهو، بعد 100 يوم من هجوم مفتوح لكل الآلة العسكرية الإسرائيلية على قطاع مدني. النتيجة التي يراها المواطن الإسرائيلي اليوم تؤكد له أن خيار العسكرة والحروب لن يصل به إلى بر الأمان، وسيعيش مهدداً بسماع جرس الإنذار والدعوة للجوء للملاجئ، وهذه ليست حياة من السهل القبول بها. المظاهرات ضد حكومة نتنياهو في الداخل الإسرائيلي تعكس خوفاً حقيقياً من فكرة الاستقرار ثم «اللا استقرار» الملازمة لليهود عبر التاريخ، منذ حكم مملكة داود وابنه سليمان عليهما السلام. وهذا الموضوع يتجاوز مرحلة رجل مثل نتنياهو، لم ينجح في سلامه مع «فتح»، ولا حربه مع «حماس». نتنياهو واهم، لا يرى أبعد من أنفه، مرتبك بسبب فكرة إدانته وسجنه، ليس في وضع يجعله ضمن مستقبل إسرائيل.

لو توقفت الحرب في هذه اللحظة، ونحن تجاوزنا المائة يوم، لن يجد المواطن الإسرائيلي شيئاً واحداً يشي بمستقبل مستقر، ولا ضمانات أن تأثير اللوبي الإسرائيلي في أميركا سيكون كما هو بعد 50 عاماً من الآن. لا توجد دولة تختار أن تكون في حالة حرب مع جيرانها، وحالة تضاد مع معظم دول العالم، وتظن أنها ستكون آمنة. اليوم، العالم كله يقف ضد سياسة نتنياهو الشرسة، لكنه ليس ضد دولة إسرائيل، وهذا موقف مهم على الإسرائيليين التشبث به. كل التصريحات المتعصبة التي تخرج من أفواه الجناح اليميني المتطرف من وزراء وأعضاء في الكنيست مجرد تنفيس عن غضب، وزيادة تعتيم على صورة إسرائيل أمام العالم، ولن تجلب للإسرائيليين الأمن ولا حياة مستقرة.

إن كانت إسرائيل تريد أن تكون جزءاً من المنطقة، تتعايش مع أهلها، وتبادلهم احترام السيادة، عليها أن تخرج من المأزق النفسي للسابع من أكتوبر. ولتأخذ حليفتها الولايات المتحدة عبرة؛ فبعد الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) اتخذت الإدارة الأميركية قرارات متسرعة مدفوعة بإحساسها بالإذلال. اتهمت حتى حلفاءها بالتآمر ضدها، عاشت فترة ارتباك وحالة من التيه، بل مارست الكذب على الشعب الأميركي من أجل تحقيق الانتقام من صدام حسين، وصوّرته بأنه يوشك على مهاجمة الأراضي الأميركية بأسلحة دمار شامل، وكانت النتيجة المؤسفة أن العراق، وإلى أجل غير مسمى، سيظل يعاني من تبعات الغزو الأميركي، وأميركا نفسها تواجه حتى اليوم هجمات على قواعدها ومقراتها في المنطقة.

العدو الحقيقي لإسرائيل ليس «حماس» أو «حزب الله» فحسب، بل هم المتطرفون في كل مكان، الذين يظنون أنهم سيكسبون وجودهم بالقوة، العدو هو كل عربي أو إسرائيلي أو فارسي لا يؤمن بالسلام خياراً وحيداً للتعايش. الإسرائيليون بحاجة لإدارة مثل إدارة إسحاق رابين، ووسيط متحمس لحل القضية الشائكة مثل بيل كلينتون، وحكومة فلسطينية تكون لسان الفلسطينيين الوحيد، وتمد يدها للسلام. ستعيش المنطقة في سلام كلما تحسنت علاقة إسرائيل بدول المنطقة وليس العكس كما يفعل الآن نتنياهو باستفزاز مصر والأردن.

التواصل والحوارات التي حققتها إسرائيل خلال السنوات القليلة الماضية مع دول عربية هما نجاح سياسي لها، تستطيع أن تستكمل ما بدأت وتحقق المزيد من الخطوات في سبيل السلام الذي سيحقق لها استدامة تحتاجها. أما البديل عن خيار السلام، هو أن يأتي نتنياهو آخر، يقمع السلطة الفلسطينية، ويرى في السلام انتكاسة، ويعتقد أنه إن فرّق سيسُود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إن أرادت إسرائيل أن تكون آمنة إن أرادت إسرائيل أن تكون آمنة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon