توقيت القاهرة المحلي 00:06:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القدس «الشرقية» لنا

  مصر اليوم -

القدس «الشرقية» لنا

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

  جدولت واشنطن يوم الرابع عشر من مايو (أيار)، أي البارحة، موعداً لافتتاح سفارتها في القدس، بحضور مستشاري الرئيس؛ ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، ووزير الخزانة الأميركية، مع اثنى عشر عضواً من الكونغرس وبحضور ممثلي 32 دولة من أفريقيا وأوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية. خطوة نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرتين، الأولى التي شكلت صدمة للعالمين العربي والإسلامي كانت في نهاية العام الماضي، ثم عاد في بداية العام الجديد إلى تحديد شهر مايو الحالي موعداً لافتتاح السفارة.

لا شك أنه خبر مؤلم، وخطوة مستفزة، وكان لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامية، موقف واضح حول تبعية القدس الشرقية للعرب. وفي تأكيد لاستمرار الموقف العربي سُمِّيت القمة العربية الأخيرة في الظهران «قمة القدس».

الفلسطينيون سيسيّرون مظاهرات رافضة، ومثلهم بعض الإسرائيليين الذين نددوا بهذه الخطوة من حيث كونها في رأيهم تزيد من الهوة بين الفريقين وتباعد فرص تحقيق السلام. وبالتأكيد فإن الأمن الإسرائيلي أعدّ العدة لهذه المناسبة وتأهب لكل الاحتمالات.

المناسبة ليست عادية، رغم أن ترمب ليس أول رئيس أميركي عزم النية، أو أوشك على عمل هذه الخطوة، لكن الفارق أن ترمب رجل أفعال.

المشهد العام يبدو كئيباً لكن علينا دائماً أن نبحث عن وميض وسط الظلام، قد يكون أملاً لمزيد من الضياء في المستقبل.

بالنسبة إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فهي تدرك صعوبة الخطوة على عملية السلام، لكنها من ناحية أخرى ملتزمة بتعزيز الموقف الإسرائيلي وحمايته وسط المنطقة العربية. إنما هناك صعوبات في تنفيذ مشروع نقل السفارة وإن بدت تفصيلية لكنها واقعية ومؤثرة. أهمها الموقع الجغرافي المختار في القدس. القدس مدينة مركبة، مليئة بمبانٍ وبضع أراضٍ معظمها تاريخية تعود ملكيتها إما لمؤسسات دينية إسلامية ومسيحية وإما لأفراد، وبالتالي أنْ تتوسط سفارة واشنطن هذه المنطقة المكتظة فهو أمر مستبعَد سواءً من الناحية الأمنية أو حتى المخاطرة السياسية.

العرب؛ المسلمون منهم والمسيحيون، مؤمنون بأن نصيبهم من القدس هو الشطر الشرقي، الذي يضم المسجد الأقصى أولى القبلتين وكنيسة القيامة، وفي كل المحافل والاجتماعات العربية لم يكن حديث العرب عن القدس بالمجمل بل عن الجزء الشرقي منها، وهذا حق لا مراء فيه.

منذ بداية إعلان ترمب نقل سفارة بلاده إلى القدس، لم يخطر ببالي، ولا غالباً ببال أحد، أنه سينازع المسلمين والمسيحيين في القدس الشرقية، لأنه يدرك قدسية المكان وعواقب المساس به سياسياً وعلى السلم الأهلي في المنطقة. لذلك اختار مقراً بعيداً في القدس الغربية، في منطقة كانت منزوعة السلاح بين إسرائيل والأردن منذ عام 1949، ولكن بعد هزيمة العرب في 67 أصبحت ضمن الأراضي المحتلة.

من حيث المبدأ، للولايات المتحدة حق سيادي في اختيار موقع مقراتها الدبلوماسية، لكن من حيث كونها الدولة الأقوى في العالم، وقد توارث رؤساؤها وساطة السلام منذ عقود، فقد شكّلت هذه الخطوة صدمة انحياز لطرف ضد آخر.

هناك أمران على العرب أن يدركوهما جيداً؛ الأول أن ترمب لن يعود عن رأيه، وأن له حسابات مع دولة صديقة جداً وهي إسرائيل، وكما أقدم على خطوة جريئة في سبيل حماية العرب من النفوذ الإيراني العدائي رغم موقف حلفائه الأوروبيين المعارض، فهو اليوم يقدم لحليفته إسرائيل ما يحميها. واشنطن ليست مضطرة إلى السير وفق توقعات العرب، وتوقعات الفلسطينيين تحديداً الذين عجزوا حتى عن لمّ شملهم وعجزت قضية القدس أن تكون سبباً في توحيد صفوفهم. كما أنّ لنا حساباتنا، لواشنطن كذلك حساباتها.

هذا لا يعني أن موقفها من الانسحاب من الاتفاق النووي كان مقابلاً لسفارتها في القدس، لكنها في النهاية ملتزمة بحماية حلفائها على اختلافهم العرقي والعقائدي والسياسي.

ما الذي يمكن للعرب أن يفعلوه بعد عشرة أيام اتخذت فيها واشنطن قرارين حاسمين؛ الانسحاب من الاتفاق النووي، ونقل سفارتها إلى القدس الغربية؟

في الحالة الأولى نحن نقف مرحّبين بالقرار الأول، ونسانده، خصوصاً ونحن نرى كيف دبّ الخوف في إيران بعد الهجوم الإسرائيلي عليها في سوريا قبل أيام، للحد الذي أعلنت فيه طهران تبرؤها من الهجوم على مواقع إسرائيلية في الجولان. المشروع الإيراني لتطوير الصواريخ الباليستية الذي أصرت إيران على استكماله رغماً عن قرار مجلس الأمن الرافض، كان الخطأ الكبير الذي ارتكبته طهران وعجّل بغضب واشنطن عليها، وستعود العقوبات تباعاً وينتهي عامان من العسل تمتعت فيهما طهران بتحرير يدها لمزيد من العربدة والنفخ في نار الصراعات.

أما الموقف العربي من سفارة واشنطن في القدس الغربية، فمن التعقل، وربما يكون حلماً يراودني، أن يكون سبباً للاندفاع نحو المفاوضات، لا العكس. حالة الغضب التي تولّد الشعور بالعناد والمكابرة لم تجدِ نفعاً سابقاً ولن تجدي لاحقاً. إن كانت الإدارة الفلسطينية تملك الجرأة والحنكة للقفز فوق موضوع نقل السفارة وفرض مفاوضات جادة، فستكون قد قامت بالخطوة التي لا تتمناها إسرائيل وستحرجها أمام المجتمع الدولي. بإمكان العرب الإعلان عن القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين وإن كان التنفيذ غير وارد، ولكن محاولة طرح هذه القضية في مفاوضات أحادية مع ترمب قد تجدد الثقة بين الطرفين.

على الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجرّأ على تنفيذ نقل السفارة، لكنّ هذا لا ينفي أنه رجل شديد البأس وصاحب قرار، وهذه فرصة للفلسطينيين والعرب، ربما لن تتكرر.

نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القدس «الشرقية» لنا القدس «الشرقية» لنا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026

GMT 05:40 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ديكور منزل هيفاء وهبي في بيروت يخطف الأنفاس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon