توقيت القاهرة المحلي 09:41:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليمن وبصيرة الأمم المتحدة

  مصر اليوم -

اليمن وبصيرة الأمم المتحدة

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

القضية اليمنية كما نراقبها شائكة، وما جعلها بهذا التعقيد عاملان رئيسيان؛ الأول، أنه رغم فارق القوة بين الشرعية المدعومة من التحالف العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وجماعة «أنصار الله»، الحوثية، فإن مراعاة التحالف العسكري للقانون الدولي والإنساني بحماية المدنيين من الاستهداف والضرر تحتم عليه استخدام قوة حذرة، تتجنب إصابة المدنيين والمناطق السكنية. المشكلة أن الحوثيين، كما هي استراتيجية إيران المعروفة، يختبئ عناصرهم بين المدنيين، ويتعمدون تخزين أسلحتهم داخل الأحياء السكنية. هذا الفارق الأخلاقي بين الطرفين سبب رئيسي في تأخير الحسم وإطالة أمد الحرب.
العامل الثاني في صعوبة حل الملف اليمني هو الموقف الأممي المتراخي خلال الأعوام الماضية. كل مبعوث أممي كان حريصاً على استمرار الحوار مع الحوثي والخشية من إغلاقهم باب المفاوضات إن أظهر المبعوث الحقيقة المجردة كما هي وكما يعرفها ونعرفها، وهي أن الحوثيين لا يأخذون الحل السياسي بجدية، ولا يطمحون إلى حل سلمي، ولا يملكون قرار الحرب والسلم. كانت التقارير الصادرة من الجهات المعنية في الأمم المتحدة، خاصة خلال السنوات الأربع الأولى من الحرب التي بدأت باستيلاء الجماعة الحوثية على الحكم عام 2014، تساوي بين الشرعية والحوثيين، في الحقوق والواجبات والمسؤوليات والسلوك، ومثلما تدين الممارسات الميليشياوية، أدانت كذلك الحكومة في حق الدفاع عن شرعيتها.
في الذكرى الماضية لثورة 26 سبتمبر (أيلول)، استهدفت جماعة «أنصار الله» الحوثية منزل سلطان العرادة، محافظ محافظة مأرب بصاروخين باليستيين. وبداية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي أطلقت الجماعة ثلاثة صواريخ باليستية على حي الروضة السكني في مأرب، استهدفت منزل رئيس هيئة الأركان صغير عزيز، ومنازل مواطنين مدنيين. وقبل يومين استهدف موكب محافظ محافظة عدن، العاصمة المؤقتة، أحمد لملس بسيارة مفخخة، وسقط خمسة قتلى ليس بينهم المحافظ، وجرحى وتدمير مساكن الأهالي. الحوثيون يرتكبون جرائم اغتيال سياسي، لترويع أعضاء الحكومة ومسؤولي الشرعية، ودفعهم للبقاء خارج اليمن، لخفض معنويات قوات الجيش اليمني، واليمنيين عامة، ولتعطيل عمل الشرعية في مواقعها. يتمنى الحوثي أن يظل أعضاء الحكومة الشرعية ومحافظو المدن خارج اليمن، هذا انتصار معنوي كبير لهم، لأنه يؤكد على تأثيرهم وهيمنتهم.
ورغم أن الرياض تسهم بشكل أساسي في حماية حياة المدنيين من الجوع والمرض وشلل التعليم، بإنفاق مليارات الدولارات من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والتعاون الميداني مع منظمة اليونيسيف لحماية الأطفال من عمليات خطف الميليشيا لهم لتجنيدهم، فهي كذلك تقوم بدور جوهري سياسياً، لتوضيح حقيقة ما يجري في الساحة اليمنية للمجتمع الدولي. النشاط المحموم للدبلوماسية السعودية شكّل خلال العامين الماضيين وجهة نظر دولية منصفة إلى حد كبير تجاه الصراع... كان آخرها، الحراك الذي أفضى إلى رفض تمديد عمل الخبراء الدوليين والإقليميين للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، الذي تشكل بقرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2017. الدول المعنية مثل السعودية واليمن، أبدت موافقة وتعاوناً مع الفريق في عامه الأول، قبل أن يُصدر تقريراً منحازاً لتبييض الجرائم الحوثية. الفريق كان مضللاً للحقائق، ومتجاوزاً لصلاحياته، وسبباً في نجاة الحوثي من المسؤولية الإنسانية أمام المجتمع الدولي عن الجرائم التي يرتكبها من قتل وترويع وتجويع ونهب لمقدرات الناس. ومقابل رفض مجلس حقوق الإنسان بالأغلبية التمديد لهذا الفريق، سجّل المجلس كذلك موقفاً إيجابياً بقرار دعمه لبناء قدرات اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان، وهي اللجنة الوطنية اليمنية التي بدأت عملها في عام 2015، وتتخذ من مدينة عدن مقراً لها، وتقدم تقاريرها دورياً، ومنفتحة على أي مشاركة دولية أو ملاحظات على عملها، لمزيد من المصداقية والشفافية. ما جرى في جلسة المجلس بدورته الثامنة والأربعين غير مسبوق، فهي المرة الأولى منذ إنشاء المجلس عام 2006 يتم فيها رفض مشروع قرار، وفي ذلك دلالة على ثقة الدول الأعضاء في اللجنة الوطنية اليمنية، وإيلائها اهتماماً بالدعم خاصة التقني لإنجاز مهامها، ولولا الثقة بالقائمين عليها لما تكبد المجلس عناء الدعم.
القوى الدولية اليوم أصبحت أكثر موضوعية وحيادية في رؤية الحقائق، والتصريحات التي صدرت خلال الأشهر الماضية من الولايات المتحدة ودول أوروبية تنبئ بصحوة غير مسبوقة في الصراع الذي نعيش عامه السابع، وإدانة صريحة للإرهاب الحوثي، وجرائم الحرب ضد اليمنيين العزل، وضد المناطق المدنية في المدن السعودية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمن وبصيرة الأمم المتحدة اليمن وبصيرة الأمم المتحدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon