بقلم -أمل عبد العزيز الهزاني
في هرم الاحتياجات البشرية الأساسية للعيش، يحتل الأمن قاعدة الهرم، متقدما على كل ما عداه من الاحتياجات الهامة الأخرى بما فيها الطعام والماء.
وحفظ الحالة الأمنية للناس كان قديما يعتمد على ما يسمون برجال العسس، الطوافة الذين يتجولون بين البيوت لمراقبة الطرقات وحفظ الأمن. ومنذ ذلك الحين تطورت السبل والوسائل حتى أصبحت التقنية ركنا أساسيا في المراقبة والضبط والتحري، وهي اليوم عماد الأنظمة الأمنية، من تلك المتعلقة بالأفراد وأمن المنازل وحتى ضبط الحدود الجغرافية الواسعة.
والعوامل التي تؤثر بشكل مباشر على جودة نتائج السياسة الأمنية في أي بلد كثيرة، ومتنوعة بتنوع الموقع الجغرافي والبيئة الاجتماعية والثقافية وكفاءة الأدوات، ويأتي على رأس هذه العوامل استقلالية وتخصص الجهة التي تقوم على حفظ الأمن.
في لبنان على سبيل المثال، حرص حزب الله اللبناني على التحكم في مطار بيروت، كما أنه يهيمن على الدولة بواسطة السلاح الذي تتسلح به ميليشياته، فأصبح دولة داخل الدولة.
الأمن هو ركن الحياة الأول، ليس مسموحا معه التلكؤ أو التقصير وإلا كانت النتائج كارثية، ويمكن بنظرة عابرة على خريطة منطقة الشرق الأوسط فهم ماذا يعني ذلك.
في السعودية ذات المساحة الشاسعة التي تتجاوز مليوني كيلومتر مربع والحدود الممتدة مع ثماني دول، تتعرض لاختبارين أمنيين أحدهما خارجي، والآخر داخلي محلي. أهم اختبار خارجي يتضمن قدوم مليون ونصف المليون حاج من خارج المملكة كل عام، يقيمون لفترة لا تزيد عن شهر ثم يغادرون. وهؤلاء الحجاج الواصلون لأداء فريضة الحج في مكة غربا ثم زيارة المسجد النبوي شمالا في المدينة المنورة من مختلف الجنسيات والدول، مع هذا العدد الهائل يستلزم حالة طوارئ في الموسم المكتظ، خاصة أن أمنها مستهدف من دول مثل إيران التي سبق أن قامت بتهريب عجينة متفجرات سي 4 في حقائب حجاجها في عام 1986 وتمكنت السلطات الأمنية السعودية من ضبطها، وتأمين سلامة مئات الألوف من الأبرياء الذين كانوا سيذهبون ضحية المخطط الإجرامي. ولا ننسى المعتمرين الذين يتوافدون طوال شهور السنة والمزمع زيادة نسبتهم إلى 30 مليون زائر وفقا لرؤية المملكة الاقتصادية 2030.
أيضا من أدوات الحرب السياسية بين الدول الإغراق بالمخدرات، مثلما حاولت مافيا المخدرات التي تتبع حزب الله إدخال الحشيش من جنوب وشمال المملكة. ولا تزال حرب المخدرات تحديا أمنيا كبيرا للقائمين على رصد الحدود والجمارك.
إضافة لمحاولات كانت ولا تزال لتهريب السلاح، ودخول متسللين، وكل ما يترتب عليها من سلبيات، سواء كانوا أفرادا مطلوبين بتهم الإرهاب لهم مآرب شريرة، أو الدخول غير النظامي لمن ينشدون العمل والعيش داخل المملكة. لذا كان خفض نسبة التسلل عبر الحدود 35 في المائة، وضبط نحو مليون مخالف خلال العام الحالي جهدا مثمنا بالنظر للحالة الأمنية المتأزمة على الحدود الجنوبية والشمالية.
واستقرار الحالة الأمنية محليا تحدٍّ كبير هو الآخر، بل ربما أكثر صعوبة، إذا ما علمنا أن نسبة وفيات حوادث السيارات تتجاوز مجموع وفيات أمراض الكبد والقلب والأورام. سلامة السائقين والمشاة في شبكة نقل معقدة ومترامية الأطراف كما في المملكة أمر حيوي، لذلك تعددت وسائل المراقبة والضبط حتى انخفض مستوى الحوادث انخفاضا ملموسا.
خلال هذا العام، سجلت السعودية مؤشرات أداء لعمل الأجهزة الأمنية غير مسبوقة. القدرة على ضبط المخدرات تضاعفت أربعة أضعاف، والحوادث المرورية والإصابات الناجمة عنها انخفض كل منهما نحو 20 في المائة. وتراجع المعدل العام للجرائم؛ القتل انخفض بنسبة تجاوزت 6 في المائة، والسطو المسلح تراجع أكثر من 10 في المائة.
هذه الأرقام وغيرها من تفاصيل لإدارات المرور والأمن العام والمخدرات والدفاع المدني، توجز حجم العمل المبذول في واحد من أهم القطاعات في الدولة وأكثرها حساسية وتأثيرا، رغم التحديات السياسية والاقتصادية الجادة.
نقلا عن الشرق الاوسط
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع