توقيت القاهرة المحلي 03:28:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المفاوضات الحلال والأخرى الحرام

  مصر اليوم -

المفاوضات الحلال والأخرى الحرام

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

التفاوض بين الخصوم ليس تنازلاً، التفاوض نقاش، قبول ورفض، تسوية، التفاوض كلام قد يفضي إلى نتيجة ترضي الطرفين أو تنتهي بالفشل. التسوية هي إحدى أدوات حل المعضلات وليست موقفاً بحد ذاتها. لذلك؛ فإنَّ الطرف الذي يرفض الدخول في تفاوض مع خصمه هو رافض لمبدأ التسوية، وهذا موقف سياسي واضح في عدم الرغبة في الوصول إلى حل، أو تعمد الإبقاء على المشكلة عالقة.

في منطقة الشرق الأوسط نماذج للمفاوضات نجح بعضها وفشل الآخر، وحتى إن بعض ما فشل يعاد استئنافه طالما نية الاتفاق متوفرة. أشهر تفاوض أفضى إلى حل ملموس على الأرض هو ما قام به الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، ومن خلاله الاعتراف بإسرائيل مقابل عودة شبه جزيرة سيناء التي احتلتها إسرائيل في حرب 67.

وغني عن القول أن إسرائيل تنازلت عن أرض احتلتها بمجهودها الحربي في المعركة مقابل اعتراف بها كياناً سياسياً من دولة عربية كبرى. تفاوض جاد والنتيجة منصفة للطرفين.

نموذج آخر للتفاوض الناجح، ما حصل في الاتفاق النووي بين الدول 5+1 وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. المحادثات للتوصل للاتفاق لم تأخذ سوى عام ونصف العام، سمح المرشد الأعلى علي خامنئي لوزير خارجيته جواد ظريف أن يجلس مباشرة مع وزير خارجية أميركا جون كيري، في جنيف وفيينا ونيويورك ولوزان، وخلال هذه المدة كان المرشد يخرج علينا بتصريحات عن «الشيطان الأكبر أميركا»، وأنها الشر الذي يقوّض أمن الشرق الأوسط! شعارات مقابل الفعل الحقيقي الذي يقوم به جواد ظريف في غرف الاجتماعات، والتقاطه صوراً باسمة مع جون كيري والأوروبيين بعد كل جلسة نقاش.

استطاعت إيران أن تنتزع اتفاقاً لصالحها أمام الولايات المتحدة الأميركية والأوروبيين خلال 18 شهراً، وبتفاوض مباشر. احتفلت إيران واعتبرته نصراً لها، وهو فعلاً كذلك، حتى إن ظريف خرج للصحافيين من شرفة مقره في الفندق في لوزان ملوحاً بورقة الاتفاق، وهو يبدو كالطفل يوم العيد.

أما المفاوضات القادمة، ويا للعجب! ستكون بين إسرائيل ولبنان، نعم لبنان التي يحكمها «حزب الله». التفاوض يهدف إلى ترسيم الحدود البحرية بشكل أساسي، بعد أخبار عن توفر مخزون من الغاز في المياه المتنازع عليها بين الطرفين.

ستبدأ الجولة الأولى نهاية الشهر الحالي، بوساطة أميركية وبإشراف أممي. كيف ولماذا قبِل «حزب الله» بجلوس لبنان على طاولة مع الإسرائيليين؟ كيف ولماذا طلب الوساطة الأميركية؟ «حزب الله» يعاني من ضغط هائل من الولايات المتحدة على عناصره وأمواله، ويدعو حسن نصر الله ربَّه ليل نهار أن يخسر دونالد ترمب الانتخابات ليلتقط أنفاسه، مع توقعه بأنَّ جو بايدن سيخفف الضغط عن إيران. لكني شخصياً لا أعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي. السبب ببساطة أن «حزب الله» في حاجة إلى المال، ولبنان في حاجة إلى أن يكون لها موارد من الطاقة، وكلها بالنهاية ستصب في مصلحة «حزب الله»؛ لأنه المستفيد المباشر من أي مداخيل للدولة. إذن، من الناحية النظرية والعملية، لا ترى إيران أو مرشدها بأساً في أن تباشر مفاوضات مع واشنطن أو بوساطة واشنطن طالما أن هذه المشاورات ستعود بالنفع عليها أو على ميليشياتها، وستغض الطرف عن كون أميركا شيطاناً أصغر أو أكبر، أحمر أو أزرق، الاستراتيجية البراغماتية هي التي تنتصر.

السؤال هنا؛ لماذا يحق لإيران و«حزب الله» التفاوض حول مصالحهم مع إسرائيل والولايات المتحدة، في حين تحرّم على الفلسطينيين هذا الحق؟ إسماعيل هنية يرفض التفاوض بحسب توجيهات المرشد الأعلى، ومحمود عباس يقول بأنه لا تفاوض قبل وقف عملية الاستيطان! حسناً! لنذكّر الإخوة في فلسطين أن إيران فاوضت القوى الكبرى حول الاتفاق النووي من دون شروط، وكانت ترزح تحت العقوبات حينها، لكن ذلك لم يثنها عن المضي قدماً لحل مشكلتها، وكوفئت بمائة مليار دولار دفعة أولى لرفع معنويات القيادة الإيرانية. لم تشترط طهران رفع العقوبات أو تسييل أموالها المجمدة، انخرطت في المفاوضات بكل أريحية.

الفلسطينيون رفضوا أميركا وسيطاً، واشترطوا وقف الاستيطان قبل أن تجمعهم طاولة تفاوض، ولا أعرف إن كانت القيادة الفلسطينية أو الفصائل يظنون أن هذا التعنت سيوصلهم إلى نتيجة ما لا نعلمها، لكن الحقيقة المزعجة هي أن نقول ليتهم يتعلمون من إيران! ليتهم ينظرون لمصالحهم بواقعية كما تفعل إيران.

الخلاصة؛ أن عملية التفاوض وعقد الاتفاقيات بين إيران وعملائها ومنهم قطر مع إسرائيل، جائزة وحلال، لكنها محرمة قطعياً على الفلسطينيين أو الإماراتيين أو البحرينيين؛ لأن إيران لا تريد لغيرها أن يستأثر بمنافع السلام. هذه هي القسمة الضيزى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفاوضات الحلال والأخرى الحرام المفاوضات الحلال والأخرى الحرام



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:53 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يرد على منتقديه في تجمع انتخابي بولاية جورجيا
  مصر اليوم - ترامب يرد على منتقديه في تجمع انتخابي بولاية جورجيا

GMT 04:30 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

قائمة الفائزين بـ"جوائز الكرة الذهبية" 2024
  مصر اليوم - قائمة الفائزين بـجوائز الكرة الذهبية 2024

GMT 19:22 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار عملية ومختلفة لتزيين الشرفة المنزلية الصغيرة
  مصر اليوم - أفكار عملية ومختلفة لتزيين الشرفة المنزلية الصغيرة

GMT 19:05 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حلا شيحة تكشف عن سبب ابتعادها عن الأعمال الرمضانية
  مصر اليوم - حلا شيحة تكشف عن سبب ابتعادها عن الأعمال الرمضانية

GMT 10:37 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

تعرف على من هو أحمد مناع أمين مجلس النواب 2021

GMT 06:45 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

أبرز فوائد فيتامين " أ " على صحة الجسم والمناعة

GMT 09:47 2020 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

عبد المهدي يتخلى عن معظم مهامه الرسمية

GMT 04:22 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ريم مصطفى تؤكد أن مسلسل "شديد الخطورة" تجربة مختلفة

GMT 07:44 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

سامي مغاوري يتحدى ابنه في "واحد من الناس" مع عمرو الليثي

GMT 21:05 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مصرية تطلب الخلع من زوجها وتتفاجئ من رد فعله

GMT 18:29 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شخص وإصابة اثنين فى حادث تصادم بالدقهلية

GMT 19:21 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

بوسى برفقة حلا شيحة فى أغرب إطلالة لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon