توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زمزم والنفط والاستثمار

  مصر اليوم -

زمزم والنفط والاستثمار

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

في مقال خص به صحيفة «الشرق الأوسط»، في الأول من هذا الشهر، أشار وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون إلى لقاء رئيس الوزراء البريطاني المرموق ونستون تشرشل مع المؤسس الملك عبد العزيز، رحمه الله، وكيف أن تشرشل تذوق من نبع ماء زمزم واستعذب مذاقه، ويرى جونسون مجازاً أن الماء العذب الآتي من نبع وسط الصحراء بداية لعهد جديد مع المملكة. وفي نهاية مقاله، أشار كذلك إلى أن هذا الماء العذب من المملكة هو الطريق الصحيحة لعلاقة مستمرة قوية.
الصحراء التي تفجر فيها الماء العذب تفجر فيها أيضاً النفط ومداخيله العذبة، وتمر هذه الصحراء اليوم بمرحلة جديدة تتجاوز النفط إلى تحويلها منتجعات سياحية ومشاريع ضخمة هي الأخرى، استمراراً لسياسة المملكة المؤمنة بأن خيرات هذه الصحراء لا تنضب، ما دام هناك من ينقب عنها ويعيد تجديد منابعها.
وما بين أكثر من سبعة عقود، واليوم، عاشت العلاقات السعودية - البريطانية متماسكة وثابتة رغم الممرات التاريخية الصعبة كالحروب العالمية والباردة، وحربي الخليج الأولى والثانية، وأحداث سبتمبر (أيلول)، والاعتداءات الإرهابية على لندن. كلها، كانت بشكل مباشر أو غير مباشر امتحاناً لعمق العلاقة بين البلدين، لكنها كانت دائماً واعدة بحكم فهم حكومتي البلدين لأهميتها الاقتصادية والأمنية.
العالم تعرّف على ولي العهد السعودي قبل نحو عامين، حينما أطلق مشروعه الوطني «رؤية 2030»، وكانت الحكومات الغربية، من خلال وسائل إعلامها، تشكك في مدى قدرة المسؤول الشاب على تحقيق ما يعد به من إصلاحات اقتصادية كونها متداخلة ومرتبطة ارتباطاً كبيراً بالتغيرات الاجتماعية والثقافية. وأساس هذه الشكوك أن المملكة العربية السعودية بلد محافظ أكثر من الحد المقبول، وكانت عوائد النفط تزيد من التردد وعدم الرغبة في التغيير لعدم الحاجة إليه، ما دام أن عوائد النفط تدر من الأموال ما يكفي لتنمية البنية التحتية، من دون الحاجة إلى ما سماه ولي العهد في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» الاثنين الماضي، سياسة «الصدمات»، التي نفذها على المستوى الاجتماعي ومكافحة التطرف والفساد وغيرت وجه المستقبل السعودي.
ارتحل الأمير محمد بن سلمان منذ دخوله بلاط الحكم إلى كل الدول المحركة للاقتصاد العالمي شرقاً وغرباً، يسوّق لرؤيته ويدعو لشراكات أساسها الاستثمار المتبادل، خصوصاً في مجالات التقنية والترفيه والصناعة. لكن الرؤية بشقها الداخلي كانت عاملاً معززاً لقناعة الغرب بأن ولي العهد عازم على المضي قدماً، فأعاد هيكلة الاقتصاد وأسس لبرامج تحول وطني في كل مؤسسات الدولة، وبث الحياة في أوصال الصحراء تماماً كالماء العذب، بأن أحيا فيها روح الثقافة والفن والأدب، ففتحت المسارح للفنون المختلفة، وتنوعت الألعاب الرياضية، فتلقفها السعوديون بقبول فاق الوصف، بعد أن تم لجم المتطرفين الذين كانوا صوتاً متنطعاً طوال عقود أضفت على حياة السعوديين كثيراً من السوداوية والكبت وقتلت فيهم روح الإبداع. أما المرأة التي كانت الضحية الكبرى لمفاهيم الإسلام المتطرفة من قبل هؤلاء، فتعيش اليوم عيداً تلو عيد. بلا مبالغة، كانت المرأة السعودية تتعرض للمهانة مع كل حديث وخطبة من المتشددين، يرونها كالبيت المستأجر، ناقصة عقل ودين، ويحذرون الشباب منها بألا تفتنهم، لأن النساء أكثر أهل النار...! بدعٌ اختلقوها ليحكموا إغلاق المجتمع من خلال استصغار شأن نصفه. من الطبيعي أن هذه الأجواء المعتمة ستحول دون أي تغير إيجابي ملحوظ. المجتمع كان يحتاج إلى صدمة، صدمة مشروطة برجل ذكي واعٍ مشى خطوات تدريجية في الإصلاح، ولاحظ أن المجتمع المسجون ينشد الخلاص. اليوم المرأة تكتسب مزيداً من الأهلية القانونية، وتتوسع في مجالات عملها الوظيفي، محامية ومهندسة وباحثة، ستقود سيارتها بنفسها إلى مقر عملها أو لحضور مباراة فريقها المفضل. ستتمتع بالفنون المسرحية بأنواعها وستتذوق طعم الحياة كما لم يسبق لها.
الغرب يفكر بعقلانية، بأن تغيير المجتمع السعودي من الداخل أصعب بكثير من الإصلاحات الاقتصادية، لأن الأخيرة قرار حكومي بحت، أما التحولات الاجتماعية فهي تحرك ضد تيار متصلب الرأي بث التشدد في نفوس الناس لعقود طويلة. الإصلاحات الاجتماعية التي نفذها ولا يزال وسينفذها ولي العهد السعودي هي ما جعلت الغرب أكثر ثقة بقوته وعزمه في تحقيق مشروعاته الاقتصادية الضخمة، وأكدت لهم أن فترة التغيير التي تعيشها المملكة هي فرصة كبيرة للمشاركة في مبادرة مستقبل الاستثمار التي أطلقتها.
من الناحية السياسية، الوضع مماثل، والقضايا لا تتجزأ. الحرب في اليمن تتقدم لصالح الشرعية، والمؤسسات الأممية المعنية بالجانب الإنساني تستقبل الأموال السعودية وترى كيف يبذل مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية جهوداً كبيرة وأموالاً طائلة لتخفيف معاناة المدنيين. الرياض كذلك تتقارب مع العراق بشكل غير مسبوق منذ حرب الخليج الثانية، العراق ككل بشيعته وسنته، وهو دلالة على الانفتاح السياسي بعيداً عن الآيديولوجيا الطائفية التي نشرتها إيران لتحكم قبضتها على المنطقة العربية. أما الأزمة مع قطر فهي مشكل صغير مقارنة بكل ذلك، ومع أن الدوحة لم تكف عن الصراخ منذ المقاطعة في يونيو (حزيران) الماضي، فإن أسباب المقاطعة مفهومة لدى البلدان الغربية.
كما قال جونسون في مقاله إن مستقبل السعودية والمنطقة والعالم الإسلامي يعتمد على مدى نجاح الأمير محمد بن سلمان، وهي لغة جديدة جاءت بعد مرحلة من التشكيك ثم المراقبة والترقب، إلى الثقة الكبيرة بأن ولي العهد السعودي عامل نجاح، وعوامل النجاح هي فرص براقة للبريطانيين وغيرهم، لن يفوتوها.

نقلا عن الشرق الاوسط السعوديه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زمزم والنفط والاستثمار زمزم والنفط والاستثمار



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon