توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التقارب السعودي مع المرجعيات الشيعية

  مصر اليوم -

التقارب السعودي مع المرجعيات الشيعية

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

ليس من قبيل المبالغة القول إن ما يقف بين المملكة العربية السعودية، قبلة العالم الإسلامي ومركزه النابض، وبين العراق ما بعد 2003 بتعدده الإثني، هو جسر عبور بسيط كان ينتظر أن تصفو أجواؤه للتحرك. الرياض رفعت يدها تماماً عن العراق احتجاجاً على الاحتلال الأميركي، واحتجاجاً أكبر على سوء إدارة واشنطن للملف العراقي بعد سقوط صدام حسين، وعدم أخذها بجدية نصائح المملكة حول التهديد المحيط بالعراق من النظامين الإيراني والسوري اللذين تسببا بدمار هائل للعراق وتهديد لبقية دول المنطقة.

مع الوقت، كما نرى، ثبتت صحة الرأي السعودي وخطأ الأميركي. الإيراني المتربص بالعراق يحمل جراباً كبيراً لمخططات انتقامية وتراكمات نفسية وأطماع لا حدّ لها، فدخلت إيران بعدّها وعتادها وثقلها إلى العراق بلا إذن، وفي أوجّ قوتها الاقتصادية والسياسية أشعلت نار الطائفية، وأججت الصراعات داخل البيت العراقي الواحد الذي كان يضم الشيعي والسني على السواء، واستجاب لها الكثير من الشيعة العرب الذين ظنوا أن حقوقهم التي سلبها صدام حسين باليد اليمنى ستعيدها لهم إيران باليد اليسرى. راقبوا ما يحصل اليوم، لم يعد يصدق إيران سوى الشيعة المنتفعين سياسياً، أو المضطرين إلى مجاراتها حفاظاً على مراكزهم أو على حياتهم.

اجتاحت إيرانُ العراقَ حتى وصلت إلى عمق بيت الرئاسة والبرلمان ومجلس الوزراء، وأصبح الأقرب حظاً لهذه المواقع هو الأقرب مسافة إلى طهران. وخلال هذه السنوات - نحو خمسة عشر عاماً - همّشت السيادة العراقية، حتى بات من الواضح للعراقيين أن العراق من دون إيران بلد آيل للسقوط بسبب صراعاته مع التنظيمات الإرهابية السنية و«القاعدة» بشكل خاص، والذين كانوا يتسربون من الحدود السورية تحت عين صديقهم بشار الأسد ورعاية طهران. أُريدَ بالعراق أن يكون بلداً ضعيفاً، عسكرياً وسياسياً وثقافياً واجتماعياً، أُريدَ به أن يكون أرضاً للرعب والموت، حتى يكون ملائماً للسيطرة الإيرانية التي تتطفل على الأجساد المريضة. عجزت إيران عن الدول المتماسكة في بنيانها السياسي والاجتماعي لكنها نجحت في أفغانستان والعراق ولبنان وسوريا وغزة، وكادت تنجح في اليمن.

وحتى تنظيم داعش الذي احتل الموصل في صيف عام 2014 خلال ساعات، لم تستطع ميليشيات الحرس الثوري الإيراني أن تتخلص منه لولا التدخل الأميركي، تماماً كما حصل في سوريا التي عجزت إيران فيها عن رد المقاومة وبسط نفوذ بشار الأسد الذي كان يوشك على السقوط لولا التدخل الروسي، وبالمثل في اليمن، الذي كان سيذهب لقمة سائغة لإيران من خلال ميليشيا الحوثي، قبل أن تقرر السعودية التدخل وتشكيل تحالف عسكري لتحجيم عملاء إيران وبسط الشرعية. إيران في الحقيقة لديها تسويق إعلامي جيد لقدراتها العسكرية، لكن في واقع الحال هي فشلت في العراق وسوريا واليمن.

انفرجت أمور كثيرة في العراق، وتغيرت الأحوال عما كانت عليه في السابق؛ فالاحتراب الطائفي بات أقل حدة، وارتفعت أصوات برلمانية وشعبية تنادي بمكافحة الفساد، الذي أرى من وجهة نظري أنه العدو الحقيقي لمستقبل العراقيين، وأقول ذلك لأن العراق لا يملك يداً عليا يمكن لها تنفيذ إجراءات المساءلة والمحاسبة لرموز سياسية كبيرة. حتى رئيس الوزراء - وكما يتردد - لا ترتفع يده كثيراً عن منافسيه السياسيين. هذا ما يجعل هذا الخطر في مقدمة ما قد يواجه العراق من أزمات على مدى طويل.
السعودية حريصة على العراق وعلى تقاربها على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي، لكنها بعيدة كل البعد عن التدخل السياسي أو الآيديولوجي، وترى من وجهة نظرها أن العراقيين سواء، مهما كانت انتماءاتهم، ولهذا وجهت دعوة إلى أبرز وأقوى وأشجع الرموز الشيعية وهو السيد مقتدى الصدر، واستقبله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان صيف العام الماضي. وبعدها بشهرين استقبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في الرياض، رئيس الوزراء حيدر العبادي مع وفد رفيع المستوى، وتم التوقيع على تأسيس مجلس تنسيق سعودي - عراقي لمتابعة التطور الجديد في العلاقة بين البلدين. واليوم يزور بغداد وفد إعلامي سعودي من رؤساء التحرير بدعوة من نقابة الصحافيين العراقية، وكان في جدول الزيارة لقاء مع العبادي الذي أكد أهمية التعاون والتعايش لتحقيق الأمن وتطوير العلاقات على أكثر من صعيد.

هذا التقارب يزعج الإيرانيين الذين تفردوا بالساحة العراقية منذ عام 2003، ويكسر سطوتهم التي بدت أنْ لا حدود لها على جميع المستويات. السعودية لا تنافس إيران على العراق، بل تهدف إلى إعادة العلاقات مع بلد عربي جار وشقيق، مر بامتحانات قاسية من انعدام للأمن وتبديد لثرواته، بل إن الرياض لم تتدخل لتسليح السنة حتى في أوجّ الصراعات الطائفية وتهميش حقوقهم كمواطنين، لإيمانها بأن مثل هذه التدخلات تزيد من شعلة النار ولن تطفئها.

العراقيون اليوم أمام درس من دروس التاريخ، واقع عاشوه واستخلصوا منه العبر، بأن العراق لا بد أن يتطهر من الوجود الإيراني، وأن تكون سيادته مصونة ضد أي تدخل. هذه الدرجة من الوعي ربما لم تصبح مبدأ راسخاً لدى الكثير من العراقيين، خصوصاً الشيعة الذين يعتقدون أنهم الحلقة الأقوى في اللعبة السياسية، لكن الأكيد أن رموزاً وشخصيات عراقية شيعية قيادية رفيعة مدركة لخطر التدخل الفارسي على هويتهم وحياتهم، وخطورة ما آلت إليه بلادهم بسبب جار السوء الذي شرذم العراقيين واستخدمهم ضمن خريطة العبور إلى سوريا، وسطا على عاصمتهم العربية بغداد بأن سمّاها عاصمة للإمبراطورية الفارسية التي يحلمون بها.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقارب السعودي مع المرجعيات الشيعية التقارب السعودي مع المرجعيات الشيعية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon