توقيت القاهرة المحلي 00:10:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زيارة بايدن والتوافق العربي

  مصر اليوم -

زيارة بايدن والتوافق العربي

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

 

حتى أجيب عن السؤال الذي ختمت به مقالي الماضي: ما العائد على واشنطن من زيارة بايدن للسعودية؟ دعوني أقرأ الواقع بشكل عكسي؛ ماذا لو كانت أزمة «كورونا» انتهت وعاد الاقتصاد العالمي للانتعاش، ولم تقم الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟ ماذا سيكون موقف كل من الولايات المتحدة والصين وروسيا والسعودية؟
واشنطن ستكمل خطة تموضعها الجديد في الشرق لمعالجة أولوياتها الجديدة؛ تعزيز العلاقات مع أستراليا واليابان، لمواجهة محتملة مع الصين، وهذه الأخيرة ستكمل خططها الاقتصادية بالتمدد غرباً إلى الشرق الأوسط وأوروبا وحتى إلى أميركا التي أغرقتها ببضائع عالية الجودة ورخيصة الثمن، لكنها ستكون مستعدة لأي مواجهة من المتوقع أن تكون شرارتها من تايوان. روسيا ستمارس فرض هيمنتها في سوريا من دون عوائق، وتعميق وجودها ثقافياً واجتماعياً للتفوق على الوجود الإيراني، ستكمل الصراع الصامت بينهما، وستكون قواعدها العسكرية المواجهة لأوروبا محط جدل لكنها لن تكون كافية لاستفزاز واشنطن، مثل جزيرة القرم التي استولت عليها روسيا في 2014. وظل السجال حولها 8 أعوام قبل نشوب الحرب. السعودية ستكمل رسم مصالحها بعيداً عن ضغوط المحاور، ستكون أذرعها ممتدة للشرق والغرب، فهي أكبر مورد نفطي للصين، التي تنافس أميركا في التعاون العسكري مع السعودية. أسواق النفط ستكون مستقرة ومُرضية للجميع، بمعدل توافقي ما بين 50 - 75 دولاراً للبرميل، وستكون «أوبك بلس» هي الضامنة والداعمة للاستقرار. في هذه الظروف الافتراضية، ستخطو واشنطن لأول مرة بعيداً عن الشرق الأوسط، بكل مشاكله وأيضاً مزاياه، لأن مصالحها متحققة، ومخاوفها الجديدة بعيدة عن المنطقة، وكل ما سيربطها هو خيط رفيع يضمن لإسرائيل عدم حصول إيران على سلاح نووي.
في واشنطن، يذكر بعض المحللين أن حرب أوكرانيا أكدت صحة قرار إدارة بايدن بالاتجاه شرقاً، وأنها، أي الحرب، عجلت بالمواجهة المتوقعة. الواقع، أن المفارقة العجيبة أن هذه الحرب هي من أعادت واشنطن للشرق الأوسط، ليس لأن مصير أوكرانيا يؤرقها لكن لأن الحرب كشفت نقاط ضعف كبيرة في أمن الطاقة، والغذاء، وكل دول العالم التي تعاني اليوم من تداعيات الحرب، ستعيد تقييم مصالحها على المديين المتوسط والبعيد. اتضح لواشنطن أن «أوبك بلس» التي أسهم دونالد ترمب في استقرار تحالفها، وبالتالي استقرار أسواق الطاقة، هي العقدة التي يصعب تفكيكها، لأن التفاهمات بين «أوبك» وروسيا لا يمكن حلها بطلب أميركي، وعلى الولايات المتحدة تقبل الوضع الراهن واحترام ما اتفقت عليه المنظمة مع الروس.
الإعلام الأميركي ركز على أهداف زيارة بايدن للسعودية بأنها ستتناول ملفات ثلاثة؛ الأمن، والطاقة، وحقوق الإنسان، لكن الزيارة فعلياً لم تخدم هذه الملفات بأي تحول جديد. التعهد الأميركي بالحفاظ على أمن المنطقة، بشكل خاص من السلوك الإيراني العدواني على دول المنطقة، ومحاربة الإرهاب الذي تمثله الميليشيات المتطرفة مثل «داعش»، تعهد قديم أكد عليه بايدن وظهر كإعلان مباشر بعودة الولايات المتحدة. ارتفاع أسعار النفط وشح إمدادات الغاز بسبب الحرب والعقوبات على روسيا، وتهديد موسكو لأوروبا بوقف تدفق الغاز، جعلها تبحث عن بدائل بعيداً عن «أوبك بلس»، لكن كل البدائل المطروحة كانت غير كافية، إما لأن الدول المصدرة لا تملك سعة إنتاج كافية للتعويض مثل قطر، أو لأن هذه الدول مارقة مثل إيران وفنزويلا ومن المحرج الاعتماد عليها كبديل ما لم يوقع الاتفاق النووي وإتاحة النفط الإيراني في الأسواق، وهو الأمر الذي تحاول روسيا تأخيره للضغط على أوروبا. وبالنسبة للرياض كان موقفها واضحاً بالالتزام بما يتفق عليه أعضاء «أوبك بلس».
أما ملف حقوق الإنسان، فقد أصبح ملوثاً بالنفاق السياسي لدرجة فاضحة. الخطايا التي ارتكبها الغرب ضد حقوق الإنسان خلال عقدين من الزمن كافية لأن تكون على رأس قائمة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان، منذ حرب أفغانستان إلى سقوط بغداد، وحتى لوثة الربيع العربي الذي راح ضحيته الملايين من موتى أو مشردين، كلها تثقل الضمير الغربي، وتؤثر على موقفه في تقييم موضوعات هذا الملف. ولا يمكن مقارنة حادثة فردية حصلت خطأ كما حصل في مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بمشاريع كبرى زلزلت دولاً بسكانها وقامرت بمصائر أهلها.
زيارة بايدن، وهذه الإجابة من وجهة نظري، لم تقدم للولايات المتحدة سوى أنها تصحيح مسار وإقرار بأهمية منطقة الشرق الأوسط لمصالحها. لكنها بالنسبة للمنطقة حملت معها استحقاقات مهمة؛ كانسحاب القوات الأممية من جزيرتي تيران وصنافير وبالتالي سيكون للسعودية ممر مائي دولي مهم إضافة لمضيق باب المندب، وستتحول الجزر المهجورة إلى جزر كنز حية بالمشروعات التنموية التي تخدم المنطقة، إضافة إلى ضمان التمويل الدفاعي العسكري للرياض، وإعادة تفعيل الاتفاقيات المبرمة سابقاً.
الزيارة الرئاسية للشرق الأوسط كانت مقررة لأهم دولتين بالنسبة للولايات المتحدة؛ إسرائيل والسعودية. لكن المملكة، كما فعلت سابقاً مع زيارة دونالد ترمب، دعت قيادات مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الكبرى للاجتماع مع الرئيس الأميركي، لأن الرياض تعتقد أن التكتل العربي في اجتماعات من هذا النوع، يعطي أهمية بالغة للمنطقة، ويرسل رسالة واضحة بأن المنطقة العربية اليوم في أفضل حالاتها، وأن دورها مهم في حل قضايا دولية كبيرة مثل استقرار الطاقة والحرب ضد الإرهاب، والمناخ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة بايدن والتوافق العربي زيارة بايدن والتوافق العربي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:09 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ
  مصر اليوم - دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ

GMT 20:39 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

يوسف الشريف خارج دراما رمضان 2025
  مصر اليوم - يوسف الشريف خارج دراما رمضان 2025

GMT 22:12 2019 الجمعة ,24 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 1.01% في أسبوع

GMT 21:55 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أبوريدة يبحث ترتيبات مباراة مصر وتونس مع وزير الشباب

GMT 22:51 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف نوع جديد من العناكب الذئبية جنوب إيران

GMT 21:31 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

حنان ترك غاضبة من حلا شيحة بعد خلعها الحجاب

GMT 07:06 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

أبوسعدة يكشف عن تنفيذ قطر حُكم تعويض أسر القتلى

GMT 18:35 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

آبل تستبدل بعض هواتف "iPhone X" التي تعاني من مشاكل

GMT 17:43 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

حمادة صدقي يعلن دراسة السنغال بشكل جيد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon