توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تساقط رموز نظام المرشد

  مصر اليوم -

تساقط رموز نظام المرشد

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

عقودٌ طويلةٌ من التعديات والتطفل على دول المنطقة والعالم، دأب عليها النظام الثيوقراطي في إيران. كانت اللاعب العنيف البارز على مسرح الأحداث؛ اختطاف طائرات، أعمال تخريبية، تطفل على سيادة الدول بالسلاح. تحولت المنطقة إلى ساحة الصراع الأكبر في العالم بسبب هذا النظام الفاشي. زمن طويل ودول المنطقة المسالمة تدفع بأموالها وجنودها وثقلها السياسي في محاولة كفّ شرور هذا النظام الشرير الذي يحلم بالهيمنة على المنطقة العربية. ومن أجل هذا الهدف، تحول هذا النظام إلى مافيا، تدير أعمالاً قذرة حول العالم من تجارة المخدرات والدعارة والاتجار بالبشر، ثم غسل الأموال التي تلزمها للإنفاق على الاعتداءات الوحشية في بلدان تطمع بالسيطرة عليها. كان من الصعب محاولة الاستخفاف بتأثير إيران على رسم الأحداث، وتحديد مصائر دول عجزت عن مقاومتها، وتجلَّت هذه القوة بشكل واضح بُعيد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، لأنَّ العراق، بوابة العبور الرئيسية ومركز التمويل، أصبح ساحة مستباحة بعد فشل واشنطن حينئذ في قراءة واقع المنطقة، وإدارة الأزمة، ونقل السلطة، والتعامل مع العراق الجديد بظروفه الجديدة.
لم تكن إيران وقتها نمراً من ورق، كانت نمراً وحشياً يزأر وينهش، وغرقت العراق في الدماء التي راحت ضحية احتراب الميليشيات المدعومة من إيران مع تنظيم «القاعدة»، الذي اتفق مع نظام الملالي على وحدة الهدف، وساعد كل منهما الآخر لتصبح العراق على ما هي عليه اليوم. ثم سوريا وتداعيات ثورتها، واليمن، والبحرين، ولبنان الأسوأ حالاً بين كل مستعمرات إيران. ومع أن المجتمع الدولي حاول بخطوات متأخرة لجم هذه الوحشية، لكنَّه كان متراخياً ومتردداً، لأنَّ آلية نظام القانون الدولي بطيئة ومعقدة لا تواكب سرعة التحرك الإيراني المسعور، ومسابقة نظامها للزمن للحصول على قنبلة نووية.
نقطة التحول الكبيرة التي غيرت اتجاه الريح عكس ما تهوى طهران كان تمزيق الاتفاق النووي من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب. أهمية هذه الخطوة كونها كانت في بداية فترة حكم ترمب، وهذا يعني تصاعد التوقعات بسنوات كبيسة على النظام، وهو ما حصل فعلاً، لأنَّ العقوبات الاقتصادية بلغت مبلغاً لم يحصل من قبل، خصوصاً المتعلق بمجال الطاقة وتصدير النفط. ومع أنَّ أثر العقوبات كان واضحاً من خلال تقليص نشاطها المسلح في الدول المستهدفة، لكن الأسوأ كان في الداخل الإيراني الذي ظهر للعالم من خلال رفض الشارع للنظام ورموزه، وحتى المقرات الدينية التي أحرقت في دلالة على أن الحوزات هي مراكز توليد الملالي ونقطة ارتكازهم. ولم تتوقف إدارة ترمب عند هذا الحد، ونفذت أهم عملية زلزلت هيبة النظام من خلال اغتيال الجنرال قاسم سليماني. وسليماني لم يكن عسكرياً ذكياً ومخططاً بارعاً ورجلاً ملهماً لجماعته فقط، بل كان المرشد الأعلى في العراق وسوريا، بكل ما تعنيه هذه المكانة من نفوذ وسطوة وتأثير. ومع أن الجنرالات البديلين متاحون، لكن سليماني كانت يده طليقة من قبل المرشد الأعلى، وهذا ما جعل النظام في إيران يشعر بانتكاسة كبيرة معنوية ومادية بخسارة الرجل الأول لهم خارج الحدود. إيران بدورها أعطت رد فعل مقابلاً، من خلال مخالفات مرصودة في برنامجها النووي وبرنامج تطوير الصواريخ الباليستية، وهذا ما فرض سلاحاً آخر في المعركة ضدها من خلال اقتناص كبار علمائها في الفيزياء النووية. تصفية خبراء السلاح، أياً كان مجال تصنيفهم، أمر ليس جديداً في مواجهة كسر العظام، ولم يكن اغتيال إسرائيل مؤخراً للعالم الإيراني محسن فخري زاده هو السبق الأول، لكن ينطبق عليه ما ينطبق على سليماني، بأنه الرجل الرمز، والأب الروحي للنشاط الذي ترفعه إيران في وجه العالم. ومع أنَّ إيران عرفت بنشاطاتها العدائية في دول مختلفة من العالم، لكن هذا لا يعني أن نجاحها الذي بدأت فيه لا يزال قائماً. هناك إخفاقات كبيرة خلال السنوات الماضية لأجهزة الاستخبارات الإيرانية، مثل فشل خطة اغتيال السفير السعودي في واشنطن آنذاك عادل الجبير، ثم كشف ملابسات الخطة وتفاصيلها. أيضاً فشل المخابرات الإيرانية في تنفيذ عمل إرهابي كانت تخطط له مدة طويلة لإفشال مؤتمر المعارضة الإيرانية (مجاهدين خلق) في باريس عام 2018.
هل تغير النمر المتوحش إلى آخر يئن متخماً بالجراح؟ هذا واضح. وما تسبب في الإحراج لاستخبارات الحرس الثوري أن فخري زاده لم تتم تصفيته بصاروخ عن بُعد، كادت عملية الاغتيال أن تفشل لأنَّ سيارته لم تنفجر، ما دعا فريق المهمة إلى سحب فخري خارج السيارة والإجهاز عليه بالسلاح، ثم اختفى الفريق خلال دقائق. هذا لم يحصل في الصومال أو اليمن أو نيجيريا، بل في إيران، التي تفاخر بقوة أجهزتها الاستخباراتية. إيران لم تخسر عالماً جباراً مثل فخري فقط، بل خسرت هيبتها وعلى أرضها.
السؤال الذي يخطر ببالنا في هذه اللحظة؛ إلى أي مدى تغلغل الموساد في الداخل الإيراني؟ وإلى أي درجة بنى لنفسه خلايا نائمة؟ رموز النظام يتساقطون مثل الذباب في ظل عجز الحرس الثوري، الذين يمنون أنفسهم بأنَّ جو بايدن الرئيس الأميركي المنتخب سيكون أكثر مرونة معهم كما كان زميله باراك أوباما. الوصول لهذه المرحلة من الرجاء واليأس تنبئ بأن قاعدة نظام الحكم في إيران بدأ ينخر فيها العفن، وأنَّ قوة ميليشياتها في لبنان واليمن وسوريا والعراق كانت لسبب، وهو أنَّ هذه البلدان ضعيفة أمنياً، وليس لأنَّ رجال المرشد نمور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تساقط رموز نظام المرشد تساقط رموز نظام المرشد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon