توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أمل اللقاحات وانفراجة الأزمة

  مصر اليوم -

أمل اللقاحات وانفراجة الأزمة

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

نحن نوشك على بلوغ عام كامل منذ غزو فيروس (كوفيد - 19) للعالم، وفرضه قيوداً غير مسبوقة في التاريخ الإنساني في حركة التنقل والتجارة.
ومع أن الإنسان تعرض لأوبئة على مر العصور، لكن لم يسبق أن حكم أي وباء مهما بلغ عدد ضحايا قبضته على الأرض كما فعل فيروس «كورونا». السبب بطبيعة الحال يرجع إلى وسائل التنقل السريع، الذي نقل الفيروس من أطراف الصين إلى جنوب البرازيل، ومن بريطانيا إلى أستراليا. التنقل السلس والسريع جاء في غير صالح البشرية هذه المرة. حتى الحروب العالمية لم تترك هذا الأثر بهذا الشكل الأفقي والرأسي. عام كامل تقريباً ونحن نعيش تجربة «الإغلاق» في زمن الانفتاح الهائل! مفارقة عجيبة. لكن الظرف الصحي فرض أحكامه وامتثل الجميع من حكومات وأفراد. كان التحدي الأولي إنجازاً أكبر قدر ممكن من اختبارات الفحص للكشف عن الإصابة، وفشل في هذا التحدي حتى تلك الدول الغنية، لأن الطلب تجاوز العرض، والملايين اضطروا للبقاء في منازلهم منعزلين عن أحبتهم حتى يعبروا الفترة الحرجة. لا شك أنها كانت تجربة قاسية نفسياً بشكل أساسي، حتى لمن لم تلحقهم إصابة، الترقب قد يكون أسوأ من حصول الحدث نفسه، ومع الإغلاق كلنا بتنا ننظر إلى آخر النفق إن كان هناك بصيص من نور.
لكن لطف الله لا حدود له، ونحن اليوم نتسابق في نقل البشائر حول لقاحات متعددة خرجت دفعة واحدة كلها أثبتت فاعليتها في كبح انتشار الفيروس، وتعزيز مناعة الجسم ضده، من دون أعراض جانبية مقلقة. العلم وحده هو الوسيلة التي أنقذت البشرية قديماً وحديثاً، على اختلاف الحالات الظرفية. والجيد في اللقاحات أن تنوعها جاء على أساس أن كل واحد منهم يعمل بآلية دفاع مختلفة، لكنها بالنهاية تستهدف محاصرة الفيروس. ومع سقف الآمال الذي ارتفع، يترقب الناس موعد صافرة الانطلاق، للعودة للحياة الطبيعية كما كنا قبل 2020، وأهم مظاهر العودة هو السماح بالسفر، الذي كان من أهم الإجراءات التي ضبطت انتشار الفيروس رغم كل سلبياته وأضراره التي لحقت بالكثيرين.
في السعودية، أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) الماضي أن الأول من يناير (كانون الثاني) موعد مرجح لفتح المنافذ الجوية والبرية والبحرية، لكن ربطت هذا الإجراء بما تراه وزارة الصحة حينها. والسؤال لا يزال قائماً، خاصة أن موسم الإجازة النصف سنوية اقترب، والناس تواقة للسفر ليس فقط للاستجمام، بل للإحساس بأمان العودة للحياة الطبيعية، ودلالة عبور مرحلة الخطر. فهل يمكن أن نسمع قريباً قراراً بهذا الشأن؟
حتى يمكننا فقط التخمين، علينا أن نتذكر أن حالة الاستقرار التي عاشتها المملكة وسط زوبعة انتشار المرض، وجرعات الهلع منه التي نسمعها كل يوم في نشرات الأخبار لم تكن سهلة. الإجراءات كانت صارمة لدرجة أنها مسّت الحج والعمرة، الشعائر، خوفاً على حياة الإنسان التي تقدمت في أهميتها على ما عداها. إضافة لإنفاق عشرات المليارات لتغطية تكاليف الفحص والعلاج الباهظة التي تكفلت بها الدولة مجانا للمواطنين والمقيمين (30 مليون نسمة). ومن عدد إصابة يومي بلغ خمسة آلاف في منتصف مايو (آيار) الماضي، نصل اليوم إلى حاجز المائة فقط مع بداية ديسمبر (كانون الأول). رحلة شاقة وتكاليف كبيرة على الحكومة والقطاع الخاص، لكن مرة أخرى حياة الإنسان أغلى ثمناً. لم يتوقف التعليم في أي فترة رغم تحديات الأعداد الكبيرة للطلبة، لأن البنية التحتية للتقنية قوية ورفعت من حالة استنفارها، لم يكن ذلك أمراً هيناً. حتى قمة مجموعة العشرين نجحت بامتياز في جدول أعمالها ومخرجاتها رغم التباعد. امتحانات صعبة عبرت خلالها السعودية، ولم أجد، رغم المتابعة، دولة استطاعت تجاوز مثل هذه الصعاب، من التزامات دولية وحماية ملايين البشر في مساحة واسعة.
ما ينتظره الناس اليوم هي أخبار سارة، تنبئ بزوال الغمة وانقشاعها، والتمتع بحرية التصرف والحركة كما في السابق. لكن علينا التذكير، أن النجاح في الوصول إلى اللقاحات، ومن ثم النجاح في نقله إلى السعودية وغيرها من الدول، هي مرحلة مفصلية تحتاج إلى خطة عمل دقيقة لضمان التوزيع العادل، والرياض التزمت في قمة العشرين مع بقية دول المجموعة أن تنال الدول الفقيرة نصيبها من اللقاح الذي يكفل لها النجاة. المسؤولية على السعودية تشمل السعوديين وغيرهم من مقيمين على أرضها أو خارجها، وهذا قدر الكبار ولا مناص منه ولا شكوى. أما في الداخل فوزارة الصحة مع الجهات المختصة كوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والداخلية والتعليم، فستتكفل بتنفيذ الخطة إن اعتمدت هيئة الغذاء والدواء اللقاح المناسب. هذا يعني أننا نحتاج مزيدا من الوقت، ولا حاجة للعجلة، لأن العبرة دائما بالخواتيم.
سيتاح السفر وسنسعد بالعودة إلى الحياة المعتادة، لكن يتبقى علينا القليل من الصبر حتى يكون العالم أكثر أمناً، والسفر قاضٍ للحاجات وليس جالباً للأزمات. خطة توزيع اللقاح ستكون محكمة، وستكون التقنية شريكاً أساسياً في تنظيم العملية، مثلما كانت خلال هذا العام في إجراءات الفحص والمعاينة والإبلاغ عن الإصابات. شخصياً، لا أنصح بالاستعجال، النور في آخر النفق، لكن علينا أن نمشي إليه بحذر وتؤدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمل اللقاحات وانفراجة الأزمة أمل اللقاحات وانفراجة الأزمة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon