توقيت القاهرة المحلي 00:06:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مسقط... رؤية مختلفة

  مصر اليوم -

مسقط رؤية مختلفة

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

رغم ما يبدو على السياسة العمانية من هدوء وحذر في المواقف والتصريحات، لكنها في حقيقة الأمر هي الدولة العربية الوحيدة التي تملك علاقات جيدة مع الأطراف الرئيسية المؤثرة في المنطقة: دول الخليج، إيران وإسرائيل. والذي يميز السلطنة عن غيرها من الدول التي حاولت أن تتخذ الوضع نفسه، أنها واضحة، وتمارس سيادتها في منهجها السياسي علناً دون إخفاء أو مراوغة أو تبرير لأحد، بعلاقات في النور وبشكلها الرسمي. وهذه العلاقات مع الأطراف المتناقضة تمارسها السلطنة لأهداف قد لا ترضي الآخرين ولكنها كافية بالنسبة لها.
ولأن مسقط في هذا الموقع، فهي تحاول أن تؤدي دور الوسيط في القضايا الرئيسية؛ الحرب في اليمن، القضية الفلسطينية، والعقوبات الاقتصادية على إيران. أهم ثلاث قضايا على الساحة. وسواء نجحت أم أخفقت في هذا الدور فهذا لا يغير من واقع أن السياسة العمانية لها رؤية مختلفة حول ما هو محظور وما هو مقبول بالنسبة لعلاقاتها الدولية. وعلى هذا الوجه، تختلف مسقط عن معظم دول الخليج في الموقف من إيران؛ العدو المباشر لمعظم الدول الخليجية، لكنها ماضية في علاقة تنظر إليها أنها علاقة تاريخية منذ عهد الشاه محمد بهلوي الذي قدم مساعدة إلى السلطنة أسهمت بشكل مباشر في استقرارها. وفقاً لهذا الأساس، تسير السلطنة في علاقتها مع إيران رغم كل ممارساتها العدائية ضد دول المنطقة، وسوء سمعتها الدولية.
زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته إلى مسقط قبل أيام هي جزء من الصورة الخاصة التي تنفرد فيها عمان عن بقية الدول. الزيارة بثتها القنوات التلفزيونية الرسمية، في مشهد قلما يندر أن نراه.
إقامة علاقة مع إسرائيل ليس هو لب المشكلة، فهي أمر واقع، وجزء من منطقة الشرق الأوسط، وللعرب معها خلاف يفترض أن تحاول كل الدول العربية والقوى الدولية حسمه أو الخوض فيه، كل دولة بحسب ما تستطيع أن تقدمه، وبالنهاية حل المشكلة هو لصالح الفلسطينيين والعرب بالدرجة الأولى. وقد سرت الكثير من الشائعات حول المغزى العماني من دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة مسقط؛ هل هو بهدف حلحلة الموضوع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس مشروع المبادرة العربية أو ما سمي بصفقة القرن؟ أم لأجل الوساطة لصالح إيران قبل أقل من أسبوع على فرض عقوبات أميركية غير مسبوقة عليها؟
فيما يخص القضية الفلسطينية، فيمكن القبول بوسيط عربي مثلما نقبل بالوسيط الأميركي أو الأوروبي، وإن افترضنا جدلاً أن القضية الفلسطينية من ضمن أجندة مسقط مع نتنياهو، وأيا كان مشروع السلام المطروح، فإن مصر حجر أساس في المفاوضات المنشودة، والسعودية أساس في القبول بالحل النهائي فيما يتعلق بوضع القدس. لكن تظل أي خطوة من أي طرف عربي أو غير عربي في اتجاه السلام مقبولة ومقدّرة.
ولا نستطيع أن نتجاهل أن الزيارة الفريدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي جاءت في توقيت حساس للمنطقة، نظراً لاقتراب موعد العقوبات الاقتصادية على تجارة الطاقة في إيران، ومراقبة منافذها لفرض حصار على التصدير، والتي يبدو أنها تستجدي التريث الأميركي من خلال الوساطة العمانية، بعد محاولات تهدئة فاشلة في لهجة التصريحات الإيرانية مؤخرا واستعدادها للحوار مع واشنطن، حتى إن وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف صلى من أجل القتلى اليهود في حادثة بنسلفانيا الأخيرة.
من وجهة نظري، أن الوساطات أياً كان نوعها وفي أي ملف كان، بالإمكان إتمامها سراً بعيداً عن الأضواء الإعلامية ودون أن تتعرض المسألة لنقد الشارع العربي، لكن ربما تريد مسقط بناء صورة ذهنية جديدة عن دور عماني في القضايا الكبرى بدءاً من كسر حاجز الممنوع بينها وبين إسرائيل، وأن تظهر شجاعة في تبيان مواقفها، بخلاف مثلا قطر التي تكتمت عن علاقتها بإسرائيل قبل عشرين عاماً، وبعد أن تكشفت مع الوقت اضطرت لتبريرها بأنها صلات تجارية من خلال المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة، وأن هذه العلاقة ستصب في مصلحة الفلسطينيين. وبطبيعة الحال لم تصب، بل حفرت هوة بين الفلسطينيين أنفسهم بانحياز نظام الدوحة إلى الفصائل المسلحة كالجهاد الإسلامي وحماس مع الإبقاء على علاقات وطيدة تجارية مع تل أبيب، علاقة بلا مبدأ.
بالنهاية، لا أحد من حقه المزايدة على الآخرين سواء عمان أو غيرها، في القضايا القومية أو الوطنية، طالما لم تمس مصالح الغير ولم تتضرر. سلطنة عمان لها أن تختار من الأصدقاء من تشاء، وأن تكون شريكاً في أي عمل سياسي، لكن يبقى الخط الفاصل هو مراعاة الأمن القومي لأي دولة أخرى.

نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسقط رؤية مختلفة مسقط رؤية مختلفة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026

GMT 05:40 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ديكور منزل هيفاء وهبي في بيروت يخطف الأنفاس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon