توقيت القاهرة المحلي 19:45:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مرحلة التحصين ضد غزوة الفيروس

  مصر اليوم -

مرحلة التحصين ضد غزوة الفيروس

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

التخوف الحاصل بسبب تحوّر فيروس «كورونا» الذي أطلق عليه اسم SARS - CoV - 2 تخوف مبرر؛ نظراً لتوقيت حدوثه الذي تزامن مع بشائر إنتاج اللقاح وتوزيعه. لكن في الواقع، المخاوف مبالغ فيها لسبب بسيط، وهو أنَّ تحور الفيروس لم يتوقف أصلاً منذ اكتشافه قبل عام، وبالتالي هي عملية حيوية طبيعية ستستمر مثلما يحصل مع فيروس الإنفلونزا، ولقاحه الذي يتجدَّد تبعاً لتحور الفيروس المسبب. الطفرات أو التحولات سلوك طبيعي لكل الكائنات الحية، الهدف الأساسي منه هو التكيف من أجل النجاة. لكن نسبة وقوع التطفرات ضئيلة بشكل عام يتراوح متوسطها ما بين 1 إلى مليون، إلى 1 إلى 10 مليارات فرد في الجماعة، لكن هذا المدى الواسع تحكمه عوامل أهمها طبيعة الكائن الحي. والفيروسات عموماً من أكثر الكائنات الحية تطفراً، نظراً لعدم ثبات مادتها الوراثية، أي الجينات، ولأنها تفتقر عموماً إلى آلية إصلاح الطفرات التي عادة ما تحمي الكائنات الأخرى من نجاح التحور.

في الحالة التي أمامنا، وهي فيروس «كورونا»، فإنَّ اللقاحات التي تم تصنيعها ناجعة بشكل كبير، وأغلب الدراسات المنشورة تذكر أنَّ التحولات التي لحقت بجينات الفيروس ليست ذات أهمية تذكر، وأنَّ اللقاح يمكن أن يحتويها. لكن ما يهم ذكره في هذا الجانب، أنَّه لو حصلت في المستقبل طفرات تؤثر على قوة اللقاح فإنَّ التعديل عليه لا يعني أنَّنا سنبدأ من الصفر، لأنَّ الشفرة الوراثية للفيروس أصبحت معلومة، والكشف عن مكامن الطفرات أمر سهل لأن النسخة الأصلية موجودة ويمكن المقارنة بها، وتحديد موقع وتأثير التحول وبالتالي التعديل على اللقاح الذي تم تصنيعه من الشفرة الوراثية نفسها.

هذا من الناحية العلمية. أما من جهة البدء في تلقي اللقاح في بعض دول العالم ومن أولها المملكة العربية السعودية فقد بدأ وفق نظام إلكتروني متصل بمركز المعلومات، أي أنَّ تسجيل طلب اللقاح وتتبع أخذ الجرعتين لكل مواطن أو مقيم سيكون ذلك موثقاً في ملفه الشخصي لدى الدولة. وهذا أمر مهم ليس فقط للحكومة التي تتابع عن كثب سير عملية التطعيم، وتجتهد للوصول إلى تطعيم بنسبة 70 في المائة من السكان لتكون قد حققت ما يسمى المناعة المجتمعية، لكن أيضاً هذه البيانات تهم كل فرد، لأنَّها شهادة له أنه ليس مصدراً للخطر على الآخرين ولا على نفسه، وهذا ما سيشجع الحكومة لتخفيف الاحترازات خاصة المتعلقة بالسفر إلى الخارج. السفر من أبرز الأضرار التي لحقت بالناس، سواء كان الهدف منه العلاج أو الدراسة أو العمل أو حتى الاستجمام، وربط السفر بالحصول على وثيقة تثبت تلقي صاحبها لجرعتي اللقاح هو جواز سفر آخر ملزم للمغادرة. لكن في الوقت الراهن، من المهم أن تكون عملية التطعيم محكمة الإغلاق، أي من دون تدخل عوامل أخرى ومنها السفر للخارج. إغلاق مرحلة التطعيم يعني محاصرة الفيروس بالتحصين، ليكون بعد ذلك ضعيفاً ويختفي مع الوقت. أما رغبة الدخول للمملكة خاصة لهدف العمل فهو أمر معمول به منذ فترة ويتم فحص القادمين من دون إرباك، كما ويمكن للعائدين الانضمام للحشود التي تسجل طلب اللقاح وتنتظر دورها.

قد تكون بداية التطعيم شابها بعض المخاوف وتردد الكثير في تسجيل الطلب، لكن مع ظهور قيادات الدولة وعلى رأسهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وهو يتلقى الجرعة الأولى، كان دافعاً لتسجيل الكثير من المواطنين والمقيمين، وشهدت الفترة الأخيرة ارتفاعاً في تسجيل الطلبات صاحبه زيادة عدد الذين تلقوا الجرعة الأولى، وخلال أسبوع ستبدأ مرحلة تطعيم الجرعة الثانية. الأمور تسير حتى الآن بوتيرة جيدة جداً، رغم التحدي الكبير الذي يواجه الحكومة لتوفير حوالي 22 مليون جرعة، وقد يكون من خلال لقاح فايزر الذي بدأنا به أو اللقاحات المعتمدة الأخرى. ومن وجهة نظري أرى أن من الأفضل تنويع اللقاحات باستخدام لقاح شركة موديرنا وأسترازينكا من أكسفورد، لأنها بمجموعها أثبتت كفاءتها، وحتى تكون عملية التطعيم من أكثر من لقاح أكثر فاعلية.

من يسكن السعودية واستخدم التطبيق الإلكتروني للتسجيل ثم ترشح لأخذ الجرعة وذهب إلى مركز التطعيم، سيشهد عملاً مذهلاً غير مسبوق من حيث الحفاوة والتطمين والتنظيم والتدقيق وسرعة الإنجاز. عمل كبير تقوم به وزارة الصحة لم أرَ له مثيلاً حتى في الدول المتقدمة.

شخصياً، عندما دخلت لمركز أخذ اللقاح لفت نظري أنَّ غالبية العاملين من السعوديين، ومعظم هؤلاء السعوديين من النساء، سواء في الاستقبال أو التمريض. التساؤل الذي خطر لي؛ ماذا لو لم يتم الاستعانة بهذا العدد الكبير من الموظفات في مثل هذا الظرف؟ الأكيد أن الدولة ستضطر لجلب موظفين من خارج المملكة للاستعانة بهم وهو أمر مكلف، والأكيد أن هؤلاء الفتيات سيكتسبن مزيداً من المهارات في ظل هذه الجائحة. استراتيجية المملكة الجديدة بتمكين المرأة في مجال العمل، فتح بيوتاً تقوم على مرتبات هؤلاء الموظفات، وجعل منهن شريكات في دعم وخدمة الناس في هذا الوقت الحساس. هذا هو التصويب الكبير الذي حصل للمرأة السعودية في هذا العهد، بدلاً من أن تظل عاملاً معطلاً، أو تلاحق وظائف التعليم التي أتخمت بمن فيها.

في حالات كثيرة الأزمات تصنع فرصاً، والمحن تقدم حلولاً، لمن يقتنصها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرحلة التحصين ضد غزوة الفيروس مرحلة التحصين ضد غزوة الفيروس



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon