توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تستطيع الرياض تصفير النزاعات؟

  مصر اليوم -

هل تستطيع الرياض تصفير النزاعات

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

السلام مكلفٌ؛ لأنَّ إرادة السلم أغلى بكثير من ميزانية الحرب. ومهما بدت لنا الجهود في حل النزاعات وحلحلة الاحتراب فإنَّه جهدٌ جماعي، والشجاع من يعلّق الجرس. السعودية أقدمت على خطوات مفاجئة غيَّرت من قواعد اللعبة، حينما قرَّرت أنَّ السلام في المنطقة، مهما بلغت تكلفته، هو السبيل لحل المعضلات الشائكة التي جعلت من منطقتنا ساحة للنزاع والاقتتال. الخلاف بين الرياض وطهران تاريخي، آيديولوجي بالدرجة الأولى، لا شيء يمكنه حل هذا الخلاف لأنَّ الآيديولوجيا عدوة صريحة للسلام، لكن القفز فوق الخلاف لأجل تحقيق المصلحة هو ما ارتكزت عليه الرياض، وكانت طهران في أمس الحاجة إلى حل يسقط من السماء لينقذها من تدهور خطير في أوضاعها الاقتصادية.
لا شك أنَّ العلاقة الموتورة مع إيران تسببت في صراعات توسعت إلى أكثر من عاصمة عربية؛ صنعاء، دمشق، بغداد، بيروت، وكادت تمس المنامة. المشهد في العالم العربي مؤلم بسبب ممارسات نظام الحكم في طهران، لكن حتى هذه الأخيرة خرجت من هذه النزاعات مرهقة جريحة؛ لذلك جاءت الوساطة الصينية، ليس لحل الخلاف بين الرياض وطهران، إنما لإحلال المصلحة فوق كل ما حدث في العقود الماضية. قبلت الرياض وطهران بالوساطة التي جاءت من دولة صديقة مشتركة، لها ثقلها السياسي والاقتصادي في العالم. وليس فقط إيران، واعتداءات إسرائيل، عقدة المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية هي أطماع بعض السياسيين العرب في التوسع؛ صدام حسين وعبد الناصر، حتى أصبحت كل النزاعات مرتبطة بنيّة وطمع التوسع والنظر للجار بعين السارق. المزاج الجديد الذي تعيشه المنطقة اليوم هو الحديث عن مصالحات وعودة العلاقات المبتورة. حديث لم نسمعه من قبل. الإيجابي في هذه الأجواء أن الكل بدا وكأنه كان ينتظر من يبدأ بدعوات السلام، بلا مكابرة ولا نكران، كل دول المنطقة في حاجة إلى من يضع أمامها فرص الحلول السلمية. ربما المفاجأة التي لم تتوقعها عواصم القرار في العالم هي أن السعودية تتقارب مع إيران التي ترزح تحت العقوبات، وإسرائيل مصدومة من هذا التقارب، ويُقال إن إسرائيل هي الأخرى كانت تنتظر من السعودية هذا التقارب، وفقاً للاشتراطات السعودية التي أملتها الرياض على واشنطن، ثم تفاجأت بالوساطة الصينية. لكن لنكن واقعيين، صراع إيران الحقيقي لم يكن ضد إسرائيل، مهما قيل عن مقاومة «حزب الله» أو «حماس» أو «الجهاد الإسلامي»، كلها مجتمعة لا تقارن بما حصل في سوريا واليمن من قتل وتشريد ودمار. لذلك؛ نرى جهود الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، مكثفة في كل الاتجاهات لإعادة ترتيب البيت العربي، كوسيط لترسية الأمن والاستقرار في اليمن، وإعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، ولم شمل القيادات الفلسطينية المتناحرة منذ 2007.
ما حصل في الماضي سطره التاريخ ولن يتغير، بكل استحقاقاته الأخلاقية، لكننا اليوم بين خيارين؛ أن يستمر العنف وسفك الدماء، وبين إرادة السلام التي تحتم تنازلات من كل الأطراف. وإذا قيل إن السعودية منتفعة؛ لأنها ستحل مشكلة على حدودها، فإن سعيها لحل معضلة سوريا والتفكك الفلسطيني لا علاقة له بالحدود. وللإنصاف، السعودية منشغلة بتحول اقتصادي هائل، وتعيش فترة مزدهرة من النمو، وتستطيع أن تتعايش مع الإشكال اليمني وهدن متعددة لوقف إطلاق النار لسنوات عديدة، لكن مساعي الرياض الحثيثة لرأب الصدع تأتي من مبدأ تعميم الخير والسلم على الجميع، والذي سيكون أرضاً صلبة للدول الجريحة لتنهض اقتصادياً واجتماعياً.
كل دولة حشرت أنفها في دولة أخرى طمعاً في النفوذ، ارتدت عليها أطماعها بالكوارث، لكن الرياض اليوم تمد يدها للجميع للقفز في القطار. هل تستطيع الرياض وحدها حل كل نزاعات المنطقة؟ لا شك أن ما تقوم به من تحركات مكثفة جاءت بنتائج مذهلة وسريعة بدأت في اليمن، وهذا يرجع إلى ما نعلمه من ثقل سياسي واقتصادي للمملكة، لكن السلام عامل مشترك، حتى الولايات المتحدة رغم هيمنتها لا تستطيع أن تجلب السلام لدول لا ترغب فيه.
يقول الأديب الروسي تولستوي «إن الإنسان يستطيع أن ينقذ شخصاً لا يرغب في الهلاك، أما إذا فسدت طبائع الشخص، حتى أصبح يرى في الهلاك نجاته، فما الذي يمكن عمله؟».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تستطيع الرياض تصفير النزاعات هل تستطيع الرياض تصفير النزاعات



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon