توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من قتل الشيخ أحمد ياسين؟

  مصر اليوم -

من قتل الشيخ أحمد ياسين

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

لم يكن سراً أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يعمل منذ عقود على تجنيد عملاء له من الداخل الفلسطيني. موضوع العمالة لإسرائيل موضوع حساس، لم يكن طرحه إعلامياً سهلاً بالنظر إلى أن إسرائيل هي العدو الأول للعرب؛ خصوصاً بعد هزيمة 67 التي كسبت فيها إسرائيل أراضي لم تحلم بها: القدس كاملة، وشبه جزيرة سيناء، والضفة الغربية.
التطرق لعملاء يعملون لصالح إسرائيل من حركات تسمي نفسها مقاومة، مثل «حماس» أو «الجهاد الإسلامي» أو «حزب الله» اللبناني، كان من المحرمات، والمساس بهذا المحرم يعني خيانة للقضية، واصطفافاً إلى جانب العدو.
قبل أيام، كشفت قناة «العربية» الإخبارية عن اعتقال حركة «حماس» لستة عشر عضواً من أعضائها، بينهم من ينتمي لجناحها العسكري (عز الدين القسام) بتهمة التخابر مع إسرائيل. صحيح أن الحركة نفت؛ لكن ما بثته «العربية» هو ما نعرفه دائماً، أن العمالة لإسرائيل متغلغلة في حركات المقاومة. وسبق لـ«حماس» عام 2017 تنفيذ حكم الإعدام في ثلاثة فلسطينيين بتهمة اغتيال مازن الفقهاء، القيادي في «كتائب القسام» بعد اتهامهم بالقتل والتخابر مع إسرائيل.
تل أبيب نجحت بشكل ملموس في تجنيد ما يكفي من العملاء الذين استندت إليهم كمصادر معلوماتية ساهمت في تنفيذ عمليات اغتيال لشخصيات مهمة، مثل الشيح أحمد ياسين، مؤسس حركة «حماس». الشيخ ياسين تعرض لمحاولتي اغتيال قبل المحاولة الثالثة التي انتهت بمقتله، وفي المرتين السابقتين كان من الصعب رصدهما؛ خصوصاً الأولى التي كانت اجتماعاً سرياً بين الشيخ ياسين وقياديين عسكريين في أحد المباني. المبنى تعرض لصاروخ موجه؛ لكن الشيخ كان قد خرج قبل ذلك بدقائق قليلة. ثم كانت المحاولة الثانية التي رصد فيها الشيخ ياسين وهو في طريقه لزيارة عائلية ولم يتم ضربه. أما الثالثة الأخيرة فكانت عند خروجه من المسجد فجراً. كيف علمت إسرائيل بكل تفاصيل تحركات الشيخ ياسين؛ خصوصاً مع حرصه بعد فشل محاولة الاغتيال الأولى على أن تكون تنقلاته محدودة وإقامته سرية، إلا للمقربين؟
عبد العزيز الرنتيسي الذي حل محله لم يتم الشهر حتى هوجم هو أيضاً بصاروخ أدى إلى مقتله. بهاء أبو العطا، وهو قيادي في «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، استهدفه صاروخ أثناء وجوده في مبنى في غزة. ومثله حامد الخضري، رجل إيران في «حماس» الذي قتل باستهداف سيارته في مركز مدينة غزة.
عمليات كثيرة لصالح إسرائيل كانت تتم بدقة في الأراضي الفلسطينية أو لبنان أو سوريا. إحداثيات مواقع التصويب لا يمكن لإسرائيل معرفتها إلا بمصادر من الداخل؛ خصوصاً مواكب السيارات التي تقصف خلال وقت زمني محدد.
حكايات طويلة لاغتيالات تمت داخل الأراضي العربية، بعد توفر معلومات من مصادر في الداخل، وبعضهم يشارك عملياً في عملية التصفية، كما حدث لعماد مغنية الذي زرعت قنبلة خلف رأسه، أعلى مقعد السيارة، وهو في دمشق.
لا أجد مبرراً للتعجب من الخبر الذي بثته «العربية». إنه جزء من الحقيقة التي نخجل أن نعترف بها، وهي أن إسرائيل تعتمد بشكل كبير على مصادرها العربية في تنفيذ عملياتها.
قناة «العربية» ذكرت ضمن تقريرها هروب رئيس الكوماندوز البحري محمد أبو عجوة، عبر قارب بمساعدة إسرائيل وهو يحمل وثائق مهمة، وهو عميل لإسرائيل منذ عشرة أعوام، وهذه الوثائق قطعاً تدين «حماس»، وربما لها ارتباط بالهجوم على الجهة الشرقية من الأراضي المصرية. من يدري! فنحن في زمن التسريبات الصوتية والورقية.
هذه المعلومات التي انكشفت تفاصيلها علناً، تؤكد أن العمالة داخل الحركات الإسلامية لا تتضمن عناصر من القاع فقط؛ بل حتى على مستوى قمة الهرم. هناك من القيادات نفسها من تآمرت ضد دولها لصالح المال الإيراني أو القطري، ظلمات بعضها فوق بعض. كم من حرب تورط فيها لبنان، أو غزة، بسبب قرارات قياديين فيها بدفع من المرشد الإيراني أو الصراف الإلكتروني في نظام قطر! وإلا من كان يتخيل أن حركة «حماس» التي أسسها أحمد ياسين تتلقى رواتب أعضائها من قطر عبر إسرائيل!
الميليشيات الراديكالية عموماً، يشكل لها المال عصب حياتها؛ ليس للإنفاق العسكري فقط؛ بل للمعيشة، هذا ما اضطر جماعة «الإخوان المسلمين» للخضوع للمال القطري، و«حزب الله» اللبناني لمد يده للناس لطلب المال، وهو ما استطاعت به إسرائيل شراء ذمم عملائها الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين.
تأملوا ما يحصل في ليبيا؛ الميليشيات التي كانت تعتمد عليها حكومة تركيا أصبحت تتقاتل فيما بينها بسبب المال، بعد أن قرر إردوغان التخلي عنهم والاعتماد على المرتزقة السوريين. لماذا تم التخلي عنهم بعد كل هذه التضحيات؟ لأنهم ورقة واحترقت، وواشنطن حذرت أنقرة بأنها لا تقبل أن تتشارك مع ميليشيات مشبوهة في معركتها ضد الجيش الوطني الليبي... ثمن بخس بيعت به هذه العناصر التي كانت تظن أن السلاح سيمنحها المنعة. في النهاية، تم رميهم على قارعة طريق، مفلسين، مالياً وأخلاقياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من قتل الشيخ أحمد ياسين من قتل الشيخ أحمد ياسين



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon