توقيت القاهرة المحلي 06:00:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مجدداً... الأوروبيون يخذلون ظريف

  مصر اليوم -

مجدداً الأوروبيون يخذلون ظريف

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

الطريقة التي نعرفها عن نظام الحكم في إيران، وكيف يعبر عن نفسه دولياً، أنه يصطنع الطريقة المتناقضة في الإدلاء بالتصريحات. فقد نسمع من المرشد الأعلى علي خامنئي تصريحاً عن قضية جارية، ورأياً معاكساً من البرلمان الإيراني أو الخارجية في القضية ذاتها. الهدف من التصريحات المتضاربة التشويش على الرأي العام الدولي، وتعزيز انقسام القوى الكبرى حول إيران. وقد نجحت حتى الآن في تأسيس آراء متناقضة، وبناء زوايا متقابلة حول سياستها في المنطقة.
قبل كشف قوات البحرية الملكية البريطانية تهريب إيران للنفط إلى بشار الأسد، عن طريق ناقلة النفط «غريس 1» ثم احتجازها في مضيق جبل طارق، كانت العلاقة الإيرانية الأوروبية جيدة إلى حد ملموس، وكانت الدول الأوروبية الممثلة في الاتفاق النووي هي الملجأ الوحيد لطهران، لمحاولة إحداث شرخ في الموقف الأميركي الصلب، يتيح لها تصدير النفط ولو بطرق أكثر تعقيداً وأعلى تكلفة. الأوروبيون أنفسهم عارضوا إدارة الرئيس الأميركي ترمب في عقوباته الاقتصادية الثقيلة، ببساطة لأنهم يدافعون عن اتفاقية شاركوا شخصياً في توقيعها، ومن المحرج أن يظهر الموقف الأميركي أكثر تأثيراً، ويترك الأوروبيين وحدهم يتعاملون مع الإحباط والغضب الإيراني.
إلى درجة كبيرة كان الموقف الألماني - الفرنسي - البريطاني متعاطفاً مع إيران، وحاولوا جاهدين خلق ميكانيكية مصرفية بديلة للتبادل التجاري بين الدول الثلاث وإيران، بهدف حماية الشركات الأوروبية التي تعمل في إيران؛ لكنها فشلت. كان النظام الإيراني يهدد الأوروبيين بالانسحاب من الاتفاقية إن لم يجدوا حلاً لتعويض الأضرار، وفي الوقت نفسه كان وزير الخارجية جواد ظريف يقدم رجلاً، ويؤخر أخرى في إعلان رغبته في التفاوض مع الأميركيين.
والحقيقة أن بريطانيا التي يعتقد البعض أنها مالت إلى كفة ترمب بتوقيفها لناقلة النفط الإيرانية «غريس 1» في جبل طارق، فعلت ذلك لأن الاتحاد الأوروبي يحظر تصدير النفط لنظام بشار الأسد، وليس بسبب العقوبات التي فرضتها إدارة ترمب. مع ذلك كان من المتوقع أن تحافظ طهران على علاقتها الجيدة مع الأوروبيين؛ لأنهم الطرف الوحيد المرن في المعادلة؛ لكنها اتخذت الخطوة واحتجزت ناقلة نفط بريطانية «ستينا إمبيرو» في المياه العمانية، رداً على احتجاز ناقلتها.
لكن السؤال هنا: لماذا لم تحرر إيران الناقلة البريطانية عندما تحررت «غريس 1» من جبل طارق؟ إن كانت هذه بتلك - كما أوضح جواد ظريف - فلماذا لا تزال السفينة البريطانية محتجزة؟ في رأي النظام الإيراني أن تكرار القرصنة أمر مكلف، وعرضة للفشل وربما للاشتباك المسلح، إنما احتجاز ناقلة والإبقاء عليها كما هي اليوم راسية في ميناء بندر عباس، أفضل من مهاجمة مزيد من السفن في الخليج، فالهدف في النهاية هو إرباك المشهد الأمني، والسفينة المحتجزة كافية للضغط على الأوروبيين الذين تراهم طهران أكثر مرونة وأقل صلابة في الموقف ضدها من الأميركيين.
جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، طار إلى بياريتز، مقر اجتماع دول «السبع»، مدعواً من الرئيس الفرنسي، لبحث الموقف الإيراني من الأحداث الجارية، وأهمها الناقلة المحتجزة. بالنسبة لإيران، هذا المكان والزمان هو أفضل ما حصلت عليه منذ ورطتها بانسحاب ترمب من الاتفاق النووي.
في بعض الأحيان يكون الظرف الزماني والمكاني أهم من المناسبة، فالأطراف المعنية كلها حاضرة، ورئيس وزراء بريطانيا الجديد بوريس جونسون موجود، ومطالب من الجيش البريطاني بحل مشكلة الناقلة المحتجزة. وعلى الرغم من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يظل موقف الأوروبيين مسانداً لها ومندداً بحادثة احتجاز الناقلة، وسيطلب ماكرون من ظريف إطلاقها. وهناك أخبار عن فكرة صفقة فرنسية لإيران تسمح لها بتصدير مؤقت لنفطها مقابل وقف تهديداتها للملاحة، وربما يسمح لها بتفريغ حمولة سفينتها التي تطوف البحر الأبيض المتوسط منذ أسبوع، وبيع نفطها مقابل فك احتجاز الناقلة البريطانية، إن رضي ترمب الذي يدعم صديقه جونسون سياسياً واقتصادياً أمام الأوروبيين. وإن سُمح لإيران بذلك، فهذا لن يخفف من اختناقها؛ بل يؤكد أنها وصلت لضيق مالي غير مسبوق، جعلها تخاطر بتهريب أقل من مليوني برميل نفط؛ أي نصف ما كانت تصدره يومياً قبل العقوبات، من أجل مساعدة حرسها الثوري في سوريا.
في كل الأحوال، ظريف الذي سافر سراً إلى بياريتز لبحث فرصة للتفاوض، معضلته أكبر من ناقلة، ولن يستطيع الرئيس الفرنسي أن يقدم له حلولاً لأزمته، ما لم يختر الجلوس مباشرة مع الإدارة الأميركية، وبحث خريطة طريق جديدة.
أستراليا انضمت إلى فرنسا وبريطانيا وألمانيا في تأمينها لمرور السفن في الخليج، وسيكون الوجود العسكري الدولي المكثف عبئاً على إيران. أما دول الخليج فهي أمام أحداث متسارعة تحتم عليها توحيد الموقف والجهود؛ لأن الواقع يقول إن برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، ووجودها العسكري في البلدان العربية أشد خطراً من الرأس النووي التي تسعى إليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجدداً الأوروبيون يخذلون ظريف مجدداً الأوروبيون يخذلون ظريف



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:49 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف
  مصر اليوم - سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف

GMT 10:29 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

نيكول سابا تعلق على دورها في "وتقابل حبيب"
  مصر اليوم - نيكول سابا تعلق على دورها في وتقابل حبيب

GMT 01:34 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

دعاء اليوم الثامن من رمضان

GMT 09:10 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

GMT 19:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش

GMT 02:52 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

السعودية تعلن ارتفاع استثماراتها في مصر 500%

GMT 22:37 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

العثور على جثة مواطن مصري متعفن داخل شقته في الكويت

GMT 19:36 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

اغتصاب وقتل طالبة إسرائيلية على يد مغني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon